مدريد: اعتبر الرئيس السوري بشار الأسد في مقابلة أجرتها معه صحيفة "البايس" الاثنين قبل أن تفرض الإدارة الاميركية عقوبات اقتصادية على دمشق، أن الولايات المتحدة اصبحت "للمرة الاولى مصدر عدم استقرار" في الشرق الاوسط. واعتبرت دمشق في&رد فوري&على القرار الأميركي الذي يقضي بفرض&عقوبات اقتصادية عليها أن قرار البيت الابيض "ظالم وغير مبرر".
وقال الاسد في الحديث الذي نشر اليوم الاربعاء "بصفتنا بلدا صغيرا كنا نعتبر الولايات المتحدة دولة تشجع على الاستقرار بالرغم من خلافاتنا".&وعندما سئل عن انعكاسات احتلال العراق على المنطقة، قال "ان الولايات المتحدة اصبحت للمرة الاولى مصدر عدم استقرار".&واضاف الرئيس السوري "يجب الربط مباشرة بين افغانستان والعراق وفلسطين والارهاب"، موضحا ان الحرب في افغانستان ثم في العراق "تسببت بكراهية" يمكن ان تغذي "اي ارهاب".&ولمكافحة الارهاب اكد الاسد "وجوب معالجة الاسباب: العراق وفلسطين".
وفي تعليق على نتائج احتلال العراق، قال الرئيس السوري "انها الفوضى في العراق. فهناك تهريب اسلحة الى سوريا وايضا تنامي التطرف وشعور بالكراهية تجاه الولايات المتحدة لم يكن موجودا من قبل".
وعندما سئل عن تفكيك برامج الاسلحة الكيميائية عشية الاعلان عن العقوبات الاميركية، رد الرئيس السوري ان بلاده "تعرضت لضغوط في هذا المنحى" وشدد على ان تشمل المسالة "تفكيك الاسلحة النووية في اسرائيل" التي تتعرض على حد قوله "لضغوط في الاتجاه المعاكس" من جانب الولايات المتحدة.
وخلص الى القول "ان النتيجة التي نستخلصها هي ان الولايات المتحدة ليست صادقة" مضيفا ان دمشق ترى "ان مجرد وجود هذه الحكومة (الاسرائيلية) يشكل تهديدا مباشرا".&وفي صدد الاصلاحات الاقتصادية والسياسية في سوريا، اقر الرئيس السوري ان الاولى "لا تتقدم ببطء فحسب بل وانها تتقهقر" لكن "مشكلاتنا اليومية تضع هذه الاصلاحات في المرتبة الثانية اذ ان الاولوية الان هي الامن".&واخيرا قال الاسد "اذا سئل اي مواطن سوري ما يتمنى فان جوابه سيكون مواد غذائية وليس احزابا".
واوضح رئيس الوزراء السوري محمد ناجي العطري ان "الاجراء بتطبيق العقوبات على سوريا قرار ظالم وغير مبرر (..) لكنه لن يؤثر في سوريا بشيء".&ودعا الولايات المتحدة الى ان "تعود الى رشدها وصوابها".
واكد الرئيس الاميركي جورج بوش في وقت لاحق ان العقوبات التي فرضها&الثلاثاء على سوريا سترفع اذا ما تعاونت دمشق.&وقال بوش في بيان "اذا ما اثبتت الحكومة السورية نية صادقة في البحث عن سلام حقيقي من خلال مواجهة الارهاب والعنف والتخلي عن مشاريعها لتطوير اسلحة دمار شامل واحترام استقلال وسيادة لبنان، فان الولايات المتحدة سترد بطريقة ايجابية".&واضاف "ان على الحكومة السورية ان تدرك ان سلوكها وحده سيحدد مدة العقوبات واحتمال تطبيق عقوبات اخرى اذا لم تتبن مقاربة اكثر ايجابية في علاقاتها مع جيرانها وحول اسلحة الدمار الشامل والارهاب".
واعتبر البيت الابيض ان الرئيس بوش "يظهر من خلال تطبيقه هذه العقوبات "عزم الولايات المتحدة على الرد على الدعم الذي توفره الحكومة السورية الى المجموعات الارهابية وابقاء وجودها العسكري في لبنان وجهودها للحصول على اسلحة دمار شامل وتحركاتها لنسف الجهود الاميركية والدولية لاحلال الاستقرار في العراق واعادة بنائه".
وتشمل العقوبات خصوصا منع طائرات تملكها او تشرف عليها الحكومة السورية من الاقلاع من الولايات المتحدة او الهبوط في الاراضي الاميركية. وتحظر ايضا صادرات الذخائر واي منتجات من الولايات المتحدة الى سوريا باستثناء الاغذية والادوية.
وجاء في بيان البيت الابيض ايضا ان وزارة الخزانة ستجمد ايضا حسابات المصرف التجاري السوري بسبب عمليات تبييض اموال مفترضة فضلا عن ودائع يملكها "بعض الاشخاص والهيئات الحكومية السورية".&واضاف البيت الابيض ان "الرئيس (بوش) سيدرس فرض عقوبات اضافية محتملة على السلطات السورية اذا لم تتخذ اجراءات ملموسة لوقف الدعم للمجموعات الارهابية ووضع حد لبرامجها لتطوير اسلحة دمار شامل وسحب قواتها من لبنان والتعاون كليا مع المجتمع الدولي للمساعدة على احلال الاستقرار واعادة بناء العراق".
واتخذت هذه الاجراءات في اطار "قانون محاسبة سوريا" الذي اقره الكونغرس الاميركي في 11 تشرين الثاني/نوفمبر ووقعه الرئيس بوش في 12 كانون الاول/ديسمبر.
واكدت الرئاسة الاميركية ان "تطبيق هذه العقوبات يأتي بعد عدة اشهر من الجهود الدبلوماسية غير المثمرة لاقناع الحكومة السورية بتغير تصرفها غير المقبول". واسفت لكون "الحكومة السورية لم تتخذ المبادرات الملموسة والمهمة للرد على هذه المخاوف".
واتهم البيت الابيض الثلاثاء دمشق، بالتحديد بحماية مجموعات "ارهابية" فلسطينية مسؤولة عن هجمات ضد اسرائيل وتسهيل نقل اسلحة الى حزب الله الشيعي اللبناني. واوضحت ان "الحكومة السورية تنسف الجهود الاميركية لاقامة سلام شامل في الشرق الاوسط".
وبخصوص اسلحة الدمار الشامل، اعتبرت واشنطن ان "سوريا تمتلك قدرة على تطوير اسلحة كيميائية هي من بين الاكثر تقدما في العالم العربي" واعتبرت ان "من المرجح جدا" ان تواصل سوريا تطوير اسلحة بيولوجية. وقال البيت الابيض ان سوريا تمتلك مخزونات من الاسلحة الكيميائية وصواريخ بالستية قصيرة المدى يمكن شحنها بهذه الاسلحة.
واتهمت ادارة بوش السلطات السورية ايضا بانها ارسلت عتادا عسكريا الى نظام صدام حسين عشية التدخل الاميركي-البريطاني الذي شن في اذار/مارس 2003 للاطاحة به.&وقالت الرئاسة الاميركية "اتخذت سوريا في الاشهر الاخيرة اجراءات لاغلاق حدودها مع العراق بيد انها لا تزال احد نقاط عبور المقاتلين الاجانب المفضلة في طريقهم الى العراق".
وقالت واشنطن ان دمشق لم تعد بعد الى صندوق تطوير العراق حوالى 200 مليون دولار من الودائع العراقية التي كانت مودعة في مصارف سورية. ويبدو ان سوريا حققت ايضا ارباحا قدرها ثلاثة مليارات دولار بفضل علاقات تجارية مع النظام المخلوع في العراق منتهكة بذلك قرارات الامم المتحدة بشأن الحظر الذي كان مفروضا على العراق.