أقر مجلس الشورى السعودي منذ مدة نظام تنفيذ الأحكام القضائية، ويهدف النظام إلى محاصرة المماطلين والمتهربين والمتأخرين والمحتالين على تنفيذ الأحكام القضائية الواجب تنفيذها أو التي اكتسبت صفة القطعية والنهائية في حقهم.

إن إجراءات تنفيذ الأحكام القضائية الواردة في نظام المرافعات الشرعية ربما تكون غير فاعلة مما يؤدي إلى ضياع الحقوق، الأمر الذي ينعكس سلباً على السلطة القضائية وعلى المواطن الذي تهتز ثقته في القضاء وإمكانية لجوئه إلى وسائل أخرى غير مشروعة يمكن أن تقود إلى الانحراف والجريمة في المجتمع والعزوف عن اللجوء للقضاء لاهتزاز ثقتهم فيه والوصول مع خصومهم إلى تسويات قد لا تكون عادلة حتى يجنبوا أنفسهم عناء انتظار الوقت الطويل لتنفيذ تلك الأحكام الصادرة لصالحهم.
إن التعاون المشترك بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية يجعلها فاعلة ضمن منظومة الدولة، إذ لا يمكن تصور عمل سلطة دون اتساقها مع الأخرى، فالسلطة التشريعية تقوم بمهمة سن الأنظمة وتشريعها ومن ثم تعمل السلطة التنفيذية على إدارة شؤون الدولة وفق هذه الأنظمة، في حين يكون دور السلطة القضائية صيانة الحقوق التي أقرتها هذه الأنظمة من خلال الأحكام القضائية التي تصدرها.

وتؤكد مصادر قضائية أن قاضي التنفيذ مختص بسلطة التنفيذ الجبري والفصل في القضايا مهما كانت قيمتها وفقاً لأحكام القضاء المستعجل ولقاضي التنفيذ إصدار الأوامر والقرارات المتعلقة بالتنفيذ، وهذا ما نصت عليه المادة (4) من نظام التنفيذ المقترح، ولقاضي التنفيذ الإشراف على تنفيذ الأحكام بالتعاون مع لجان ميدانية من جهات يسميها القاضي وفق الحاجة، وبهذا يكون قضاة التنفيذ مختصين بتنفيذ الأحكام التجارية الصادرة من الدوائر التجارية في ديوان المظالم، إلى جانب لجان فض المنازعات التجارية والشيكات التي لا رصيد لها، فضلاً عن تنفيذ الأحكام المدنية التي تشمل القضايا العمالية والمصرفية والحقوقية وعقود الإيجار والقضايا الزوجية من نفقة وحضانة وزيارة وغيرها. وهذا ما نصت عليه المادة ( 3 ) من نظام التنفيذ المقترح، على أنه ووفقاً للنظام الجديد لا يتسنى على قضاة التنفيذ تنفيذ الأحكام الجزائية الصادرة من الدوائر الجزائية في ديوان المظالم والمحاكم المختصة، فيما أوكلت مهمة تنفيذ الأحكام الإدارية الصادرة من الدوائر التجارية في ديوان المظالم للجهات الحكومية المدعى عليها، وإذا حدثتت مماطلة في التنفيذ تلزم من إمارة المنطقة. بقى أن نشير إلى العدد الكبير من القضايا النظورة أمام قضاة التنفيذ في محاكم المملكة والذي يبلغ أكثر من 15 ألف قضية هذا العام، وهذا العدد لا يشكل سوى 30% من حجم القضايا المتعثر تنفيذها.

هذا وقد نص نظام المرافعات الشرعية الصادر في 1421هـ في المادة (217) على أنه : يجري التنفيذ على أموال المحكوم عليه إذا لم يقم بتسليم المبلغ المحكوم به وذلك بتوقيع الحجز على ما يكفي لتنفيذ الحكم من منقولاته وعقاراته وبيع هذه الأموال إن اقتضى الحال بالمزاد العلني بأمر المحكمة...)، كما نصت المادة (218) من النظام السابق على أنه : يجري التنفيذ بوساطة الجهات الإدارية المنوط بها التنفيذ ). وقد منعت المادة (219) من نظام المرافعات الشرعية قيام المنوط به التنفيذ بكسر الأبواب أو فض الأقفال لتوقيع الحجز على أموال المحكوم عليه، وقد اختتمت المواد من 220 حتى المادة 229 من النظام السابق ببيان أحوال الحجز والبيع بالمزاد ورسو العطاءات وكل ذلك كإجراءات للتنفيذ على أموال المحكوم عليه.

إن التوسع الذي تأخذ به وزارة العدل في تعيين قضاة تنفيذ الأحكام الصادرة والنظام الذي أقره مجلس الشورى يجب أن يكملا بعضهما البعض ويسدان كل الثغرات التي يلجأ إليها أولئك المتهربون عن تنفيذ الأحكام، وحيث إن للنظام الجديد سلطة رادعة حيال المتراخين والممتنعين عن تنفيذ الأحكام القضائية كالسجن والمنع من السفر والحبس والإفراج والأمر بالإفصاح عن الأموال والنظر في دعوى الإعسار وذلك طبقاً للمادة الرابعة من مشروع النظام المقترح كما أنه لقاضي التنفيذ الحجز على أموال المتهربين من تنفيذ الأحكام الصادرة في حقهم وكل السلطات والصلاحيات التي تكفل إنهاء المعاناة الكبيرة والشاقة التي يجدها المواطنون في تنفيذ الأحكام القضائية وله الاستعانة بالشرطة والقوة المختصة.

د. خالد النويصر
محام ومستشار قانوني
[email protected]