في اليوم العالمي ضد عقوبة رجم مرأة 11 تموز .. أسئلة عديدة تطاردني .. أنا في الغربة .. أحمل حنين بلادي .. وأهمل هموم إنسانها .. وبالتحديد إنسانتها المسلوبة الإرداة .. والمقموعة تحت تبرير عدالة السماء .. والمرجومة تحت تبرير التطهير لها ولمجتمعها .. هل تستطيع نساء المنطقة العربية والإسلامية الوقوف مع هذه الحملة ضد الرجم .. هل نستطيع ان نقول بملىء أفواهنا وقلوبنا بأننا ضد ظلم المرأة وتعرضها لأقسى عقوبة بربرية شهدها التاريخ .. والتي ما زالت تطبّق في البعض من الدول الإسلامية.

هل نستطيع أن نقف متحدين أمام فقهاء الدين الذين يفسروا أهداف الله عز وجل في مجتمع يسودة العدل بأن هذه العقوبة لا يمكن أن تكون مشيئته لأنها تتناقض مع العدل والعدالة والرحمة والمساواة والتي هي صفاته المؤكدة في كل الكتب السماوية ..هل نستطيع أن نقنع منظمات العمل الإسلامية ببربرية هذه العقوبة وبأنها ومهما اختلف تفسيرها يجب أن تنسخ نسخا تاما من أي من كتب التراث وتدفن حتى لا يحييها أي منهم؟؟

أعلم بأن ما سأكتبه سيثر حفيظة رجال الدين .. ولكني أعترف بان هذا هو الهدف من هذا المقال .. فربما إثارة حفيظتهم ستجعلهم يفتحون علنا هذا النقاش ويرشدوا الدول التي تقوم بتطبيقه إلى مدى إجحافه وتحقيرة للمرأة .. وتحقيرة لنا كبشر في عالم بلا حدود .. والأهم أن قتله لروح العديد من النساء خوفا مما ينتظرهن .. إنما هو عملية قتل جماعي للمجتمع وللتنمية الإنسانية للمجتمعات ...وتقع عليهم مسؤولية إيقاف العمل به لأنه مخالف لروح كل الأديان؟؟

تعود هذه العقوبة البربرية إلى قوانين حمورابي منذ الآف السنين .. تبنتها فيما بعد الشريعة اليهودية .. وعملت بها إلى أن جاء المسيح وتحدى قومه حين أرادوا رجم إمرأة زانية .. quot;quot; من كان منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر quot;quot; .. من هنا حاول المسيح إرساء قواعد الرحمة قبل العقاب ..ولكنهم عادوا إلى تطبيقها بعد صلبه ... ثم جاء الإسلام وتبناها ؟؟ يقال في كتب التراث بأن النبي كان يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم ينزل فيه حكم قرآني.. وبرغم أن لا وجود لها في القرآن .. وأن النبي منع الأخذ بأي من الأحاديث من بعده .. وبأن هذه الأحاديث دونت في عصر إبن إسحق أي بعد 300 سنة من وفاة النبي.. إلا أن هناك العديد من قصص التراث تروي ما يلي من المتناقضات ومن قصص الخلفاء بما يترك الباب مفتوحا للتأويل والتفسير بما يتناقض مع روح الدين.

عديدون يقولون بأن حد الرجم غير موجود في النص القرآني المحفوظ والمتلو بيننا .. وأن رجم الزاني حكم توراتي تسلل إلى الإسلام عبر بوابة الحديث والروايات المتناقضة أصلا مع نفسها ومع القرآن.
ثم تنتقل إلى رواية.

أن النبي ( سلام الله عليه ) مر بيهودي محمما مجلودًا فدعاهم صلى الله عليه وسلم فقال أنشدك بالله الذي أنزل التوراة .. أهكذا تجدون حد الزاني في كتابكم .. فقالوا نعم .. فدعا رجلا من علمائهم فقال أنشدك بالله .. قال لا .. ولولا أنك أنشدتني بهذا لم أخبرك .. نجده في التوراة الرجم .. ولكنه كثر في أشرافنا فكنا إذا أخذنا الشريف تركناه وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد.. فقلنا تعالوا فلنجتمع على شيء نقيمه على الشريف والوضيع فجعلنا التحميم والجلد مكان الرجم ... فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : quot;quot; اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه quot;quot;.

الرواية الأخرى عن أبي هريرة قال : ( زنى رجل من اليهود وامرأة فقال بعضهم لبعض : اذهبوا بنا إلى هذا النبي فإنه نبي بعث بالتخفيف فإن أفتانا بفتيا دون الرجم قبلناها واحتججنا بها عند الله قلنا فتيا نبي من أنبيائك قال : فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد في أصحابه فقالوا : يا أبا القاسم ما ترى في رجل وامرأة زنيا فلم يكلمهم كلمة حتى أتى بيت مدراسهم فقام على الباب فقال : أنشدكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى ما تجدون في التوراة على من زنى إذا أحصن ؟ قالوا : يحمم ويجبه ويجلد والتجبية أن يحمل الزانيان على حمار وتقابل أقفيتهما ويطاف بهما قال وسكت شاب منهم فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم سكت ألظ به النشدة فقال : اللهم إذ نشدتنا فإنا نجد في التوراة الرجم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : فما أول ما ارتخصتم أمر الله , قال : زنى ذو قرابة من ملك من ملوكنا فأخر عنه الرجم ثم زنى رجل في أسرة من الناس فأراد رجمه فحال قومه دونه وقالوا لا يرجم صاحبنا حتى تجيء بصاحبك فترجمه فاصطلحوا على هذه العقوبة بينهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : فإني أحكم بما في التوراة فأمر بهما فرجما.

وفي رواية أخرى لأبي داوود .. أنه لهذا قال صلى الله عليه وسلم اللهم إني اول من أحيا ما أماتوه من كتابك .. ورواية أخرى لأحمد في مسنده .. اللهم اشهد أني أول من أحيا سنة قد أماتوها.

وفي رواية أخرى عن مسلم والبيقهي وأحمد.. أن الغامدية جاءت النبي ( سلام الله عليه ) , وقالت يا رسول الله طهرني , فأعرض عنها النبي صلى الله عليه وسلم , فقالت يا رسول الله : لعلك تردني كما رددت ماعزا , يا رسول الله طهرني من الزنا , فلما علم النبي صلى الله عليه وسلم أنها حامل ردها حتى تضع , فلما وضعت جاءت فقالت يا رسول الله : إني وضعت فطهرني , فأمرها صلى الله عليه وسلم فقال عودي حتى تفطميه , فعادت وجاءت به وفي يده كسر خبز.

أستطيع ان أتفهم طلب هذه المرأة في الجاهلية لأن يقيم عليها الحد .. فالخوف من الحياة ما بعد الموت هو ما يستعمله البعض من فقهاء الدين في العصر الحادي والعشرين .. فما بالك بخوف إمرأة عاشت الجاهلية وعاشت الإسلام.

ولكني أعود للقول بأن ما سبق لا يؤكد شيئا سوى بعض من القصص التي هي عن وعن وعن وعن وكلهم ذكور تقع في مصلحتهم العليا الإبقاء على سيطرتهم على المرأة الأضعف بحكم عدم تمكينها وإبقائها في سجون إستبدادهم وعالة عليهم ... ولكني كأمرأة أرفض أن أصدق مثل هذه الروايات عن النبي .. الذي جاء هدى ورحمة للعالمين .. والتي كلها قصص عن أناس مشكوك في صدقيّتهم.

هناك جد ل آخر بين الصحابة في موضوع الرجم .. فيقول البخاري في كتابه عن الحدود أن عمر بن الخطاب يصّر بأن هناك آية عن الرجم .. وكان يقول quot;quot; خشيت أن يطول بالناس الزمان حتى يقول قائل لا نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضه أنزلها الله .. ألا وأن الرجم حق على من زنا ألا وقد رجم رسول الله ورجمنا بعده .quot;quot;
وفي رواية أخرى عن عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه لما أتى بسراحة , وكانت قد زنت وهي محصنة .. فجلدها يوم الخميس .. ثم رجمها يوم الجمعه .. وأنه قال جلدتها بكتاب الله ورجمتها بسنة رسول الله؟

إن هذه العقوبة .. ليست سوى جريمة بحق المجتمع بأكمله .. لأنها تربي فية القسوة والإرهاب وتقتل مبدئي الرحمة والمغفرة وهما من أهم صفات الخالق.
نعم علينا فتح صفحة نقد ما يتعارض مع حقوق الإنسان لأنها حتما تتعارض مع مبادىء الدين .. وتتعارض مع مصلحة مجتمعاتنا.. وأن نحسن من صورتنا حتى أمام أنفسنا حماية لضمائرنا .. وحماية لمستقبل أبناؤنا.. نعم هناك علاقة محكمة ما بين التعليم والتغيير الذي نحن بحاجة إلية لتوعية العقل العربي .. لما فيه خيره وتقدمه ومصلحته .. وفي ظل إنتشار الإرهاب الديني الممثل بجريمة الرجم .. فعلينا إخضاع كل مقدس وكل تراث للنقد .. وإعتبار أن مثل هذه الأحكام الشرعية وضعت لزمانها ومكانها .. ولا يمكن إستمراريتها .. تبعا لقول النبي - أنتم ادرى بشؤون دنياكم.

أحلام أكرم - باحثة وناشطة في حقوق الإنسان