تسربت أنباء تفيد أن السيد مسعود البرزاني قد وصل، على رأس وفد كردي رفيع المستوى من قيادة وحكومة اقليم كردستان،إلى برلين اليوم الاربعاء لاجراء محادثات على مستوى عال مع الحكومة الاتحادية الالمانية بدعوة من السيدة انغيلا ميركل مستشارة دولة المانيا الاتحادية، وإذا صحت هذه الأنباء، فيعني أن هذه الزيارة هي الزيارة الرسميةالاولى التي يصل فيها السيد مسعود البرزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني ورئيس اقليم كردستان العراق الى برلين بدعوة رسمية.
علما ان السيد مسعود البرزاني والكثير من القيادات الكردية كانت قد زارت برلين وقبلها العاصمة السابقة بون في العقود الماضية ولكن ليس بدعوة رسمية من موقع وبقرار من المستشار الالماني.
ويقال أن هذه الزيارة تأتي لتعزيز العلاقات بين الطرفين في الوقت الذي يشهد العراق حاليا عدة مشاريع مستقبلية واعدة في البناء والاعمار، وبهذا تريد المانيا ان تجد لها موقع قدم في هذا المجال بعد ان هدأت نيران الحرب على الارهاب في العراق ونيران اندلاع حرب طائفية مقيتة اشغلت العراق الجديد لسنوات مضت بعد تحرير العراق من نير الدكتاتورية في التاسع من نيسان سنة الفين وثلاثة، ولكن يهدد العراق الان مشاكل جادة وربما مصيرية، بعد بناء اللبنات الاولى لاسس حكم ديمقراطي عبر المؤسسات الدستورية الثلاث وهي رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء والبرلمان العراقي المتعثر وكتابة الدستور رغم ثغراته الكثيرة التي يجب سدها عبر تغيير كثير من الفقرات التي لاتتطابق مع الديمقراطية المنشودة والوضع العراقي المعقد والمتعدد القوميات والاطياف والاديان. ومنها فقرات تتعلق بالذات بالوضع الكردي والفيدراليات عموما ومنها فيدرالية كردستان العراق واشكالية وضع كركوك والمناطق التي مازات محل جدال قد يتحول الى نقاط خلاف رئيسية حادة جدا بين الحكومة المركزية في بغداد مع اقليم كردستان وهي ليست نقاط الخلاف الوحيدة بين الطرفين، علما ان عقود التنقيب واستخراج النفط والغاز في المناطق الكردية محل جدل طال امده بين الطرفين.

ان تركات نظام حزب البعث الذي جثم على صدور العراقيين لمدة خمس وثلاثين سنة وحروب عديدة داخلية وخارجية فاشلة دفع الشعب العراقي ومازل وسيظل يدفع اثمانها الغالية جدا وبكل قومياته واطيافه نتيجة تصرفات ازلام دكتاتورية رعناء لم يسلم منها ايضا الشعب الكردي وحتى عائلة البرزاني بالذات التي قادت نضال الشعب الكردي في العراق لعقود عدة، بل وكان الشعب الكردي اكثر من ضحى نتيجة تلك السياسات وهي المرة الاولى في التاريخ الذي يضرب فيها شعب بالاسلحة الكيمياوية من قبل من كان يحكمه.
علما ان مصدر تلك الاسلحة الكيمياوية هي المانيا الغربية سابقا وشركاتها بالذات بعلم الدولة الالمانية وكانت المانيا بشطريها الشرقي والغربي تتمتع بعلاقات طيبة جدا مع نظام البعث، ولكل من الطرفين الالمانيين انذاك فهمه الخاص لتلك العلاقات، فبينما كانت المانيا الغربية تمد العراق خلال خمسة وثلاثين عاما وعبر حروبه الثلاث بالاضافة الى الاسلحة الكيمياوية والجرثومية بصفقات اسلحة وتجهيزات عسكرية وتدريب ضباط الصف الاول من مخابرات صدام في كل تشكيلاتها المتعددة التي كانت داخل الجيش و الشرطة او المخابرات الخاصة او الحرس الجمهوري وباقي اجهزة المخابرات التي كان يزخر بها نظام البعث وهناك من يعتقد ان التعاون اللوجستي بخصوص المعارضة العراقية والنشاطات الاخرى ضد العراق من قبل دول محددة كان ايضا على اشده بين الحكومتين، اما علاقات العراق ايام الحكم الدكتاتوري مع الطرف الاخر من المانيا وهي جمهورية المانيا الديمقراطية سابقا فقد تراوحت ايضا بين معدات حربية بسيطة وسيارات نقل جنود وتدريب الصف الثاني من اجهزة مخابرات نظام صدام.. الخ.

ومما يجدر ذكره ان حكومة المانيا بعد الوحدة الالمانية والتي كانت بتالف الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر بقيادة المستشار شرويدر وقبيل حرب تحرير العراق من الدكتاتورية، وقفت تلك الحكومة موقفا صارما ضد الرغبة الامريكية في اسقاط نظام صدام واشهر ماقاله وزير خارجيتها يوشكا فيشر انذاك لرامسفلد الذي زار المانيا لاقناعها بالدخول معها او على الاقل الوقوف على الحياد في قرار الحرب قال فيشر لرامسفلد بالحرف ( اعرف ان نظام صدام نظام ديكتاتوري ولكن ماذا اقول لشعبي) ، وهو يشير بذلك الى المظاهرات المليونية التي اخرجها حزبه واحزاب اخرى الى شوارع اوروبا للتنديد بالحرب على العراق ولم ترفع تلك المظاهرات شعارا واحدا ضد الديكتاتورية وانما كانت ضد الحرب التي تقودها امريكا بالذات.
ترى هل سيطالب السيد مسعود البرزاني المانيا وشركاتها بالتعويض المادي والمعنوي عن الام ومعاناة الشعب الكردي والعراقي عموما لما سببته الالمانيتان طوال عقود من دعمهما للنظام الديكتاتوري بكل الاشكال الحربية واللوجستية وبالذات الاسلحة الكيمياوية والجرثومية المحرمة دوليا ام انه سيترك الامر بسبب تكتيكات سياسية كما فعل زوار المانيا من الحكومات العراقية المتعاقبة بعد التحرير وكأن شيئا لم يكن!، ان الغرب لا يحترم من لايطالب بحقوقه، وخصوصا بعد كل تلك الماسي التي عاناها شعبنا، وهاهي اسرائيل تبتز المانيا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية بسبب جرائم النازية والمحرقة اليهودية.
ان المانيا وركودها الاقتصادي بعد الازمة العالمية وانتشار البطالة ومشاكل اخرى ليس اقلها هبوط اليورو (عملة الاتحاد الاوربي الذي سعت اليه المانيا وهوالانتصار الالماني الكبير بعد الحرب العالمية لاستعادة مجد قيادة اوروبا) هو الدافع الاساس للدعوة الرسمية الاولى لقائد كردي هو السيد مسعود البرزاني والوفد المرافق له فهل ستشكل هذه الزيارة مفصلا رئيسيا وتاريخيا للعلاقة بين الشعبين على اساس الاحترام المتبادل والذي اساسه الاعتذار الالماني والتعويض... لننتظر النتائج بعد ان لم يفلح الاخرون من القيادات العراقية بطلب الاعتذار والتعويض.

فخرية صالح