عبد الجبار العتابي من بغداد: يسعى المخرج السينمائي العراقي قاسم عبد الى تحريك البركة الساكنة للسينما العراقية، عسى ان يلفت النظر والانتباه الى قيمة السينما وتتحرك السواعد من اجل دفع عجلة السينما المتوقفة منذ زمن بعيد، وهذا السعي تمثل في نشاط لافت للنظر فعلا حين عمل على اقامة مهرجانات لعرض افلام وثائقية في مدن عراقية لتكون باكورة لاستقطاب عشاق السينما، وقد كان المهرجان الاول في بغداد يومي (2- 3 نيسان / ابريل) ً، على امل ان يقيم مهرجانين اخرين في مدينة البصرة يومي 29-30 نيسان / ابريل، وفي مدينة اربيل يومي 6-7 أيار / مايو، تنظم المهرجانات كلية السينما والتلفزيون التي عميدها المخرج قاسم عبد لعرض 16 فيلما وثائقيا لشباب يحملون هاجس السينما ويسعون الى ان تكون لها في العراق صناعة عراقية.

* حدثنا عن المهرجان الخاص للافلام الوثائقية واي هاجس راودك؟
- مهرجان الفيلم الوثائقي تنظمه كلية السينما والتلفزيون المستقلة، نحن نعمل المهرجان لان على مدى ثماني سنوات نعمل في بغداد وربما المدرسة معروفة خارج العراق اكثر من داخله، وافلامنا عرضت في بلدان عديدة من الولايات المتحدة الى اليابان، ومن البرازيل الى كوريا الجنوبية، ان لم اقل اوربا كلها وكل الدول العربية تقريبا من الخليج الى تونس، ولكن للمرة الاولى عرضنا في بغداد، والسبب هو،كما تعرف، الوضع الامني الذي كان الهاجس الذي يخيفنا من تنظيم مهرجان ونخشى ان يتجمع الناس ومن ثم يتعرضون الى الاذى، وعلى هذا الاساس قررنا ان نجعل الجمهور العراقي يشاهد نتاجنا لانه الجمهور الاول والاخير الذي نحن نريد ان نصل اليه هو الجمهور العراقي، لان الافلام كلها تعكس نبض الشارع العراقي، اتناقضات التي يعيشها العراقي،معاناته، احلامه، طموحاته، انكساراته، خلال هذه المدة قدرنا ان نوثق، اشتغلنا على الفيلم الوثائقي، عملنا اربع دورات للفيلم الوثائقي من اجل ان نسجل اللحظة العابرة والفعالة في واحد من اخطر مراحل التاريخ المعاصر العراقي.

*ما الغرض الرئيسي من وراء اقامته؟
- السينما ذاكرة، السينما مسودة اولى لكتابة التاريخ، نحن الان وثقنا للاحداث التي مرت بالعراق، نحن انتجنا افلاما عام 2005 و2006 و2007، هذه صارت قيمتها اغلى من الذهب اليوم، نحن نعمل على التاريخ العراقي المعاصر، نعمل على الحس التاريخي للعمل السينمائي، فهذا جزء من التوثيق، زائدا ان المهرجان نظمناه من اجل تسليط الضوء على جيل جديد من السينمائيين الشباب، بالاضافة الى ان الجهد الذي نبذله جهدا كبيرا، فأستمرار المدرسة بالنسبة لنا كابوسا ـ لان لا توجد امكانات ولا دعم دولة ولا اي مؤسسات، نحن نسبح في التيار المعاكس، وتعرف انت الثقافة السائدة في البلد.

* من هؤلاء الذين انتجوا الافلام وما الذي قدمتموه لهم؟
- اغلبهم طلاب من خرجي كلية الفنون الجميلة ومعهد الفنون الجميلة، ولكن المشكلة هي ليست لديهم تجربة عملية، نحن نعمل معهم على التجربة العملية، بما معنى ان كل ثلاثة او اربعة لا بد ان يعملوا فيلما، شغلنا هو دورات مكثفة، نحن لا نشبه الكلية ولا المعهد، نحن نعمل دورات مكثفة لمدة اسابيع او اشهر وهذه الدورات اساسا معنية بانتاج الافلام، بمعنى نعلم كيف تعمل فيلما، من اين تبدأ والى اين تنتهي، كيف تبحث عن الشخصيات كيف تعمل على البناء وكيق (تمنتج) الفيلم وكيف تصور الفيلم وكيف تخرجه، والتجارب تجعلنا نعطيهم (دليل لتجربة واحدة) يمرون بها من اجل ان تساعدهم في عملهم المستقبلي، يعني مثل الشخص الذي تريد ان تعلمه سياقة السيارة، فلو انه يبقى يتعلم منن الكتب عشر سنوات فسوف لن يتعلم، الا اذا جرب وقاد السيارة بنفسه فسوف لن يتعلم، فنحن هذا هو المعنيون به : كيف يعمل بيده.

* ما المهمة المحددة في تعليم هؤلاء الشباب في كليتكم؟
- نحن ندرب الاخراج، التصوير، بما معنى التصوير والصوت والاضاءة، كل ثلاثة اشخاص يعملون معا، أحدهم مخرج والاخر مصور والثالث (مونتير)، هذا العمود الفقري لانتاج فيلم، الحد الادنى لبناء فيلم، وهؤلاء هم من ندربهم.

الاعلان بشكل واسع عن مهرجانكم الذي اقمتموه في بغداد؟ * ما السبب في عدم
- نحن.. وبسبب الوضع العام في البلد والعداء للسينما الموجود من بعض العقول المتخلفة او بعض الشخصيات التي تنظر الى الحياة بشكل (احول)، لهذا السبب لا نستطيع ان نعمل اعلانا كبيرا وننشر ملصقات، ولكن ما ان اقول اريد ان اعمل دورة حتى ينتشر الخبر بين الشباب مثل (الفايروس) !!، ويأتينا العشرات ان لم اقل المئات، انا ارى هؤلاء وأقرأ السيرة الذاتية لكل واحد منهم، ومن ثم نأخذ منهم من 18 ndash; 20 شخصا، وكل واحد منهم اجلس معه واحادثه، المخرج اعرفه لماذا جاء، هل لديه رؤية هل من الممكن ان يكون مخرجا في المستقبل ام لا، وهل لديه القدرة والحماس ان يربط مصيره بهذه المهنة ام لا، والمصور كذلك والمونتير، انا لا بد لي ان اسمعهم واختبرهم وخلال خمس دقائق من الكلام معه اعرف اين افقه.

* هل هنالك رسالة من اقامة المهرجان؟
- الرسالة هي اننا نريد ان نعيد الحياة الى شيء اسمه (متعة الفرجة) في هذا البلد، يعني.. بغداد مدينة شبه ميتة في مجال الثقافة والفن، الرسالة اننا نريد ان نساهم بجزء بسيط من اجل اعادة الحياة للسينما العراقية، نريد ان تكون هنالك سينما توصل طموحات وتطلعات ومعاناة الانسان العراقي الى العالم، نريد في الوقت نفسه من السينما ان تفتح حوارا بين الناس لكي يتوحدوا كبشر، لكي تهمهم مصائر احدهم الاخر كبشر، على هذا الاساس ومن خلال عملنا نحاول ان نقدم هذه الرسالة الى كل من يهمه الامر.

* افلامكم تعرض لعدد محدود من الجمهور الذي يحضر المهرجان، هل فكرتم بعرضها في الفضائيات؟
- لم يأتنا احد ولم يقل لنا انه يريد عرض الافلام، نحن لن نذهب الى القنوات الفضائية بل هي التي عليها ان تأتينا، عليهم ان يشاهدوا نتاجنا، واذا وجدوا فيه شيئا له قيمة فعليهم ان يأتوا الينا، لكن لدينا موقع على الانترنت وفيه اعداد كبيرة من افلامنا، وحصلنا على ثماني جوائز عربية وعالمية، نحن نعمل افضل ما تستطيع، ليس لدينا مصادر دولة ولا اي شيء، تأتينا تبرعات صغيرة من وهناك من اجل تمشية امور هذه المدرسة، ولكن نحن لدينا هم عراقي ان تكون في هذا بلد سينما.

يذكر ان قاسم عبد هو مخرج ومنتج ومدير تصوير يعيش ويعمل في لندن منذ عام 1982 تخرج من معهد الفنون الجميلة في بغداد وأكمل دراسته في معهد السينما في موسكو(فكيك)، اخرج وصور العديد من الأفلام الوثائقية للمحطات التلفزيونية البريطانية والأوربية وشغل منصب رئيس قسم البرامج الوثائقية في محطة (أم بي سي) ورئيس قسم التصوير في محطة (أي ان ان)، أسس مع زميلته ميسون الباجة جي كلية السينما والتلفزيون المستقلة في بغداد عام 2004، لتكون مركزاً للتدريب في مجال العمل التلفزيوني والسينمائي، وهو الأول من نوعه في العراق وهو مشروع غير حكومي وغير ربحي، والمركز هو أحد مؤسسات المجتمع المدني، من أعمال قاسم عبد السينمائية : وسط حقول الذرة الغريبة 1991, ناجي العلي فنان ذو رؤيا1999، حاجز سرداً 2005،حياة ما بعد السقوط 2008 الحاصل على الجائزة الأولى في مهرجان ميونخ الدولي للفيلم الوثائقي.