اعادة فتح باب البعثات الدراسية الى الخارج للشباب والبنات في المملكة هو أحد أهم الخطوات الاصلاحية التي اتخذت في الفترة الأخيرة في رأيي، ورغم أن كلمة (إصلاح) كثيرا ما ارتبطت بالاصلاح السياسي وحده والذي اختزل فقط الى صناديق اقتراع لم تنجح حتى الآن في تحقيق الاصلاح المنشود على أرض الواقع، بل تحولت الى أداة لتكريس التخلف والجهل ولا داعي لذكر الأمثلة الكثيرة في عالمنا العربي، فقط: انظر حولك!! في حين نجد أن البعثات الدراسية للشباب الى الدول المتقدمة تحقق إصلاحا حقيقيا وجذريا عبر الانخراط في الحياة اليومية للحضارة المتقدمة وقضاء الوقت في أروقة جامعاتها ومعاملها ونقل هذه الحضارة الى بلادنا وتطويرها، فالتعليم قبل التصويت... دائما..
الا أن هذه الأيام تتداول فتوى جديدة تسمح للمبتعث المسلم بشيء اسمه (زواج بنية الطلاق) ستكون هذه الفتوى في جيب كل طالب من طلبتنا، وقد أعطته ضوءا أخضر ليرتبط بأي فتاة ويتزوجها (لتعفه) أثناء فترة دراسته ثم يطلقها قبل أن يعود إلى بلده - هكذا بهذه البساطة! - وكل ذلك دون أن تدري ودون أن يخبرها بنيته؟

لا أفهم لماذا دائما نستسهل الكذب؟ ولماذا هذا الاحتقار للمرأة ومشاعرها؟ أما اذا كانت امرأة وغربية فالاحتقار هنا يكون مزدوجا؛ لكن لحظة. من قال أن الطلاق في أميركا مثل الطلاق عندنا، مجرد كلمة ينطقها الرجل وتحمل المرأة بعدها (قشها ) وتخرج من بيته الذي كانت تظنه بيتها؟، فهناك لديهم قوانين صارمة وتقاسم ثروات وحقوق وقضاة ومحامين شطار يقتاتون على مثل هذه القضايا بل ويفتشون عنها ويتصيدونها في سبيل تقاسم التعويضات، وما انتشار (المساكنة) في الغرب الا بسبب هذه القوانين الكثيرة التي تنظم حالات الزواج والطلاق وتؤدب الأشقياء.
حسنا لندع القوانين الصارمة جانبا.. من قال أن المرأة الغربية مكلفة بإيصال شبابنا الى الجنة؟
وأنها تعلمت وتحررت وعملت كي تدفع سنوات من عمرها وربما تنجب أطفالا من مثل هذه الزيجات وقد تحرم منهم بعد ذلك ويخطفوا منها (لحمايتهم وعفتهم أيضا بدورهم!) وكل ذلك حتى لا يقع (أخونا في الله) في الحرام؟

ولو تركنا المعاني المفترضة للزواج كرباط إنساني مقدس بين امرأة ورجل، وتعاملنا معه بأفج) أشكاله كشركة وعقد بين شخصين فهل يجوز بهذا الشكل؟هل يصح عقد عنوانه (توظيف بنية الطرد مثلا)؟ أو (استخدام بنية الفصل)؟ فلم لا يكون اسمه مثلا (الزواج بالاتفاق على الطلاق) مثلا؟ فيكون على الأقل أكثر وضوحا وصدقا من البداية؟

الشيخ ابن عثيمين رحمه الله والذي لا يزايد أحد على علمه وورعه حرّم هذا النوع من الزواج لما فيه منquot; الغش والتدليسquot;، والى جانب ذلك كله علينا ألا ننسى أن الابتعاث قبل الحادي عشر من سبتمبر يختلف عن الابتعاث بعده، وبدلا من (تدجيج )الشباب بمثل هذه الفتاوى يفترض توعيتهم بالقوانين التي تحكم البلدان التي تستضيفهم، وضرورة الالتزام بها و(ترقيع )ماخلفته تلك الأحداث، واذا كانت آثار الحادي عشر من سبتمر لا تزال عالقة على كل جوازسفر أخضر فمن الغباء أن نفتح على شبابنا جبهات صراع جديدة.
في النهاية لا أعرف لماذا لدينا احتقار للآخر ومشاعره وانسانيته؟ فمن زيجات للحصول على الجنسية الى زيجات بنية الطلاق،
المشاعر الانسانية واحدة ومهما اختلفت ألوان بشراتنا فلون دمائنا الأحمر يوحدنا، ولدموعنا ذات الملوحة، ومهما اختلفت لغاتنا ولهجاتنا، فجميعنالدينا لغة واحدة فقط عندما...نضحك

[email protected]