في ذات الوقت الذي تجتاح المنطقة العربية إنتفاضات شعبية عارمة لأول مرة في تاريخها الحديث حيث خرجت الشعوبالعربية تتحدى نيران أنظمتها القمعية غير عابئه بالقتل. متحدة بهدف واحد الإنعتاق من إستبداد سلطوي ولقمة عيش كريم.

في نفس الوقت تتحدى فية السلطة الوطنية الفلسطينية ولأول مرة .. هيئة الأمم المتحدة بكل أعضائها ال 193 لتوجة ضربة قوية إلى ضمير المجتمع الدولي ليصحو من غفوته في إغفال حقوقها وفي فشله في إلزام إسرائيل بالإلتزام بالشرعية الدولية .. وتتقدم بطلب لقبول عضويتها الكاملة كدولة سيادية تملك الأرض والشعب.

كلنا يعرف الأسباب التي حدت بالسلطة الوطنية لضرب العملية السلمية المتعثرة على مدى عشرون عاما .. وكلنا واع بمفاوضات المراوغه التي اتبعتها إسرائيل لتقويض العملية التفاوضية وفشل المجتمع الدولي في حث إسرائيل على الإلتزام بأي من القوانين الدولية التي أصدرها وعدم إستطاعته فرض أية عقوبات عليها .. أضف إلى ذلك فشل الرباعية في تثبيت عملية السلام وإلزام إسرائيل بوقف الإستيطان .. أو تغيير مجرى جدار العنصرية الذي يسرق في طريقة الأرض والمياه .. كثيرة هي الأسباب التي دعت السلطة الوطنية لإتخاذ هذا القرار .. ولكن يبقى أهم سبب .. حق الإنسان الفلسطيني في الحياة بحرية وكرامة على أرضة.. وهو الحق الذي أنشأت الأمم المتحدة من أجل حمايته.

شرعيتها القانونية

تستمد السلطة الوطنية شرعيتها القانونية الأولى من قرار الأمم المتحدة 181 الصادر عن الجمعية العمومية للأمم المتحدة عام 1947 .. والذي نص آنذاك على قبول إسرائيل كعضو فيها ونص أيضا على quot;quot; وجوب النظر بايجابية لقبول الدولة الأخرى quot;فلسطين quot; للعضوية في الأمم المتحدة quot;quot;. وهو ما يشكل الأساس القانوني لقبول العضوية كاملة.

الحق الدوليالمكفول وهو حق الشعوب في تقرير مصيرها. حتى وإن كانت محتلة الأرض.

إلتزام الدولة الفلسطينية الوليدة بشرط العضوية المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدةوأيدته محكمة العدل الدولية وهو أن تكون دولة محبة للسلام تعمل له ومن أجله.

ثم وأخيرا القرار 242 الذي صدر بعد عدوان إسرائيل عام 1967وإحتلالها للضفة الغربية والذي ينص على إسحاب إسرائيل من الأرض المحتلة.

ما قد يعزز ويساعد على قبول العضوية والتخلص من العبء المالي والمعنوي الدولي تجاه الحقوق الفلسطينية. وبرغم تهديد الولايات المتحدة الأميركية بإستخدام الفيتو.

- الضائقة المالية التي تمر بها الولايات المتحدة. وما ستجره من تساؤل دافع الضرائب الأميركي. وتململ الدول الأوروبية منهيمنة الولايات المتحدة على قراراتها السيادية ومحاولة الخروج عن طوعها خاصة وأن العديد من الدول الأوروبية ملت من الهيمنة الأميركية على قراراتها السيادية..

الإحراج الدولي الذي قد يواجه الولايات المتحدة إذا ما استعملت الفيتو في حال موافقة ثلثي أعضاء الجمعية العمومية على طلب عضوية الدولة الفلسطينية. مما قد يتسبب بأزمة حقيقية داخل اروقة الأمم المتحدة.

الإحراج والبلبلة في مجلس الأمن في حال وافق 9 أعضاء من الأعضاء غير الدائمينعلى قبول العضوية .

الضائقة المالية التي تمر بها بريطانيا وفرنسا ومعظم دول أوروبا.

إعترافكل منالأرجنتين والبرازيل وباراغواي وأوروغواي في ديسمبر ويناير الماضيين بالدولة الفلسطينية بما يرفع مجموع الدول التي إعترفت بفلسطين إضافة إلى 118 دولة أخرى أعترفت بها إلى 122 دولة ذات سيادة . وهو عدد لا يستهان به وسيقوى أكثر في حال إعتراف دول أخرى بما سيشكل ثلثي الأعضاء .

.

الإحراج الذي تمر به مجموعات الضغط اليهودية من تشّوه صورة إسرائيل في المجتمع الدولي. ومن أنها الدولة الوحيدة التي ليس لها حدود محددة .بما يؤكد شهيتها التوسعية.

الحركات الإحتجاجية داخل إسرائيل و المستلهمة من إلإنتفاضات العربية المجاورة .. حول تدني مستوى المعيشة والخدمات التعليمية والصحية المطلوبة من الحكومة إضافة إلى التذمر الضمني من إستمرار الإحتلال والنفقات العسكرية والمطالبة الضمنية إلى إعادتها لخدمة المواطن داخل إسرائيل.

التعاطف القوي الذي حظي به الإنسان الفلسطيني من مجموعات يهودية في الخارج تؤيد حقوقه في الدولة وإنهاء الإحتلال حفاظا على ديمومة الدولة الإسرائيلية وحفاظا على صورتها في الإعلام الغربي.


التضامن الذي حصل عليه من العديد من منظمات العمل المدني التي إعترفت بوجودة وحقوقة وعملت على الترويج لها وعلى إستخدام أسلوب جديد تخاطب فيه شعوبها لتأييده ..

أهم نقاط الضعف التي سيواجهها قبول العضوية.

التصريحات المتكررة لقيادات من حماس خاصة تلك التي صدرت على لسان رئيس الحكومة المقالة إسماعيل هنية. بأن قبول عضوية فلسطين ليس إلا إعتراف صوري بدولة وهمية .. والذي يؤكد الإنقسام في رؤية الحل وعدم الوحدة في القرارات الإستراتيجية بينهما وعدم إنهاء الصراع بين الفلسطينيين والدولة الإسرائيلية حال القبول بعضويتها وهو ما سيبقى الباب مفتوحا للتساؤل الدولي مع من ستتفاوض إسرائيل ومن يملك الشرعية؟

الترويج الإعلامي من البعض في رسالة موجهة للشعب الفلطسني بالتحرك بأقصى سرعة ممكنة لإنتفاضة شاملة يجدد من خلالها مطالبه بإستعادة الأرض كاملة ودون أي نقصان. بما يوحي بأن الشعب الفسلسطيني يطالب بالدولة الفلسطينية من حدود 1948. وليس الحدود التي اتفقت عليها السلطة الوطنية 1967.

إستمرار وتصاعد العجز في ميزانية السلطة الوطنية والذي بلغ 900 مليون دولار ..وإن عزته السلطة إلى إمتناع البعض من الدول العربية عن الوفاء بإلتزاماتها المادية .. وهي إحدى الأوراق التي ستستعملها إسرائيل بمهارة لتؤكد فساد السلطة وعجزها عن تقديم المتهمين للعدالة وبالتالي عدم إرتقائها إلى مستوى الدولة لعجزها عن تطبيق العدالة من خلال سيادة القانون.

وتبقى هي نفس الورقة التي قد تغير من تصميم السلطة الفلسطينية التقدم بالطلب خوفا من توقف المساعدات الأميركية والأوروبية بالتحديد.. وخوف أو تردد الدول العربية عن الإعتراف بها .. والوفاء بإلتزاماتهم المالية ..

أما التخوف الفلسطيني من فقرات الخطاب الثاني للرئيس باراك اوباما أمام quot;إيباك quot; أواخر أيار (مايو) الماضي الذي قال فيه إن الحدود المستقبلية بين إسرائيل والدولة الفلسطينية ستكون مغايرة لحدود عام 1967 raquo; للأخذ في الإعتبار الحقائق الديمغرافية الجديدة على الأرض والذي قصد به بعض المستوطنات .. فهو وإن كان تأكيد على إزدواجية الولايات المتحدة وحرص أوباما على عدم إغضاب اللوبي اليهودي لدعمة في ولاية ثانية, فهو أيضا لم يخرج عن إطار الإتفاقات بين الطرفين بأنه سيكون هناك تبادل أراضي. ولا أعتقد أن المفاوض الفلسطيني غافل أو سيغفل عن أي من تلك المستوطنات التي تقف عقبة في طريق الوحدة الجغرافية الكاملة لأراضي الدولة الفلسطينية الوليدة.

يبقى العامل الأهم في تخوّف إسرائيل من قبول فلسطين كعضو كامل في هيئة المم المتحدة .. لما يعنيه هذا القرار بأنها ستكون دولة محتلة لأراضي دولة أخرى وما يحمله هذا من أعباء دولية تتمثل في أنها دولة إنتهكت الميثاق الدولي وأنتهكت القانون الدولي بما يعرضها لمساءلة قانونية .. ويعطي الدولة الفلسطينية الحق في طلب تواجد قوات حفظ سلام دولية لحماية الدولة الجديدة ومراقبتها لأعمال إسرائيل التوسعية.

إن ولادة الدولة الفلسطينية حتى وإن كانت دولة وهمية في الوقت الحالي فإنها خطوة في الطريق الصحيح وأتمنى أن لا تتخلى السلطة عن هذا القرار .. ولن يكون الوضع الفلسطيني أسوأ مما هو عليه الآن .. السؤال المهم الذي يجب أن يأخذه الفلسطيني في الحسبان. هل هو على إستعداد تام للتقشف في حال أن تخلى عنه العالم مرة أخرى .. وفي هذه الحال فإن خطوة التحدي هذه تبقى خيارة الوحيد للرد على تصلّب إسرائيل.

وخياره في إجبار المجتمع الدولي لإحقاق حقوقه المشروعة.

ndash; باحثة وناشطة في حقوق الإنسان