عنوان المقال مقتبس من مقولة شهيرة للكاتب والباحث (فرج فودة) أطلقها بمنتهي الشجاعة والجراة والاقدام وناضل من اجل تطبيقها حتى دفع حياته ثمنا لمبادئه الانسانية وافكاره النيرة في ظل سيطرة الفكر السلفي الجهادي المتطرف على الشرق الاوسط بشكل عام.....
نعم... كثيراً ما أردد مقولة شهيد كلمة الحق الخالد الذكر( فرج فودة) ونحن نعيش في زمن المجازر والغزوات والاغتصاب وسفك دماء الابرياء على يد عصابات داعش الارهابية و تنظيمات اسلامية اخرى تحمل افكار متطرفة وهدامة......!!
نعم...نحن نعيش في زمن أستطيع أن أسميه (زمن تدميرالإنسان وتخريب الأرض والحضارة ).....
ان الاحداث والمستجدات الخطيرة والتطورات المتسارعة على المستويين الاقليمي والداخلي المتمثلة باتساع نفوذ داعش وفكرها الضال تفرض علينا تحديات كبيرة تحتاج إلى ضرورة إعادة النظر في أساليب وطرق التربية والتعليم وتطور الفكر التربوي بشكل عام من اجل غرس وتعزيز روح المواطنة وتعميق الولاء والانتماء للوطن والقيم الانسانية والإيمان بالأخوة الإنسانية الحقيقية والقائمة على الحق والعدل والمساواة وقبول الاخر، والتمسك (بحب أرض الوطن )وكل ما عليها عند الطلبة بشكل خاص.&
ان الدفاع عن المكتسبات التي حصل عليها شعب كردستان وتثبيت دعائم المجتمع المدني والحضاري والمنفتح والبعيد عن كل وجوه العنف والقسوة والعمل بسياسة الانفتاح على الحضارات العالمية وتقبل حوار الحضارات بروح التعاون والتأخي وتبادل الثقافات والخبرات لما فيه خدمة اقليم كردستان بصورة خاصة مهمة اخرى من مهام وزارة التربية من أجل الوصول بالمناهج الدراسية بكافة عناصرها إلى المستوى المطلوب..&
فالمنهج المدرسي يجب أن يؤدي دوراً كبيراً في إعداد الأجيال الناشئة والمتعلمة وبطريقة حديثة بالاضافة الى انه أداة فعالة في معالجة المشاكل الفكرية والسلوكية التي يعاني منها المجتمع الكردستاني وخاصة في ضل ظهور تنظيمات اسلامية متطرفة تحمل افكارجهادية مثيرة للخوف والانتباه.....!!&
وعليه من الضروري جدا إعادة النظر في أساليب وطرق تربية الطلاب وتوجيههم الوجهة الصحيحة حتى لا يقعوا فريسة سهلة لمروجي الأفكار المنحرفة والمتطرفة ويشاركوا في بناء الوطن بدلا من ان يتم استخدامهم كادوات لهدمه كما يحصل الان وللاسف.....
(إحصائيات خطيرة لابد من الوقوف عندها ):&
حسب اخر احصائية صدرت عن الجهات المعنية في اقليم كردستان لوحظ ما يلي:&
خلال الأعوام الأربعة الماضية ترك اكثر من( 50 الف) طالب مرحلة الابتدائية أو الأساسية مقاعدهم الدراسية و لأسباب مختلفة،، لكن ما خفي أعظم، فأعداد لا يستهان بها التحقوا بالأقسام التحضيرية في( مساجد الاقليم) (1 )، ومن كلا الجنسين.&
حيث التحق في صيف عام( 2014 ) (60 الف ) طفل بعد أن كان (40 الف) في عام (2013)... (حسب تقرير وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في حكومة إقليم كردستان....)&
من الجدير ذكره ان عدد الطلبة في أقليم كردستان يبلغ حوالي (مليون و 400) ألف طالب وطالبة، وأن عدد طلاب وطالبات المرحلة الأعدادية يبلغ( 160) ألفا، وهناك( 5000 ) مدرسة في عموم الاقليم....(150 )منها تعمل بثلاث وجبات....!!
&
( ضرورة اعادة تنظيم المدارس الإسلامية في إقليم كردستان ):&
هناك اكثر من( 2700 ) مدرسة دينية وحجرة وتكية في اقليم كردستان، والتي تعتمدعلى اساليب بدائية في التدريس والتلقين من قبل نساء منقبات ورجال ملتحون ينتمون للماضي ويتحدثون عن الجهاد والغزوات ويلقون خُطبا بعيدة عن الإسلام المعتدل.&
ومن الجدير بالذكر ان وزارة الاوقاف والشؤون الدينية في الاقليم وضعت برامج عمل لهذه المدارس الدينية، كما وضعت نظام للدراسه فيها، الا ان البرامج لم تنفذ،وعليه هناك مطالبات شعبية باغلاق تلك المدارس التي تخرج متطرفيين دينيين وتشكل مخاطر حقيقية على امن الاقليم والمنطقة بشكل عام...&
&
(اكراد في صفوف داعش):&
منذ بدء الصراع في سوريا التحق مئات الشبان الكرد من مدن إقليم كردستان المختلفة بجبهة النصرة وما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش).&
وتشير معلومات استخباراتية جديدة إلى ان( 500 )مواطن من الإقليم التحقوا بتنظيم (داعش) بعد سقوط الموصل.....
يدرك الجميع بان هناك بيئة خصبة لنمو التطرف الديني في كردستان، فتجربة جماعة (انصار الاسلام)(2) وتنامي حضورها السياسي والعسكري في الاقليم خير دليل على ذالك, بالاضافة الى وجود مجموعات وخلايا من التنظيمات الصغيرة الاخرى والتي اعتمدت العنف والسرية في عملها، ولعل أبرزها تنظيم (جند الإسلام وحماس الإسلامي في كردستان)، وغالبا ما اتهمت هذه التنظيمات الاسلامية المتطرفة الحزبين ( الاتحاد الوطني الكردستاني والديمقراطي الكردستاني ) بالعمالة لأميركا.......!!
تشير الاحصائيات إن (80-85 )بالمائة من الشباب الذين التحقوا بداعش درسوا في مرحلة من المراحل في المعاهد والمدارس والمؤسسات التابعة للوزارة الاوقاف والشؤون الدينية في اقليم كردستان وان اغلب الملتحقين بداعش هم من مرتادي المساجد والمدارس الاسلامية...!!&
فعلى سبيل المثال لا الحصر التحق خطيب جامع قصبة ( داره توو ) في اربيل المدعو( شوان صلاح محمد) المعروف بـ( الملا شوان الكردي )مع عائلته وعدد من طلابه بتنظيم الدولة الإسلامية ـ داعش ـ بعد ان سيطر على مدينة الموصل، وأجزاء أخرى من العراق، واعلن المذكور أنه أصبح مجاهدا في صفوف داعش, حيث تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي وعلى نطاق واسع مقطع الفيديو والذي ظهر فيه المدعو ( الملا شوان الكردي ومعه بعض طلابه ) يهدد بأحتلال كركوك واربيل.....!!
&يجب ان تكون الخطبة الدينة لسان حال المظلومين وليس العكس
كما هو معلوم للجميع إنّ من أهمّ المقاصد التي شرعت (خطبة الجمعة ) لها تذكير النّاس بربّهم، وتعليمهم أمر دينهم، وإبراز دور المسلم في الحياة، والتحذير من السلبيات التي قد يقع فيها نتيجة الجهل أو الخطأ، وعليه يجب على وزارة الاوقاف والشؤون الدينية في اقليم كردستان ان تمنع خطب تحريضية سياسية في مساجد الاقليم وان تعالج ضعف الاهتمام والمتابعة من قبل الوزارة المذكورة بالخطباء وبتدريبهم (أسلوبا ولغة وعلما وتربية )، بواسطة الدورات المكثفة وإبعاد (من لا يصلح أولم يصلح منهم ), بالاضافة الى متابعتهم باستمرار ومحاسبتهم على التقصير.&
كما اقترح أن تكون (الخطب موحدة في جميع مساجد الاقليم حتى يتحقق الهدف من الخطبة،كما هو معمول في كثير من الدول الاسلامية ),... بالاضافة الى تجهيز خطب معدة مسبقا للخطيب وكذلك محاور لمواضيع الخطب، لان في الفترة الاخيرة وتحيدا منذ بدء عدوان داعش على اقليم كردستان انشغل الخطيب بالوقائع والمستجدات السياسية في غالب الخطب مما ادى الى ابعاد الخطبة عن أهدافها الحقيقية والأساسية في تعليم الناس أمور دينهم على الوجه الصحيح و توعيتهم على المنهج السليم بعد ان تفشت مظاهر الانحراف الاخلاقي والفكري و الخروج على القوانين والعادات والتقاليد و إشعال الفتن والحروب بين الاديان والطوائف.
و بمعنى اخر, يجب ان تكون الخطبة الدينة لسان حال المظلومين وليس العكس.
اخيرا، يحذر المراقبون من تنامي مدارس دينية في الإقليم تربي أطفالنا على فهم متشدد للدين و تحظر اختلاط الإناث والذكور، وتمنع الأطفال من الاستماع إلى الموسيقى والرسم والتصوير والرياضة، بدعوى أن ذلك (حرام وكفر )، معتبرين أن المنهج التربية الاسلامية الذي يتلقاه الأطفال في هذه المدارس والمساجد والمراكز الدينية يتناقض تماما مع التعليم العام والموحد في اقليم كردستان.....
&نعم... ان المنهج الذي يُدرَّس حالياً في المدارس الاسلامية يحتوي على موضوعات تتعارض مع حقوق الانسان، و لا تتماشى مع روح العصر وعليه من الضروري جدا إعادة النظر في أساليب ومنهج وطرق تربية الطلاب وتوجيههم الوجهة الصحيحة حتى لا يقعوا فريسة سهلة لمروجي الأفكار المنحرفة والمتطرفة ويشاركوا في بناء الوطن بدلا من ان يتم استخدامهم كادوات لهدمه كما يحصل الان وللاسف.
&وعليه من الضروري ان تقوم الجهات المعنية في اقليم كردستان بدورها وواجبها في تغريس وتعزيز روح المواطنة عند الطلاب بشكل عام من خلال تزويدهم بالمعارف النظرية والعملية من اجل معالجة المشاكل الفكرية والسلوكية التي يعاني منها المجتمع الكردستاني ومن اجل بناء الانسان قبل بناء العمران.
كما نتمنى لعملية التطوير التربوي في الاقليم التي تناولت (تجديد المناهج )(3 )وتحديث الطرائق وانطلقت بخطىً واثقة ومدروسة أن تسير وفق ما خطط لها لتحقيق الأهداف المرجوة في إعداد الإنسان المؤهل وبناء قدراته الخلاقة والمبدعة وتربية الجيل الناشئ في ظل مسيرة التطوير والتحديث من اجل بناء فكر مستنير للرقي بالإنسان و الإنسانية،فى وقت يحتاج اقليم كردستان لمثل هذه القيم أكثر من أي وقت آخر, وخاصة بعد انتشار أفكار دينية متطرفة وعنيفة وخطيرة خاصة بين الشباب.....&
اخيرأ لم يبقى لي الا ان اقول: يجب ان نكون صارمين جدا في وجه قوى التطرف، وحازمين جدا وجادين في مواجهة الإرهاب والفكر المتطرف العفن وفق ما يقضي به القانون في اقليم كردستان........
اختتم مقالتي بمقولة للكاتب والباحث الكبير( فرج فودة ) في هذا الجانب قد تختصر كل المعاني وهي: ( ان المستقبل يصنعه القلم لا السواك، والعمل لا الاعتزال، والعقل لا الدروشة, والمنطق لا الرصاص )..............!!
ـــــــــــــــــــــــ
1 ـ وفقا لآخر التقارير الصادرة عن عاصمة إقليم كردستان ـ أربيل ـ، بشأن عدد المساجد في الإقليم تبين أن عددها في تصاعد ملحوظ،، و تؤكد الاحصائيات الرسمية بأن هناك حوالي( 5300 )مسجد في إقليم كردستان يحق لاكثر من ( 2000 )مسجد القاء خُطب الجمعة،وأكثر من( 2700 ) مدرسة دينية وحجرة وتكية, بالاضافة الى خمسة معاهد دينية علمية، يدرس فيها اكثر من (8 ) الاف طالب من مختلف المراحل.
2 ـ تأسست جماعة انصار الاسلام في كانون الثاني سنة 2001، بعد اندماج جماعة (جند الإسلام ) بقيادة (أبو عبدالله الشافعي) مع مجموعة بقيادة (نجم الدين فرج أحمد ـ ملا كريكار) و المعروف ايضأ بـ (ابو سيد القطب الكردي )، وعرف عن الجماعة تشددها، ويطلق عليها لقب ( طالبان الكردية )....!!
3 ـ أقر النظام التعليمي الجديد في اقليم كردستان سنة 2007، بعد عقد مؤتمر تربوي موسع في أربيل بحضور خبراء محليين ودوليين بهدف رسم ملامح نظام تعليمي ملائم للتحديات الراهنة....
وعليه شرعت وزراة التربية في اقليم كردستان بموافقة من رئاسة مجلس الوزراء والبرلمان، بتنفيذ جملة من الإصلاحات التربوية الجذرية أدت في الأخير إلى تغيير نظام التعليم بالكامل ووضع النظام القديم جانبا, ذلك النظام الذي استمر لأكثر من (70 ) عاما، والذي أرساه البريطانيون في فترة احتلالهم للعراق، وكانت أبرز محاور النظام التعليمي الجديد الذي اُقر في المؤتمر تقسيم المراحل الدراسية إلى مرحلتين:&
الأولى: مرحلة التعليم الاساسي المكونة من دمج مرحلتي الابتدائية والمتوسطة في تسعة صفوف دراسية.&
والثانية: مرحلة التعليم الإعدادي وتشمل ثلاث صفوف دراسية بحيث يستغرق كل صف عاما دراسيا كاملا, وتحتسب المحصلة النهائية لمعدلات الطلبة عند انتهائهم من هذه المرحلة بنسبة 10% للصف العاشر الإعدادي ونسبة 15% للصف الحادي عشر ونسبة 75% للثانوية العامة، ويتم قبول الطالب في الجامعات والمعاهد بناء على جمع تلك النسب.&
&
أربيل&
التعليقات