دخول منظمة الامم المتحدة و الاتحاد الاوربي و الولايات المتحدة الامريکية کأطراف ذات صلة بقضية معسکر أشرف، و ذلك الصراع المحتدم في الولايات المتحدة الامريکية بين لوبي تابع للنظام الايراني و ساسة و برلمانيون يصرون على ضرورة إخراج منظمة مجاهدي خلق من لائحة المنظمات الارهابية، کان من أهم خصائص المرحلة الجديدة للمواجهة المزمنة بين منظمة مجاهدي خلق و النظام الايراني، هذه المرحلة التي طفقت تحمل معها الکثير من المٶشرات و الدلائل التي تٶکد بأن رجال الدين المتطرفين لم يعد بمقدورهم أن يوجهوا مسار و سياق الامور المتصلة بمنظمة مجاهدي خلق على الصعيد الخارجي کما کان الحال معهم خلال العقود الثلاثة المنصرمة.

النظام الايراني بذل جهودا جبارة و إستثنائية ليس فقط من أجل إقصاء منظمة مجاهدي خلق وانما أيضا من أجل تحريف و تشويه کامل التأريخ المتعلق بها، فقد حاولت و باسلوب خاص و خبيث جدا تصوير المنظمة و کأنها تجمع إرهابي متطرف لاهم او هدف له سوى إثارة الفوضى و الذعر و إراقة الدماء، وان ماقامت به الاجهزة القمعية الخاصة للنظام من إرتکاب جرائم إرهابية مفتعلة کتفجيرات الاسواق و الاماکن العامة و تنسيب ذلك الى منظمة مجاهدي خلق، بل وانها ظلت تٶکد و بصور مختلفة على هذا الامر لسبب جوهري و بالغ الاهمية يتعلق بحرف الانظار و الانتباه عن الماهية و المعدن الحقيقي للمنظمة، حيث أن المنظمة و منذ تأسيسها عام 1965، سلکت في نضالها ضد النظام الملکي و من بعده النظام الديني المتطرف، نهجا علميا إستقرائيا يقوم على أساس دراسة التأريخ بمختلف مراحله و الربط بينها بصورة تتماشى مع روح العصر و الواقع، وحتى انه في تصديه للنظام الديني المتطرف و رفضه لأطروحة نظام ولاية الفقيه(وعلى الرغم من کل تلك المغريات الختلفة التي عرضت على قادته من أجل قبول ذلك)، فقد طرح تعليلا حضاريا و عصريا لعدم قبوله بذلك النظام و أعاد النظر و الرٶية برٶوس النظام الديني و على رأسهم الخميني نفسه الى الوراء ليريهم بأن الدکتاتورية هي نفسها مهما حاولت أن تغير من براقعها و أسمالها، وانهاquot;أي منظمة مجاهدي خلقquot;، لم تنخدع او تنطلي عليها ألاعيب النظام الخاصة بتجيير الدين من أجل أهداف و غايات خاصة و هي بذلك أثبتت أنها کانت تمتلك أيضا فهما ثاقبا و عميقا للدين ينطلق اساسا من وعيها و ثقافتها و إلمامها الواسع بالدين و مختلف الجوانب الاخرى المتعلقة بالحياة الاجتماعية و البناء الحضاري.

التصادم بين ملالي طهران و منظمة مجاهدي خلق قد بدأت من مفترق تأريخي محض کان بمثابة الحد الفاصل بينهما و فراق ليس بعد من لقاء او تصالح فکل طرف عرف و فهم الآخر تماما، ولأجل ذلك، فإن الصراع الموجود بينهما لايمکن إنهائه او حسمه إلا بمسح طرف محدد منهما من الوجود تماما من دون أية زيادة أو نقصان، وهذا هو السر الذي يجعل کل شئ ممکنا في إيران إلا أن يتصالح او يلتقي هذا النظام مع منظمة مجاهدي خلق، وهناك دروس و شواهد کثيرة من التأريخ المعاصر تٶکد بأن نظام ولاية الفقيه قد إلتقت مصالحه و تماشت أهدافه مع مختلف التيارات و الاطراف السياسية الايرانية، ولعل علاقته الوطيدة جدا بحزب تودەquot;الحزب الشيوعي الايرانيquot; و قائده کيانوريquot;الذي صار لفترة خمينية أکثر من الخميني نفسهquot;، مثلما قرب جماعات ليبرالية و قومية و أجرى محادثات سرية مع أطراف کوردية إيرانية، لکنه و کما أسلفنا ليس لم يفکر وانما حتى لم يخطو ولو خطوة واحدة بإتجاه منظمة مجاهدي خلق، لأنه کان يعي جيدا ان المنظمة و منذ الايام الاولى لإقتراح أطروحة ولاية الفقيه قد حسم و حزم أمره مع الملالي المتطرفين و طرح موقفا مبدأيا واضحا جدا يتماشى و يتفق تماما مع مصالح و أهداف و طموحات و أمان الشعب الايراني، وقد حاولت المنظمة جهد إمکانها لإقناع الخميني و أتباعه بموقفهم و عدم الانجراف خلف وهم الاستبداد و الدکتاتورية مرة أخرى تحت غطاء ديني، لکن ذلك لم يجد نفعا و حصل التصادم و الفراق التأريخي الذي کان حاصل تحصيل مسار تأريخي لابد منه، فقد رأى زعيم المقاومة الايرانية مسعود رجوي، بأنه من المستحيل الجمع بين الحرية و الاستبداد في ظل نظام سياسي واحد، في حين حاول النظام الايراني و عبر الغطاء الديني تمييع قضية الحرية کمفهوم و کمبدأ بمبررات دينية مختلقة ما أنزل الله بها من سلطان.

وقد جاءت المفاجأة الکبرى للنظام عندما تأکد أن معسکر أشرفquot;الذي کان يستهين به في البداية و إستهان به أکثر بعد سقوط النظام العراقي السابقquot;، بات يٶثر بصورة غير عادية على الشارع الايراني و طار صوابه أکثر حينما رأى بأن أجيال جديدة لم يسبق لها وان عاصرت منظمة مجاهدي خلق او تلك الظروف الخاصة التي مرت بها إيران عشية مصادرة رجال الدين للثورة الايرانية، قد باتت مأخوذة و منبهرة و متأثرة أيما تأثير بأفکار و طروحات المنظمة و قائد المقاومة الايرانية مسعود رجوي، خصوصا عندما إعترف مسٶولين بارزين من النظام بذلك و على رأسهم وزير الاستخبارات مصلحي، ولذلك فقد کانت مذبحة 8 نيسان 2011، محاولة جادة و استثنائية من جانب النظام الايراني لوضع حد لتأثيرات هذا المعسکر على الداخل و بذلك عاد لإرتکاب خطأه الشنيع مرة أخرى بإستخدام القوة للقضاء على الفکر و الموقف، لکن، وعلى الرغم من قساوة تلك المذبحة و دمويتها عندما راح ضحيتها 36 فردا و أصيب أکثر من 300 آخرين، فإن قيادة المجلس الوطني للمقاومة الايرانية و بعد أن رأت بأم عينيها التهديدات الجدية التي تواجه سکان أشرف، فقد لجأت الى حملة سياسية دولية فريدة من نوعها أدت في نهاية المطاف الى جذب و کسب عطف المجتمع الدولي و فضح مخططات و ألاعيب و دسائس النظام الايراني، هذا الاعتراف الدولي الکبير قد سبقه إقدام دول الاتحاد الاوربي على إخراج منظمة مجاهدي خلق من لائحة المنظمات الارهابية و وصل الامر الى درجة أن العديد من المراقبين السياسيين و المهتمين بالشأن الايراني يتوقعون في أية لحظة صدور قرار حاسم من جانب وزارة الخارجية الامريکية بإخراج المنظمة من اللائحة، تعيد الاعتبار لمصداقية موقفها السياسي اولا من القضية الايرانية قبل أي شئ آخر، لذلك وعندما يتتبع المرء ماحدث بعد تلك المذبحة بصورة خاصة، يجد نفسه أمام مفترق هام و حساس يعتبر کتمهيد لبداية مرحلة جديدة في التأريخ المعاصر لإيران ترسم على ضوء تأثيراتها و تداعياتها مستقبل هذا البلد المهم استراتيجيا للمنطقة و العالم.

الحرية، تلك الکلمة التي تتجلى و يتجلى فيها المعنى الاساسي للوجود الانساني، کان و لايزال و سيبقى الرکن الرکين و الاساس المتين في الصرح الفکري لمنظمة مجاهدي خلق، ومثلما طرحت أيام صراعها و مواجهتها مع النظام الشاهنشاهي مبرراتها و مسوغاتها من أجل إسقاط ذلك النظام و تمکنت من إقناع کافة شرائح الشعب الايراني بذلك، فإنها اليوم وفي ظل نظام قمعي إستبدادي يستغل الدين أبشع إستغلال من أجل أهدافه الخاصة، تطرح و بوضوح کبير ليس فقط مسوغات و مبررات إسقاط هذا النظام للشعب الايراني و المنطقة و العالم فحسب وانما تٶکد على أهمية و حتمية ذلك، وان التأکيدات الاخيرة التي أطلقها الزعيم الايراني البارز مسعود رجوي في خطابه الخاص بمناسبة أعياد النوروز و رأس السنة الايرانية الجديدة، رکزت على خصوصيات النضال و الکفاح الذي خاضته المنظمة و أبناء الشعب الايراني من أجل الحرية عبر المراحل التأريخية المختلفة، وان توقفه عند المرحلة الحالية التي تمخضت و تبلورت بعد إکتساب المقاومة الايرانية لإعتراف دولي عبر إعتراف المجتمع الدولي بقضية أشرف و توقيع مذکرة التفاهم الخاصة بالحل السلمي للقضية بين منظمة الامم المتحدة و الحکومة العراقية، وذلك الضعف و التراجع المشهودين الذين طفق النظام الديني المتطرف يعاني الامرين منهما، تعطي و توحي بالکثير من المعاني و العبرات المستخلصة بخصوص معالم هذه المرحلة التأريخية المهمة التي قطعا و من دون أدنى شك قد حددت أن الدکتاتورية و الاستبداد ليس في مقدورها أبدا أن تمحو قضية الحرية وکما ان تطلع الشعب الايراني لتنسم عبير الحرية قد کان السبب الاکبر في إسقاط الشاه، فإنه قد عاد مرة أخرى ليکون سببا و حافزا و منطلقا لإسقاط الشاهات المعممين.