كامل الشيرازي من الجزائر
ربط محللو الشأن الاقتصادي في الجزائر، الخميس، ترقية الصادرات الجزائرية بتطوير المنافسة الداخلية، وقال هؤلاء في ندوة نظمتها quot;إيلافquot; بالجزائر إنّ واقع الإنتاج المحلي يفرض تحفيز المتعاملين هناك على إذكاء المنافسة أمام التواجد الكثيف للمجموعات الأجنبية في البلاد، وما يطبع آلة الإنتاج المحلي من تباينات. ورأى quot;أنيس نواريquot; أنّ ما ينقص المنتجات الجزائرية هو شيء من الدعاية، طالما أنّ جودتها لا غبار عليها، في صورة التمور والآجر والمنسوجات والمفارش والأحذية وتركيب السيارات والصناعات الغذائية وغيرها، ويضيف نواري أنّ هناك جو من اللاثقة والمخاوف غير المبررة لدى فريق من المتعاملين إزاء اقتحام الأسواق الخارجية، مع أنّ سمعة المنتجات التجارية الجزائرية لا غبار عليها، وما ينقصها بحسبه هو الاتجاه إلى عقد شراكات واستخدام سائر التكنولوجيات الحديثة لتأمين الإنتاج المحلي.
من جانبه، يلاحظ المختص بالشأن الاقتصادي في الجزائر quot;هيثم ربانيquot; أنّ التموقع الجيد للصادرات الجزائرية في الخارج، يتطلب وجود وعي بمعطيات المرحلة اعتبارا مما نجم عن اتفاق الشراكة المبرم مع الاتحاد الأوروبي قبل ثلاث سنوات، وصولاً إلى الاستعدادات الجارية لإتمام المفاوضات الخاصة بالانضمام إلى حظيرة المنظمة العالمية للتجارة، لذا يركّز رباني على حساسية مراعاة المعايير المعتمدة عالميًا وما يرافق عملية التكيف مع متطلبات السوق الخارجية من حيث توفير منتجات تعتمد الجودة والنوعية، طالما أنّ الأسواق الدولية لا تعترف بشيء اسمه quot;اللاتكافؤquot;.
ويرى quot;هيثم ربانيquot; في تصريح خاص بـquot;إيلافquot;، أنّ قطاع التصدير في الجزائر تأثر كثيرًا بنقص وسائل النقل والنقائص التي تعانيها المؤسسات الجزائرية في مجال التكوين، إضافة إلى العراقيل المحلية المتعلقة أساسًا بعامل التمويل، ما جعل عديد المجموعات الجزائرية تعجز عن إيجاد موضع قدم لها في الأسواق الدولية، على الرغم من نجاحها في تسويق منتجاتها بشكل متباين على مستوى الأسواق الإفريقية، لكن الحصائل ظلت دون المستوى المطلوب، في وقت ينادي مختصون بمضاعفة عمليات الترويج للمنتجات المحلية، فضلاً عن إعادة النظر في سيرورة الصندوق المحلي لدعم الصادرات من أجل اقتحام الأسواق العالمية، وإدراج نصوص جديدة تحكم آليات التصدير، المنافسة، المعاملات التجارية وشروط ممارسة الأنشطة التجارية.
ويضرب quot;سليم لعجايليةquot; مثلا بقدرة السلطات على دفع منظومة إنتاج الورق المموج والكلور والصودا وتقويم الألياف المسترجعة والكرتون والأوراق القديمة، كما تصدير مختلف المنتجات المحلية كالخضر والفواكه، وحتى الصناعات التقليدية من الخزف إلى القرميد، في صورة ما تمتلكه المؤسسة الجزائرية للخزف وتمكنها من إيصال قدرتها الإنتاجية إلى مليوني قطعة في السنة والكم مرشح للارتفاع، بما يرشحها لتحقيق عائدات أكبر سيما في ظل الطلبات المتزايدة من دول عربية وإفريقية.
ويهيب عموم الخبراء والمتعاملين بالحكومة الجزائرية للاهتمام بتوفير الأدوات اللوجستية وتوابعها، كما طالبوا بجعل مدينة تمنراست (1800 كلم جنوبي غرب الجزائر) quot;قطباquot; يخصص لترقية الصادرات نحو القارة السمراء، نظرًا لموقعها الاستراتيجي المحاذي لدول منطقة الساحل على غرار مالي والنيجر والتشاد، في حين دعا متعاملون في الجزائر، مؤخرًا إلى إنشاء مجلس مركزي للتصدير هناك، ورأوا الخطوة كفيلة بإنعاش منظومة الصادرات وتدارك التأخر المسجّل على صعيد التجارة الخارجية التي ظلت مقصورة في الغالب على النفط والغاز، ما جعل حجم الصادرات خارج المحروقات لا يتجاوز 1.3 مليار دولار، بهذا الصدد، أبرزت بيانات رسمية حديثة الهيمنة النفطية على الصادرات بلغت نسبة 97.8 في المائة من الميزان العام، بينما حافظت صادرات الجزائر خارج المحروقات على (هامشيتها) إذ لم تتجاوز نسبة 2.2 في المئة من الحجم الإجمالي، وهو ما يمثل 1.31 مليار دولار فحسب، حتى وإن كان ما حققته الجزائر هذه السنة مرتفعا بـ11 في المئة إذا ما قورن بالعام قبل الماضي، مع الإشارة إلى أنّ نحو ثلاثة آلاف منتوج جزائري تسوّق بأسواق دولية ضمن برنامج جديد للمبادلات التجارية، وتتنوع المنتجات الجزائرية المسوّقة بين الزيوت والزيتون والتمور والبرتقال والفلين والحلي.
ويعزو مختصون ضعف صادرات الجزائر، إلى عدم وجود هيئة تشرف على تسيير تجارة البلاد الخارجية، ومن شأنها تنشيط حركة السلع، وضمان مرونة أكبر للحراك التجاري نحو وخارج الجزائر، ويرى خبراء جزائريون أنّ منتجات بلادهم من مادة البلاستيك وكذا الصناعات الغذائية سيما التمور، على سبيل المثال لا الحصر، قادرة على تحقيق مداخيل ضخمة في الأسواق الخارجية لو ترتبط بتوظيف أحسن مما هو واقع حاليا.
وللدلالة على ذلك، يكفي الاستدلال بعجز الحكومة الجزائرية عن تصدير نصف مليون طن من التمور، ويتعلق الأمر بحسب وزارة الزراعة الجزائرية، بتعذّر تصدير كميات كبيرة من أفخر وأجود أنواع التمور إلى الخارج، مثل quot;دقلة النورquot; المحلية التي تعدّ أفضل أنواع التمور عالميًا، ووتهافت عليها عديد الدول الأوروبية، لكن تصدير ثروة التمور في الجزائر ظلّ يعاني من مشاكل عديدة، بينها عدم تنظيم مهنة التصدير، وغياب السرعة في ضمان نقل البضاعة التي تصنف في خانة سريعة التلف، وشبح المضاربين.
ويشهد قطاع الصادرات في الجزائر حراكًا لافتًا خلال الأيام الأخيرة، فبعدما كشفت الحكومة الجزائرية عن اعتزامها إقرار سلسلة إجراءات ستسمح بإزالة كثير من الأعباء عن جمهور المصدرين وتمكنهم من فرص أكبر، حيث قال مصدّرون جزائريون أنّ ذلك كفيل بالجمع بانتظام بين أصحاب القرار والمصدرين، ما يعني تموقعه كـquot;محركquot; حقيقي لتطوير الصادرات سيما بإمكانية اتخاذه القرارات الضرورية التي تتناسب مع وضعية ما، وتعرّض مصدرون في تصريحات لـquot;إيلافquot; إلى المشكلات العديدة التي تعترضهم على غرار افتقادهم إلى عامل النقل ومحدودية طاقات الشحن وافتقادها بحسبهم لأسعار ترقوية.
وتعوّل الجزائر على مرونة أكبر لصادرتها غير النفطية، حال إتمامها اتفاقات للتبادل الحر لا تزال محل تفاوض بين الجزائر و4 دول أعضاء في الجمعية الأوروبية للتبادل الحر و8 دول أخرى من غرب إفريقيا، وتجري هذه المفاوضات مع سويسرا والنرويج وليشنشتاين وإسلندا، ناهيك عن السنيغال وكوت ديفوار والنيجر ومالي وغينيا بيساو والبنين وبوركينا فاسو والطوغو، وهي دول أعضاء في الإتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب إفريقيا، وتأمل الجزائر إبرام اتفاقات مع البلدان المذكورة أواخر العام الجاري.
وقال وزير التجارة الجزائري الهاشمي جعبوب، أن حجم المبادلات التجارية بين الجزائر والبلدان الإفريقية بلغ 1.7 مليار دولار بين سنتي 2002 و2007 ، على الرغم من الفرص الهائلة التي توفرها السوق الإفريقية للمؤسسات الجزائرية، ومع ذلك كان جل إجمالي الصادرات الجزائرية إلى البلدان الإفريقية في السنوات الخمس الماضية، من المحروقات.
- آخر تحديث :
التعليقات