طالب الرئيس الاميركي باراك أوباما والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والمستشارة الالمانية أنغيلا ميركل والاتحاد الأوروبي للمرة الاولى بتنحي بشار الأسد نتيجة استمراره في اللجوء الى القوة لقمع التظاهرات المطالبة بالاصلاح والتغيير.
كما سيعقد مجلس الامن اجتماعا للنظر في اتخاذ موقف دولي أقوى ضد ممارسات النظام السوري، وعقب تقرير للمفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الانسان في جنيف اتهم النظام السوري بارتكاب جرائم ضد الانسانية، داعيا مجلس الامن الى احالة مسؤولين سوريين على المحكمة الجنائية الدولية.
وارفقت الولايات المتحدة خطوتها الجديدة بالاعلان عن عقوبات لا سابق لها تشمل قطاع الطاقة لحرمان النظام تمويل حملة العنف ضد الشعب السوري. ووصفت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون هذه العقوبات بأنها تطاول quot;قلب النظامquot; السوري. كما أنها أكدت احترام رغبة الشعب السوري في رفضه للتدخل العسكري الأجنبي.
وفيما أعلن الاتحاد الأوروبي انه يبحث في توسيع العقوبات على دمشق يبقى كثير من التساؤلات معلقا، منها كيف سيعمل الغرب على دعم مطلبه تنحي الاسد، وخصوصا في ظل عدم وجود ميل للجوء الى الخيار العسكري، أو من هو المؤهل من داخل الحكومة السورية او من المعارضة المتفرقة لخلافته؟
هذا تكثيف للموقف الدولي المستجد، والقوي لكنه غير الكافي، بالنسبة لطغمة تحكم بالقتل والتدمير الممنهج للبلد، لكي تخرج من السلطة، دون أن تترك خلفها ما يمكن البناء عليه أقله اقتصاديا، يطبقون مقولتهم الشهيرةquot; لن نترك السلطة حتى نسلم سورية أرضا محروقةquot; وهذا يفرض مشاكل جديدة إضافية اقتصادية واجتماعية ترميم البنية التحيتة والخدمية عموما، خلق سوق عمل سريع، خاصة أن سورية لاتزال تعاني مايشبه انفجار سكاني، واجيالها الشابة اكثر من نصف المجتمع، إضافة إلى جلب استثمارات عاجلة، وسيكون هنالك أزمة مياه وكهرباء،علما أن هذه العصابة ابدا لن تستطيع تدمير الشباب السوري الذي فدا كل الوطن بدماءه، في هذه الاثناء يوجد حدثان على صعيد التأسيس السياسي للمعارضة، الأول هو انبثاق هيئة الثورة السورية، عن مجمل التنسيقيات التي في الداخل والتي تقود بنفسها العمل الميداني، وهذه خطوة ذات بعد استراتيجي لم يعد من الممكن تجاوزه أبدا، مما أدخل الحدث الآخر في تركيا- الإخوان المسلمين في وضع حرج، حيث يجري الإعداد لمؤتمر ينبثق عنه مجلس وطني لقيادة الفترة الانتقالية في البلاد، حيث لايزال الموقف الدولي يرفع شماعة أين البديل؟
في الحقيقة رغم الجهد الذي بذلته معارضة الخارج، في الدفاع عن الثورة وشرح أهدافها، إلا أننا أمام حالة سورية خاصة لم يستطع غالبية الطيف المعارض تفهمها، لا في الداخل ولا في الخارج، حيث أن سورية رغم وجود نظام القتل هذا، بقي هنالك معارضة في الداخل لا يمكن تجاوزها، وأضافت إليها الثورة معارضة جديدة، وحدث نوع من الاندماج بين ثورة الشباب السوري وبين رموز لا تعد ولا تحصى من المعارضة السورية التي تسمى تقليدية في الداخل، رغم كل ما حدث من لغط حول همروجة الدعوة للحوار من قبل بعض رموز هذه المعارضة، وهنالك في الخارج أيضا معارضة تقوم بعملها، رغم كل التقصير والخلافات، ولاتزال مصرة على أنها جزء مكمل وأساسي من معارضة الداخل، لكن هنالك إشكالية سبق وأن طرحت قسما منها في مقالة سابقة، أن جماعة الإخوان المسلمون في سورية، مؤسستهم وقياداتهم كلها في الخارج، وهي منذ البداية ارتكبت مجموعة من الأخطاء ولاتزال مستمرة فيها، لم يكن في نيتها الاندماج بالثورة وشبابها في الداخل، بل كانت ولا تزال تعمل من أجل قيادة الفعل المعارض برمته، مما ترك هذه الإشكالية بلا حل والتي تتمحور حول: الخلط بين من يقود الفعل المعارض، وبين من يبحث عن مؤسسة تشمل المطلب الديمقراطي السوري من جهة، ومن جهة أخرى عدم تفهم خصوصية وجود معارضة في الداخل والخارج، تسنى لمعارضي الداخل الانخراط بالثورة، ووفقا لرؤيتها وما تطرحه من شعارات، إلا أن معارضة الخارج بقيت تصر بغالبية طيفها على موضوعة القيادة، والسبب في الحقيقة، يعود إلى وجود الكتلة الأساسية من الإخوان المسلمين في الخارج كما قلنا.
من هو البديل؟ وكيف يمكن أن تغادر هذه العائلة القاتلة سورية؟ والقتل لايزال ديدينها، والجيش المطيف حاميها؟ بعد هذه الأسئلة التي لم أقرأ إجابة عنها لدى أحد، لكنها لا تمنع أبدا أن المعارضة السورية كلها قادرة على أن تكون بديلا، لأن وحدة مطلبها في إقامة دولة القانون والحريات والمساواة، دولة المواطنة واحترام الخصوصيات السورية كلها، هذا هو البديل، ويجب ألا يتم الخلط بين بدائل مشخصنة وبين بدائل دولتية، لهذا كنت أتمنى على معارضة الخارج أن تلتحق معارضاتيا في الداخل الجديد، وأن تقوم بالتركيز على قيام مجلس وطني من طبيعة تكنوقراطية وليس من طبيعة سياسة معارضة فقط. وهذا لم يحدث ولن يحدث في المجلس الوطني الذي سيعقد مؤتمرا لانتخابه.
المجالس تكنوقراطية متخصصة، والمعارضة السياسية حاضن مؤسسي رقابي وشبه تشريعي بالمعنى السياسي.
مع ذلك لا أرى مانعا من وجود مجلسين واحد في الداخل والآخر في الخارج، ينسقان من أجل استمرار وحدة المطلب الشعبي، المطلوب أولا وحدة البرنامج أكثر مما هو مطلوب وحدة معارضة لم تستطع أن تتوحد وهذا من طبيعة الأمور وليس استثناء، ولو أن وحدة المعارضة على هذا المطلب ستكون أكثر جدوى وأهمية للثورة السورية وتخفف من إشكالية السؤال عن البديل.
لا أحد لا يرى دور جماعة الإخوان المسلمين في مستقبل سورية، لكن بالمقابل على الإخوان أن يتخلوا عن تصدر العمل، وأن يقتنعوا بأنهم شريك في المستقبل على كافة الصعد التي تقتضيها دعوتهم لدولة مدنية ديمقراطية وفق نموذج تركيا.. وليس المستقبل كله، دون أن ننسى أن من ساعدت الإخوان في أن تطفوا موضوعة اصرارهم على القيادة هي تركيا. وعلى هيئة الثورة السورية أن تتفهم أيضا أنه لمعارضة الخارج دورا لا يقل أهمية عن دور الداخل..
كنت في الاسبوع المنصرم في لقاء مع دبلوماسيين غربيين أنا والصديق الناشط أكثم بركات، وعندما تم الحديث عن المعارضة، والتخوفات من الإخوان المسلمين قال أكثم مباشرةquot; إن الإخوان هم ركيزة أساسية من ركائز الوضع المعارض في سورية ولا يمكن تجاهله، وأنهم صادقون في تبنيهم للدولة المدنية الديمقراطية التي لا تمييز فيها لا على مستوى الدين أو الطائفة أو الجنس أو الاثنيةquot;. وتفاجأ احد الدبلوماسيين، وسأل أكثمquot; ألست علويا؟
واترك للقارئ أن يستنتج ما يريد من هذه القضية.
وحدة المطلب من جهة، والإجابة عن الأسئلة المهمة الآن في سورية- كالتي طرحتها أعلاه- من جهة أخرى هو ما يجب أن يكون نبراسا لكل اطياف المعارضة في الداخل والخارج...
الوقت الآن من دم شبابنا وشعبنا، فهل نعمل من أجل تقصيره قدر الإمكان والتخلص من هذه الطغمة المجرمة؟
- آخر تحديث :
التعليقات