الجولة الناجحة التي قام بها السيد مسعود بارزاني رئيس اقليم كوردستان العراق جاءت تتويجا لعمل دبلوماسي وسياسي متزن وموضوعي طويل الامد لتقديم القضية الكوردية والتعريف بعدالتها و احقيتها في المحافل الاقليمية والدولية ليس فقط لكسب التأييد والدعم لها بل لان حلها حلا عادلا مرتبط عضويا بحل العديد من مشاكل منطقة الشرق الاوسط والصراع الدموي الدائر فيها ويساهم بشكل حاسم في التصدي لعصابات الارهاب المنفلتة ولهذا السبب كان الاستقبال الودي الحافل للسيد البارزاني من قبل جلالة خادم الحرمين الشريفين والقيادات السعودية والخليجية رسالة واضحة من جهة على قوة ومتانة العلاقات العربية الكوردية والآفاق المستقبلية الرحبة لها و عدم تأثرها بالمحاولات المحمومة الجارية الان لتشويهها وحرفها عن مسارها الصحيح مسار التعاون والتكامل والعمل المشترك ومن جهة اخرى كانت بكل المقاييس نقلة نوعية ايجابية في طبيعة هذه العلاقات ونوعيتها تؤسس لمرحلة جديدة و لبناء مستقبل افضل لعموم المنطقة.

ايضا استقبال السيد البارزاني لممثل الامين العام للأمم المتحدة و من بعده لوزير خارجية المانيا الاتحادية و من ثم سفره للقاء القادة الاتراك كلها تشير الى تنامي الدور الكوردي الواضح المعالم في رسم السياسة الحالية وفي صناعة اي قرار مستقبلي بخصوص المنطقة و اعادة رسم خارطتها الجيوسياسية وإذا كان لقاء البارزاني بالقيادات التركية سيدور حول كيفية مواجهة ارهاب ما يسمى بالدولة الاسلامية و ايضا حول حل الاشكالات التي خلفتها قضية دخول القوات التركية للأراضي العراقية والتي جرى تضخيمها بشكل سلبي ربما لإحراج حكومة السيد العبادي فانه من المتوقع ان يحاول البارزاني اعادة الحياة لعملية السلام في تركيا او على الاقل تحقيق وقف لإطلاق النار مع حزب العمال الكوردستاني وهدنة بين الطرفين تؤدي بالنتيجة الى مائدة اللقاء والحوار والاتفاق لإحلال السلام العادل.

هذه العلاقات والدور الكوردي المتنامي بهدوء ولكن بثبات لا يعني في التفصيل الاخير انحياز الكورد لهذا الطرف الاقليمي او ذاك في الصراع الدائر في المنطقة ويخطئ من يعتقد بان التحرك الكوردي يأتي ردا لمواقف هذا الجهة او تلك وعلى سبيل المثال لا الحصر فان جمهورية ايران الاسلامية تشكل ثاني اكبر شريك اقتصادي في اقليم كوردستان كما قدمت روسيا الاتحادية معونات عسكرية وان كانت محدودة لقوات البيشمه ركه في معركتهم ضد الارهاب مما يؤكد على ان الكورد لم ولن يكونوا على الاغلب طرفا في اي صراع اقليمي او دولي في المنطقة فما يريده الكورد هو الاعتراف بحقوقهم وحقهم المشروع في الحرية والاستقلال والمساهمة في استتاب الامن والسلام والاستقرار خاصة وهم يقدمون ضحايا كثيرة في القتال ضد قوى الارهاب ويشكلون القوة الرئيسة على الارض في التصدي لجرائمهم ودولتهم العبثية.

الدور الكوردي عمليا يحوز على المزيد من الثقة ويتقدم باطراد نحو تبؤ مركزه المفروض كأحد شعوب المنطقة الاساسية بعد ان تم حرمانه منها لعقود طويلة هذا الحرمان الذي تسبب في كوارث وماسي لا تحصى و خسائر فادحة في الارواح والثروات.

لقد اصبح الصوت الكوردي اخيرا والى حد كبير مسموعا في مراكز القرار الاقليمية والدولية بسبب السياسة الهادئة والمتزنة للدبلوماسية الكوردية التي تحمل في يد مطالب الكورد المشروعة وفي اليد الاخرى غصن الزيتون والأمل بشرق اوسط يسوده السلام والاستقرار وعلى الاخرين الذين لا يزالون يعيشون في الماضي ان يعرفوا ان العالم تغير وعليهم ان يستوعبوا موقف القيادة السعودية ونظرتهم الواقعية الى المستقبل.

&

*[email protected]