لو اتفق الشيعة والسنة فيما بينهم على نهج سياسي واجتماعي توافقي يقوم على اساس المصارحة والمكاشفة وعدم ممارسة التقية من اي نوع وتحت اي ذريعة ضد بعضهما البعض، وترك السجالات الفقهية العقيمة جانبا لانها برهنت عبر التاريخ انها لن تزيد الامور الا تعقيدا وتفاقما، لارتفعت المجتمعات التي يعيشون فيها الى مصاف المجتمعات المتحضرة وانعمت بالرفاهية والسلام، فما قيمة ان يبرز الجانبان نصوص القران واقوال الرسول لتدعيم موقفهما والصراع بينهما مازال قائما والخلاف على اشده، وماقيمة ان تشير دائما وابدا بوقائع تاريخية معينة مثل واقعة غدير خم لتثبت ان quot;عليquot; هو مولى المؤمنين وانه احق بالخلافة منquot;ابي بكرquot; ان كانت الخلافة قدحسمت امرها منذ الف واربعمائة سنة، وهل لسقيفة بني ساعدة بعد ذلك اي قيمة هي الاخرى مادام امر الخلافة قد حسم وانتهى ولم تعترض الامة عليها؟ فما الضير ان جاء الخلفاء الثلاثة quot;ابوبكر وعمر وعثمانquot; قبل علي بفترة محدودة ام ان علي جاء قبلهم بفترة ؟ هل يفرق من الامر شيئا ؟ ام انها حجة لافتعال الازمات واشغال الامة بامور ثانوية غير مجدية ؟ ثمة حقيقة يجب ان نعيها دائما ونلقنها لاولادنا واولاد اولادنا بدل ان نعلمهم الحقد والكراهية وهذه الحقيقة هي؛ ان هذه الفترات باشخاصها واحداثها وبايجابياتها وسلبياتها وبقضها وقضيضها، قد ولت الى غير رجعة، ولن تعود هذه الايام ابدا ولن يعيد التاريخ نفسه بالصورة التي يريدونها، هذه الحقيقة يجب ان يدركها الطرفان، و يجب ان يعلما انquot;ابابكرquot;كان اول الخلفاء بعد وفاة الرسول ولايمكن دحض هذه الحقيقة مهما اعترضوا وسبوا ولعنوا، وطعنوا في شرعيته وانquot;عليquot;جاء من بعده خليفة رابعا بأربعة وعشرين عاما، وان معركة (الصفين) التي حدثت بينquot;معاويةquot; وquot;عليquot;على خلفية مقتلquot;عثمان بن عفانquot; انتهت، وتوارى ابطالها عن الوجود، وكذلك الحال بالنسبة لمقتل الحسين، فهل من المعقول ان نعيد على اسماعنا في كل لحظة احداثا سبقت واندثرت ونجعلها شغلنا الشاغل ؟
تركنا الدنيا وما فيها من علوم وتكنلوجيا والاكتشافات للغربيين بينما اتجهنا نحن الى الصراع العبثي والجدل السفسطائي حول من هو على الحقquot;عليquot; امquot; ابابكرquot; ؟ والعجيب انه اذا ما اعترضت على هذا التفكير الاعوج الذي لايأتي بخير، وصموك فورا اما بالاموي الناصبي اوالعلوي الرافضي! فلا نستغرب بعد ان نجد ان كل الانجازات العلمية المبهرة وجوائز نوبل لكل فروع الحياة من حصة ونصيب الدول الغربية، وحصتنا اللطم والبكاء والتطبير و..الجدل العقيم!
ومهما عاتبنا انفسنا وانتقدناها فلا نزيد او ننقص من الحالة الموجودة فينا شيئا، فالسني يبقى سنيا مهما حاول الشيعي ان ينشر فكرة التشيع في المجتمع السني وكذلك الشيعي، وقد حاول كل جانب عبر التاريخ بكل الوسائل ان يخضع الجانب الاخر ويحوله الى عقيدته ولكنه لم يفلح، اذن علينا ان نجد طريقة اخرى غير تقليدية تحافظ على الروح الانسانية فيما بيننا وتبقي على ادنى درجات العلاقة الطبيعية بيننا كأفراد مجتمع واحد، من غيراللجوء الى ممارسة الوصاية الابوية والتفوق الفكري، فلكل واحد منا طريقته الخاصة في التفكير مهما كانت متخلفة وغير مناسبة لانسان القرن الواحد والعشرين، يجب احترامها وتقديرها، وهذه اولى الخطوات للوصول الى صيغة حضارية مشتركة تعطي للانسان قيمته التي يستحق وتفسح له المجال ليعيش على الجنب الذي يريحهquot;كما يقول اخواننا المصريونquot; فلا الشيعي يشعر بالاضطهاد في المجتمع السني ولا السني يحس بالاضطهاد في المجتمع الشيعي، وهذه الحالة quot;الانسانيةquot; لن تتم الا في ظل الدولة المعاصرة التي يتساوى الاثنان فيها امام نظام الدولة السائد ويخضعان لقانون المواطنة، بغض النظر عن انتمائهما الفكري او العقدي، فالدين لله والوطن للجميع.
[email protected]
- آخر تحديث :
التعليقات