تحولت الخلافات المندلعة منذ سنوات عدة، بين ألمانيا وبريطانيا، من جهة، والمصارف السويسرية، من جهة أخرى، الى اتفاقيات تحض هذه المصارف على رفع السرية عن معلومات حساسة.


برن: تحولت الخلافات المندلعة منذ سنوات عدة، بين ألمانيا وبريطانيا، من جهة، والمصارف السويسرية، من جهة أخرى، الى اتفاقيات تحض هذه المصارف على رفع السرية عن معلومات حساسة تخول حكومتي برلين ولندن الكشف عن حسابات العملاء، البريطانيين والألمان، الذين تهربوا من دفع الضرائب في وطنهم الأم. في الحقيقة، فان أكبر المتضررين من رفع السرية المصرفية ليسوا ضمن المصارف السويسرية الكبرى. فالضرر يقتصر على المصارف الصغرى والشركات المستقلة العاملة في قطاع ادارة الثروات. أما دوامة المضاربات، التي تنتظر المصارف السويسرية وراء الأبواب، فقد تكون قوتها غير مسبوقة في التاريخ المصرفي الوطني!

من جانبهم، يتوقع الخبراء أن يبدأ عملاء المصارف السويسرية، الألمان والبريطانيين، بسحب ما مجموعه 100 الى 200 بليون فرنك سويسري، من هذه المصارف، قريباً لنقلها الى الخارج. ما قد يشكل ضربة قاضية على شركات ادارة الأموال الخاصة التي ستتلاشى برامجها الاستثمارية في الهواء. علماً أن آراء الخبراء الماليين تشهد انشطاراً واضحاً في ما بينها. فالبعض يدعم خطوة رفع السرية المصرفية مقابل اعطاء المصارف السويسرية صلاحيات تجارية أوسع في الخارج. في حين يلوم البعض الآخر حكومة برن على خطوة، أي رفع السرية المصرفية، ما تزال في مرحلتها التجريبية التي لم تؤول الى أي نتيجة، للآن، في الولايات المتحدة الأميركية التي تريد، بدورها، الحصول على قائمة مواطنين أميركيين، تهربوا من دفع الضرائب في بلادهم وأودعوا أموالهم في مصرف quot;يو بي اسquot;.

في سياق متصل، يشير ايرفين مارباخر، البروفيسور في العلوم الاقتصادية، لصحيفة ايلاف الى أن استهداف العملاء المصرفيين، البريطانيين والألمان، هنا، يدر المنافع على المصارف الكبرى والمصائب على تلك الصغرى. اذ ان سحب الودائع المالية ونقلها الى الخارج سيستهدف المصارف الصغيرة ومؤسسات ادارة الثروات المنتشرة على الحدود مع سويسرا، في باديء الأمر، لا سيما تلك الموزعة على الحدود السويسرية الألمانية. لذلك، فان الرسوم المفروضة على هذه الودائع، التي تمثل مصدر ربح رئيسي للمصارف السويسرية الصغيرة، ستُفنى سريعاً!

علاوة على ذلك، ينوه البروفيسور مارباخر بأن المصارف السويسرية الكبرى تتمكن من اجراء مناورات أوسع، تدر عليها الأرباح المشتقة من الاستشارات مثلاً. وفي أسوأ الظروف، تنجح هذه المصارف في فتح حسابات مصرفية لعملائها، الذين يريدون الاستمرار في التهرب من دفع الضرائب، في الخارج، كما سنغافورة وحتى البحرين. وهذا ما تعجز المصارف السويسرية الصغيرة عن تنفيذه، بسرية!