أشير للحلقة الأخيرة من برنامج الاتجاه المعاكس الثلاثاء 27 مارس آذار وتمكنت من رؤية الاعادة الاربعاء 28 مارس آذار.
ما جلب الانتباه هو استضافة كاتب مصري لم أعرف عنه سابقا يدعى عادل الجوجري كمدافع عن عصابة دمشق وعندما استمعت اليه تذكرت بيانات المهرج احمد سعيد وزملاءه في حزيران عام 1967. ويتذكر بعضنا كطلاب او شباب كيف حقق احمد سعيد والزمرة من زملاءه في اذاعة صوت العرب في القاهرة انتصارات وهمية عظيمة ضد اسرائيل وكيف ان الدبابات المصرية وصلت الى مشارف تل ابيب وأنه تم اسقاط مئات الطائرات الاسرائيلية فوق سيناء مع ان الحقيقة المؤلمة كانت أكبر هزيمة في تاريخ العرب الحديث.
الضيف المدافع عن دمشق
وبمزيج من الذكاء والخبث استدرج مقدم البرنامج فيصل القاسم الضيف لتفريغ ما لديه من غوغائيات شعاراتية متهالكة وتهم جاهزة بالعمالة من النوع المبتذل والمستهلك. فيبدو ان ضيف الاتجاه المعاكس كان قد ابتلع الرواية السورية أن نظام دمشق هو نظام ممانعة ومقاومة وصمود وانه يخوض حربا ضد ارهاب المعارضة السورية التي تطالب بالحرية والديمقراطية كبديل لحكم حزب البعث الواحد الذي دعس على رقاب الناس لأربعين عام. ظهر عادل الجوجري كمدافع عن سوريا مسلحا بشعارات وعموميات تسمعها في المقاهي من أميين لا يقرأوا كتابا واحدا أو حتى جريدة في حياتهم. ولا تخلوا لندن من هؤلاء فتراهم جالسين على ناصية الطريق في ايدجوير رود يحللون وينظرون ويعزون كل صغيرة وكبيرة للاستعمار والصهيونية والمؤامرة والأيدي الخفية والمندسين والسلفيين والعملاء وغيرهم من المدرجين في قائمة الاعداء الوهميين.
للأسف لم يقدم هذا الضيف معلومة موثقة واحدة بل استند على نظريات التآمر والمؤامرة وحاول اقناعنا ان عصابة دمشق هي نظام رائع وعظيم وممتاز واخلاقي ووطني وانساني ومثالي وقومي وممانع ورافض وصامد ومقاوم وبارع وذكي وشاطر وفهمان واصلاحي وتقدمي وعصري ويحترم حقوق الانسان ويحبط المشروع الأميركي.
لكنه فشل في تفسير العديد من النقاط التي طرحها الضيف الآخر ومنها دعم نظام دمشق للارهاب في العراق في الفترة 2003 ndash; 2009 ولم يستطع تفسير حرص اسرائيل على بقاء النظام ولم يفسر لنا كيف ان نظام ممانعة ولا يمانع ونظام مقاومة لا يقاوم. لم يفسر لنا كيف ان نظام حافظ الأسد قتل من الفلسطينيين أكثر مما قتلت اسرائيل منذ 1967. لم يفسر لنا هدؤ جبهة الجولان لأكثر من 40 عام. لم يفسر لنا الدور التخريبي الذي تلعبه سوريا في الملفين اللبناني والفلسطيني. فشل هذا الضيف في تقديم اي خدمة للنظام السوري بل بالعكس فضح العقلية الشريرة لهذا النظام واعتماده على الكذب والخداع والمماطلة واللف والدوران والمراوغة والفسق والزلق والقبول والتنصل وتشويه الحقائق والتلاعب الاعلامي الذي ينفذه بهلوان وزارة الخارجية السوري والتكتيكات الغير أخلاقية الملتوية في التعامل مع الكارثة الانسانية في سوريا.
الضيف الآخر
ولسؤ حظ الضيف المدافع عن نظام البعث الدموي أنه جلس أمام ضيفا عاقلا وعقلانيا وهو الاستاذ ابراهيم حمامي الكاتب والناشط السياسي الفلسطيني والذي جاء مسلحا بوثائق ومعلومات دقيقة مع اسماء وتواريخ ومصادر معتمدة ولم يلجأ للعموميات المستهلكة والشعارات الجوفاء بل قدم الحقائق والتفاصيل الدقيقة الموثوقة ونسف بهدؤ أكاذيب وخزعبلات الضيف المدافع عن دمشق. وكمثل بسيط جدا على تهرب هذا الضيف من الاجابة على الاسئلة عندما قرأ له ابراهيم حمامي نص احد الايميلات التي يشير فيها بشار الأسد للاصلاحات الموعودة quot;بالزبالةquot; رفض الضيف العزيز التعليق ولكنه انتهز الفرصة لشن هجوم على فضائية الجزيرة كمحرض ضد النظام. وتعليقي على هذا الاتهام ان الجزيرة تبنت موقفا داعما للشعوب ضد الطغاة والدكتاتورية وهذا موقف مشرف ومسؤول ويحسب لصالح الفضائية.
اليسار الأردني المخدوع والمنافق
وتفكير المدافعين عن دمشق لا يقتصر على ضيف الاتجاه المعاكس فقط فهناك مجموعة من بقايا اليسار والبعث الأردني ومن الذين غسلت ادمغتهم بشعارات المقاومة التي لا تقاوم والممانعة التي لا تمانع والتحرير التى لم تحرر شبرا مربعا واحدا من الجولان منذ هروب الجيش السوري منها قبل اربعة عقود ونيف. تحاول هذه المجوعة الضغط على الملك عبدالله الثاني بعدم التدخل في الشأن السوري ليس حرصا على مصلحة الأردن بل دعما لعصابة المافيا الاجرامية التي تحكم سوريا بالحديد والنار منذ عام 1970.
وقرأنا في المواقع الأردنية أن 230 ناشطاً أردنيا وقعوا على بيان اصدروه مؤخرا يطالبوا فيه الحكومة الأردنية على ضرورة الوقوف إلى جانب سوريا في مواجهة التآمر والإرهاب الذي يهدد أمن الأردن والأمن القومي العربي. وأضافوا انهم يثمنون موقف قيادة النظام السوري التي قالوا انها quot;شرعت بالقيام بخطوات كبيرة وأساسية لتحقيق الإصلاح السياسي بتعديل الدستور والاستعداد لأجراء انتخابات حرة ونزيهة ومفتوحة لكل السوريين أحزاباً وأفراداquot;. كما نددت الشخصيات المذكورة بحملات التحريض الاعلامي القطري والسعودي والغربي. كما قامت تلك الشخصيات بتقديم التحيات للموقفين الروسي والصيني في مجلس الأمن.
هؤلاء اليساريون الاعتذاريون الذين لم يتوقفوا عن التصفيق والتطبيل لنظام دمشق الممانع والصامد والرافض ويعتبروا الثورة الشعبية مؤامرة صهيونية امبريالية وهؤلاء أنفسهم لا يزالوا يترحمون على صدام والزرقاوي والقذافي. وهم انفسهم يطالبون بالاصلاح والتغيير في الأردن ولكنهم لا يريدوا للشعب السوري ان يطالب بالاصلاح والتغيير. هذه فئة قليلة فقدت مصداقيتها وأدمغتها مغسولة بصابون شعارات البعث القومية الجوفاء.
أقول لهؤلاء انهم مخطئون بوقوفهم مع الظلم والقمع وضد الشعب السوري لاسباب ايديولوجية بعثية وغوغائية لا تستند على أي منطق انساني بل تعتمد على شعارات الكذب والدجل والضحك على الساذجين والبسطاء.
باختصار استضافة الاتجاه المعاكس لهذا الاعتذاري ساهم في فضح عصابة دمشق وفضح التفكير الملتوي الذي يتميز به رجالات النظام ومؤيديه من فرسان الاعلام الفضائي العربي.
قدم الاتجاه المعاكس خدمة جليلة للمشاهد العربي باستضافة اصدقاء دمشق الغوغائيين لتعريف وتثقيف المشاهد العربي بطريقة تفكير دجالين عصابة دمشق واصدقاءهم.
نهاد اسماعيل
اعلامي عربي - لندن
التعليقات