تغيب فكرة الله عن غالبية المسلمين، وكذلك واصحاب الديانات الاخرى، ونتجية لغياب حقيقة صورة الله ومعناها وصفاتها وغاياتها... نتج عن هذا الغياب ظهور الفرق والطوائف والمذاهب، ونشب الصراع الأزلي بين هذه الجماعات التي يدعي كل منها احتكاره للحقيقة والايمان.


وقطعاً لايخطر على اذهان المتعصبين سؤال انفسهم : هل الله شيعي أم سني؟.. فمسألة هوية الله الطائفية محسومة لدى كل طرف ولاتوجد ضرورة للسؤال عن هوية الخالق، فمن أهم صفات التعصب هي ادعاء احتكار التعبير عن حقيقة الله، فالتعصب دائما ما يكون مصحوباً بالأستيلاء على صورة الله وتأطيرها بأطار هذه الجماعة او تلك.


اما مسألة عدالة الله وحبه لجميع البشر فأنها مرفوضة من المتعصب لأنها تجرده من متعة الوهم بأنه الوحيد الذي يحبه الله، وان الخالق قد أوكل اليه مهمة نشر الحقيقة والايمان الصحيح، فلا يمكن مطلقا من وجهة نظر المتعصب ان يكون الله يحب خصمه الطائفي وألا تنهار كل الحجج العقائدية الايديولوجية التي شيدها لخداع نفسه والاستمرار في العيش مع أوهام انه الممثل الشرعي والسفير الوحيد لله على الارض.


وامام اغراء مشاعر التعصب، تأسست الأيديولوجيات الدوغاتية وحشدت الجهود للدفاع عنها بكل الوسائل، فالشخص المتعصب هو انسان يشعر بالهوان والضعف والنقص وينعدم لديه الاستقلال الفكري والعاطفي مما يجعله يندفع بجنون للبحث عن موضوع ما يتماهى ويذوب فيه ويستمد منه الشعور بالقيمة والمعنى لحياته، فالتعصب هو علاج خاطيء ينقذه من الشعور بالنقص والضياع ويوفر له هدفاً مقدساً يجد فيه الراحة والطمأنينة والسعادة.



فمن العبث الدخول في حوار فكري عقلاني مع المتعصب لأنه لايعاني من مشكلة غياب المعلومة والمعرفة ومناهج البحث عن الحقيقة، وانما مشكلته في عقله الباطن وعمليات اللاشعور التي تضغط عليه لخلق التوازن الكاذب في داخله، فالمتعصب بسبب عدم نضجه النفسي وغياب الاستقلال العاطفي والفكري هو بحاجة الى الانتماء المتطرف والتماهي والذوبان لخلق التوازن في نفسه ولايوجد افضل من الانتماء الديني كقوة جبارة تمنح المتعصب الشعور بأنه أصبح لديه قضية مقدسة تربطه مباشرة بألله واصبحت صفات الله وقوته هي صفات المتعصب ايضا ويسقط ضحية لأوهام انه يتحرك بقوة الله ويرى بنور الله ويعلم بعلم الله.


وعليه فأن التعصب الديني وغيره من انواع التعصب سوف لن يختفي من سلوك البشر مهما كانت درجة التعليم والثقافة والتحضر لديهم، لأنه ليس مشكلة ثقافية مرتبطة بغياب المعلومة والمعرفة، وانما هو مشكلة نفسية بالدرجة الاساس والمشاكل النفسية هي جزء من تكوين الانسان بغض النظر عن عمره ومستواه الثقافي، فلا يوجد انسان على وجه الارض مطلقاً ليس لديه درجة معينة من مشاعر التعصب القومي او الديني أو الايديولوجي.

خضير طاهر
[email protected]