لا غرابة في أن تتزايد الضغوط على سوريا ولا غرابة في أن ترتفع سقف المطالب الغربية من الدعوة لتغيير سلوك النظام وفك العلاقة مع إيران الى تغيير النظام نفسه، وما المظاهرات والإحتجاجات اللاعفوية ذات الصبغة الطائفية وحتى القومية في بعض المناطق التي تشهدها سوريا بين الحين والآخر إلا حلقة من حلقات هذا التآمر الذي يستهدف آخر قلاع العروبة والمقاومة ودرعها الحصين، لقد جن جنون الغرب وهو يرى بأم عينه كيف تهاوى أقوى حلفاءه في المنطقة بعد الكيان الإسرائيلي وهو النظام المصري مما أدى الى إختلال التوازن بين ما يسمى بمحور الإعتدال والذي كانت نواته مصر في زمن نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك لصالح محور الممانعة والذي تُكًون سوريا الأبية نواته، فأراد هذا المستعمر الطامع وبخبثه المعهود أن يُعيد الروح والتوازن مرة أخرى الى ما يسميه بمحوره المعتدل.فكانت خطط المستعمر وأبواقه في المنطقة هي العمل على إستنساخ السيناريو الليبي المدمر على سوريا وتكون درعا كبنغازي نقطة وقاعدة لإنطلاق شرارة التمرد لكونها مدينة حدودية بعيدة عن دمشق العاصمة نسبيآ حيث يسهل نقل الإمدادات لها والتواصل معها، ولا ضير أن يقوم الغرب بتقديم بعض الدعم اللوجستي لبعض الجماعات التكقيرية المتشددة طالما إن الهدف السيتراتيجي البعيد المدى هو الفوضى الشاملة التي تنتج كيانات طائفية متناحرة.
إن العدوان على سوريا هو عدوان متشعب بصفحات ووجوه متعددة، ووسائل الإعلام وبعض الفضائيات وخاصة العربية منها المرتبطة بالأجنبي والممولة من بعض مشيخات الخليج هي إحدى صفحات هذا العدوان حيث أن دورها يقوم على شن حملات مكثفة ومبرمجة موجهة ضد سوريا عن طريق تلفيق الأخبار المتعلقة بهذا البلد وفبركتها، وقلب الحقائق وتزويرها ونسج قصص من الخيال غير منطقية ولا تمت للواقع بصلة والهدف من ذلك وكما هو مرسوم لهذه الأدوات تأجيج الأوضاع وبقاء هذا الملف ساخنآ لتهيئة الأجواء لضربات أطلسية بحجة حماية المدنيين الذين يتساقطون يوميآ ويراهم العالم من على شاشات هذه الفضائيات والتي لا ينكر بأتها حققت نسب مشاهدة عالية وخاصة عند تغطيتها للأحداث وللثورة الحقيقية التي أطاحت بالنظام المصري، لكن ما أن بدأت هذه القنوات بإستهداف سوريا بهذه الصورة القبيحة البعيدة كل البعد عن أية حيادية أو إحترام لقواعد مهنة الصحافة والإعلام،حتى إنخفضت شعبيتها وتراجعت أعداد مشاهديها، لقد أغفل القائمون على هذه القنوات أو تغافلوا أهم حقيقة وهي أن النظام السوري هو نقيض النظام المصري السابق وأن حسني مبارك هو ليس بشار الأسد، فالأول مطبع والثاني ممانع يرفض الذل والإستسلام.
لا أحد يرفض حق التظاهر السلمي الهادف الذي يرفع شعارات تطالب بالإصلاح السياسي والإقتصادي بشكل حضاري راقي لمعالجة مواطن الخلل وتصويب عمل الحكومة والنظام بشكل عام، لكن أن تتحول هذه الإحتجاجات الى فوضى وتخريب بشعارات طائفية تستهدف وحدة المجتمع، وبث الفتنة بين أبنائه، وتمزيق نسيجه الإجتماعي، وإستهداف رجال الأمن والجيش، وإحراق المؤسسات العامة والخاصة فهذه أمور لا يمكن بأي حال من الأحوال القبول بها أو السكوت عنها بل ينبغي التصدي لها بحزم وقوة لفرض هيبة الدولة وحماية الوطن والمواطن من العبث والعابثين، وأصحاب الأجندات الخفية.
[email protected]
- آخر تحديث :
التعليقات