تهدف "رؤية 2030" إلى تحقيق نقلة نوعية كبرى في المملكة العربية السعودية، وتحقيق أقصى درجات التقدم والازدهار فيها، عن طريق تنويع مصادر الدخل القومي، ووضع المملكة في مصاف الدول المتقدمة.

بنيت هذه الرؤية على أسس علمية وتقنية واقتصادية جادة، ودخلت حيز التنفيذ بالعمل الجاد لتحقيق الأحلام إلى واقع، لا سيما من خلال الإعلان عن مشروع نيوم الطموح، والذي يبني صندوق الاستثمارات العامة السعودي من خلاله مدينة المستقبل، التي تحول الصحراء إلى واحة اقتصادية وتنموية متكاملة، تعمل كاملة بالطاقة المتجددة، تأسيساً لنموذج فريد للحياة المستدامة بالتوازي مع النمو الاقتصادي والسياحي، في بيئة صحية ومستدامة.

تبلغ مساحة مشروع نيوم 26500 كيلومتر مربع، ويمتد ساحل المدينة على مسافة 468 كيلومتراً شمال غرب المملكة بين تبوك وضبا، ويشمل 41 جزيرة، وأربع مدن متخصصة هي ذا لاين وأوكساغون وتروجينا وسندالة.

تبلغ التكلفة الإجمالية للمشروع 500 مليار دولار، وسيعتمد كلياً على مصادر الطاقة المتجددة النظيفة، حفاظاً على البيئة، وسيضم عشرات الجزر والمنتجعات السياحية ومراسي اليخوت، كما يعتبر المشروع منطقة استثمار خاصة مستثناة من أنظمة وقوانين الدولة الاعتيادية كالضرائب والجمارك والقيود القانونية الأخرى على الأعمال التجارية وقوانين العمل، مع الاحتفاظ بالقوانين والأنظمة السيادية للدولة، مما يشجع على جذب الاستثمارات الكبرى المحلية والعالمية.

تقع نيوم في شمال غرب المملكة، و تتميز بمناخها المعتدل وتنوع تضاريسها، حيث تضم شواطئ مشمسة وجبالاً تكسوها الثلوج شتاء، ويهدف المشروع إلى جعل 95 بالمئة من مساحتها محمية طبيعية، لتوفر لسكانها معيشة قوامها الجمال والسحر والطبيعة والسياحة.

وستوفر نيوم عشرات آلاف الوظائف، حيث ستحتضن وتستقطب الكفاءات والمواهب في مجال العمارة والبناء والسياحة والادارة والبنية التحتية والاقتصاد من مختلف دول العالم، مما يؤكد دور المملكة العالمي الرائد في مجال الاقتصاد والتنمية المستدامة.

ومن المتوقع أن يتم انتهاء العمل بالمرحلة الأولى من المنطقة الصناعية في عام 2025، حيث ستدرج في الأسواق المالية، ويتم الطرح العام قبل 2030، حيث لتساهم بالناتج المحلي السعودي بنحو 100 مليار دولار، مما يمثل إضافة قوية للاقتصاد. ومن المنتظر إتمام المشروع كاملاً خلال فترة تمتد بين 30 و50 عاماً، مما يجعله مشروعاً للأجيال القادمة في خطة تنموية مستدامة طويلة الأجل.

إقرأ أيضاً: العشوائيات الديمقراطية

وتعد ذا لاين إحدى مدن مشروع نيوم، وتمثل مفهوماً جديداً للمدينة الحضرية، التي تركز على الإنسان مع الطبيعة، وهي نموذج فريد للمدن العاملة بالطاقة المتجددة. والمشروع يتكون من 170 كيلومتراً مربعاً من المجمعات البشرية المصممة لراحة الانسان، خالية من السيارات والانبعاثات الكربونية، ويبلغ أقصى حد للتنقل بين طرفي المدينة 20 دقيقة عبر قطار فائق السرعة، يعمل بالطاقة المتجددة النظيفة، ويستغرق الوصول سيراً على الأقدام لجميع المرافق خمس دقائق فقط.

أوكساغون هي المدينة الثانية التى يضمها مشروع نيوم، وتمثل المدينة الصناعية للمشروع، وهي مدينة عائمة تقع في القسم الجنوبي الغربي من منطقة نيوم، حيث تتمتع بموقع استراتيجي على ساحل البحر الأحمر الذى يمر عبره ثمن التجارة العالمية تقريباً، وستضم ميناء متكاملاً ومركزاً لوجسيتياً يخدم طرق ثلاث قارات، مما يمكنها من الربط المباشر بالأسواق العالمية، وتبلغ مساحة المشروع 48 كيلومتراً مربعاً، ويستخدم الطاقة النظيفة، مما يجعل المدينة فريدة بالجمع بين الأعمال والمعيشة والتقنيات والرفاهية.

إقرأ أيضاً: هل يسرقون المطر الإيراني؟

وتمثل تروجينا الوجهة السياحية الجبلية لمشروع نيوم، وتعمل على مدار العام، مقدمة سلسلة متنوعة من رياضات المغامرة والتزلج في الهواء الطلق ورحلات متنوعة للمرتفعات الطبيعية، والمغامرات الافتراضية المثيرة، وسوف تستضيف تروجينا دورة الألعاب الآسيوية الشتوية عام 2029، بالإضافة إلى مهرجانات وفعاليات عالمية. وتبلغ المساحة الإجمالية للمدينة 413 كيلومتراً مربعاً، منها 57 كيلومتراً مربعاً فقط مخصصة للبناء، ويبلغ ارتفاع أعلى جبل فيها 2600 متر، وتضم بحيرة صناعية لرياضات المغامرات المائية.

بدورها، تمثل جزيرة سندالة وجهة مثالية للسياحة البحرية الفاخرة، حيث جمال الطبيعة مع سحر التصميم الهندسي والفن المعماري الجميل والتقنية الحديثة صديقة البيئة، وقد أطلق قرار إنشاء المشروع في عام 2022 ويشمل فنادق فاخرة ومراسي لعشاق رياضة اليخوت وأرصفة متطورة.

إقرأ أيضاً: بوتين في السعودية والإمارات... العالم يتبدّل

ومن ضمن مشاريع النهضة الاقتصادية الكبرى للرؤية مشروع البحر الأحمر، الذي تم الإعلان عنه عام 2017 وافتتح أواخر العام الماضي. ويضم المشروع أكثر من 90 بحيرة طبيعية، وهو عبارة عن مشروع سياحي عالمي، ويتبع أنظمة مرنة في تأشيرات الدخول. وعند اكتمال المشروع في 2030، سيتألف من 50 فندقاً يوفر نحو ثمانية آلاف غرفة فندقية، وكذلك 1300 عقار سكني تتوزع على 22 جزيرة، كما يضم مرسى فاخراً، والعديد من وسائل الاستجمام والترفيه والأنشطة السياحية.

من الاستعراض الموجز السابق، تتضح آفاق النهضة الاقتصادية التنموية الاجتماعية الكبرى في السعودية، والتي تترجمها "رؤية السعودية 2030" والهادفة إلى تحقيق نقلة كبرى للمملكة في كافة المجالات.