مروة كريدية من أبوظبي: يعترض المفكر حسن حنفي على الانسحاق العربي أمام quot;الآخرquot; كما ينتقد quot;المستشرقين الجدد quot; ويحدد جبهات ثلاثا تحتاج لتعاط فكري رشيد للإفلات من أزمة الثقافة العربية التي يعتبرها خانقة، ويرى ان الخطوة تكون في قراءة أكثر نقدية للموروث مؤكدًا انه quot;لا يوجد وصف سحري للعلاج بل هناك مسار طبيعي لها وتفاعل الإرادات البشرية معها، فالأزمة مرتبطة بتكون المجتمعات بتحقق الإرادات الإنسانية الحرة المتصارعةquot; مشيرًا الى ان: quot; الرغبة في تعذيب الذات وتضخيم العيوب بل وتبرير العجز هي التي تدفعنا إلى إيهام أنفسنا وغيرنا بأن أزمتنا فريدة من نوعها، تستعصي على الحلquot;
جاء ذلك خلال محاضرة القاها مساء الأحد في المركز الثقافي في أبوظبي استهلها بمعالجة مفهوم quot;الأزمة quot; من الناحية اللغوية والإصطلاحية معرّفًا لها بأنها: quot; تعبيراً عن مجتمع في مرحلة انتقال وإعادة تشكيل، نهاية قديم وبداية جديد مثل آلام الوضعquot; وقال: quot;إن الأزمة دليل على الحياة والنمو والحركة، الجماد وحده هو الذي لا يتأزم بل إن اللاهوت المسيحي جعل الوجود الإنساني كله يبدأ من أزمة وأصبح لاهوت الأزمة أحد فروع اللاهوت المعاصرquot;
وفي معرض انتقاده quot;المستشرقين الجددquot; و quot;المستغربين quot; تحدث عن نقل التراث القديم المكون الرئيسي فيها وتكراره وترديده بالرغم من تبدل وتغير المرحلة التاريخية كلها من الماضي إلى الحاضرquot; كما رأى انه من تجليات الأزمة في الثقافة العربية ظاهرة النقل عن الغرب التي استمرت طوال النهضة العربية الحديثة على مدى مئتي عام واعتباره مصدرا للعلم والمعرفة.
وأضاف حنفي quot; وليست الأزمة خاصة بالمجتمع العربي وحده، فلا يكاد يوجد مجتمع خال من أزمة، فهناك أزمة في المجتمع الغربي وأزمة أخرى في المجتمع الشرقي، توجد أزمة في الثقافة الفرنسية وتوجد أزمة أخرى في الثقافة الأميركية.quot; مؤكدًا من جهة أخرى quot; أن الوعي بالأزمة يمثل أولى مراحل تجاوزها وبداية الإحساس بها وتشخيصها ومعرفة أسبابها ثم تحريكها من أجل استيعابها ونقلها من السلب إلى الإيجاب.quot;
من جهة أخرى فقد عرض حنفي للتحديات التي تدفع إلى الاستجابة الفكرية في نقاط اهمها: تحرير الأرض، و حرية المواطن المهددة من الداخل، و العدالة الاجتماعية، و التجزئة، والتنمية أي التخلص من التبعية في الغذاء والكساء والسلاح والثقافة والعلم،والتغريب والتبعية،وأخيراً: سلبية الجماهير وحيادها ولا مبالاتها.
وقسم الثقافة العربية الى مرحلتين: quot; الأولى من القرن الأول حتى القرن السابع الهجري، نشأت فيها العلوم القديمة، وتكونت واكتملت ثم توقفت وانهارت. وذروة هذه المرحلة كانت في القرن الرابع الهجري، وفي نهايتها ظهر ابن خلدون ليؤرخ لها واضعا سؤال: (كيف قامت الحضارة العربية ولماذا انهارت؟) .
أما المرحلة الثانية: quot; فهي التي تبتدئ من القرن الثامن الهجري حتى النهضة العربية المعاصرة وهي سبعة قرون أخرى، مرحلة التدوين الثاني حيث حلّت فيها الذاكرة محل العقل فشرحت ولخصت وجمعت في عصر الشروح والملخصات ودونت الموسوعات الكبرى في العصر المملوكي والذي انتهى بسؤال شكيب أرسلان: لماذا تخلّف المسلمون وتقدّم غيرهم؟ أو بسؤال أبي الحسن الندوي: ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟ قائلا: quot; قد نكون إذا على مشارف مرحلة ثالثة لمستقبل الثقافة عصر الإبداع الثاني للحضارة الإسلامية والذي بدأت ارهاصاته منذ فجر النهضة العربية الحديثةquot;
وفي سياق المكونات الثقافية حدد ثلاثة محاور رئيسية وهي quot; الموروث القديم والوافد الحديث والواقع المعاش بصرف النظر عن نسب التكوين لكل منهاquot; طارحا الانشطار الثقافي عبر: quot; انشقاق الثقافة العربية إلى شقين وهما أنصار الدين أولاً وأنصار العلمانية وأن الأزمة هي أزمة الوجود العربيquot; مشيراا لى دور المؤسسات التربوية والجامعات العربية في ترسيخ ثقافة الآخر عبر مداولة لغته - الإنجليزية بخاصة - والتي تستدعينا - بحسب حنفي- إلى أن نسأل أين اللغة العربية.