حضرت هنا في كردستان العراق أملا لبلدكم بالاستقرار والهدوء والرخاء بعد معاناة عشرات السنوات من النظام الديكتاتوري لصدام حسين والذي مازال يتباكى على رحيله مصاصو دماء الأبرياء وعبدة كوبونات النفط، لذا اقدم لكم تجربة مصر المريرة والخاطئة لتتعلموا من التجربة المرة التي تعيشها مصر وهى quot; الدولة الدينية quot; وكيف تحكم مصر في القرن الواحد وعشرين بعقلية القرن السابع لذا تضمنت ورقتي كيفية التخلص من الدولة الدينية وذلك بتطبيق العهد الدولي لحقوق الإنسان لتعيشوا في دولة المواطنة وليس الدولة الدينية مع أمثلة حية للدولة الدينية الشوفينية التي تعيشها مصر بقوانينها وقضائها..
أولا : لم تذكر بيانات أو أبحاث الأمم المتحدة تعريفا صريحا عن المواطنة ولكنها ذكرت تعريفا قانونيا وهو المفهوم القانوني الدولي للمواطنة فيتلخص في المادة (2) من العهد الدولي للحقوق المدنية و السياسية التي تنص على التالي :
1. تلتزم كل دولة طرف في هذا العهد باحترام الحقوق المعترف بها فيه، وبكفالة هذه الحقوق لجميع الأفراد الموجودين داخل حدودها، دون أي تمييز بسبب العرق، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي سياسيا أو غير سياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة، أو النسب، أو غير ذلك من الأسباب.
2. تلتزم كل دولة طرف في هذا العهد، إذا كانت تدابيرها التشريعية أو غير التشريعية القائمة لا تكفل فعلا إعمال الحقوق المعترف بها في هذا العهد، بأن تتخذ، طبقا لإجراءاتها الدستورية ولأحكام هذا العهد، ما يكون ضروريا لهذا الإعمال من تدابير تشريعية أو غير تشريعية.
3. تلتزم كل دولة طرف في هذا العهد:
(أ) بأن تكفل توفير سبيل فعال للتظلم لأي شخص انتهكت حقوقه أو حرياته المعترف بها في هذا العهد، حتى لو صدر الانتهاك عن أشخاص يتصرفون بصفتهم الرسمية،
(ب) بأن تكفل لكل متظلم على هذا النحو أن تبت في الحقوق التي يدعى انتهاكها سلطة قضائية أو إدارية أو تشريعية مختصة، أو أية سلطة مختصة أخرى ينص عليها نظام الدولة القانوني، وبأن تنمى إمكانيات التظلم القضائي،
(ج) بأن تكفل قيام السلطات المختصة بإنفاذ الأحكام الصادرة لمصالح المتظلمين.
هذا نص العهد الدولي لميثاق الأمم المتحدة وهناك قوانين ومواثيق محلية وهي الدساتير والتشريعات ولابد من تطابق الدساتير و التشريعات والمحلية مع الميثاق الدولي وهناك آليات تعمل على نشر وتحقيق وتطبيق العهود الدولية على المستوى المحلى للدول الأعضاء بالأمم المتحدة من خلال quot; أعمال اللجنة المهنية لحقوق الإنسان HRC quot; وتقدم الدول الأعضاء تقارير كل خمسة سنوات لمعرفة مدى تطابق الدستور والتشريعات المحلية مع العهد الدولي فعلى سبيل المثال مصر قدمت أخر تقرير متأخرا 7 سنوات والتقرير الأخير وجب تقديمه في سنة 2004 ومتأخر والى ألان 3 سنوات تأخير.
بالإضافة إلى أن هناك عدد محدود من الدول رفضت التصديق على البروتوكول الاختياري الذي يتيح للأفراد اللجوء إلى رفع شكاوى مباشرة على الدول في حالة فشل نظامها القضائي معللة احترام مبدأ السيادة الوطنية.
و توجد دول عديدة في العالم موقعة على الميثاق العالمي لحقوق الإنسان وتتعارض الدساتير والتشريعات المحلية مع العهد الدولي لحقوق الإنسان وتصيب مبدا المواطنة فى مقتل منها مصر على سبيل المثال في عدد من النقاط أهمها.
المادة الثامنة التي تنص على quot;تكفل الدولة تكافؤ الفرص لجميع مواطنيهاquot;
والمادة أربعين التي تنص على quot;المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة، ولا تمييز بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدةquot; والمادة 46 التي تنص على الحرية الدينية بالدستور المصري
كل المواد السابقة تتعارض مع المادة الثانية من الدستور المصري التي تنص على أن الدين الإسلامي هو دين الدولة الرسمي والشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيس للتشريع.
والتعارض هنا نتيجة صبغة الدولة بدين الأغلبية وانعدام حقوق الأقلية والمواطنة
كون الشريعة مصدر رئيس للتشريع وتبعاته المجحفة بحقوق المواطنة الأخر.
انحياز الدولة لدين يصيب مبدا المواطنة في مقتل.
ومن تبعات انعدام المواطنة في مصر فالأقباط فى وطنهم اصبحوا مواطنين من الدرجة الثانية فهم مضطهدين بحكم القانون من القيادة السياسية بل وايضا من غالبية الشعب واليكم الدلائل فعلى سبيل المثال لا الحصر.
عدم جواز شهادة غير المسلم على المسلم في قضايا الأحوال الشخصية.
- في قضايا الميراث بين المسلمين يُرْفض أخذ شهادة المسيحيين والعكس، تقبل شهادة المسلمين على المسيحيين في كلا من قضايا الميراث والأحوال الشخصية.
- في حالة تغيير دين أحد الأبوين ينسب الأبناء للأفضل ديناً (الإسلام بالطبع) ؟!.
1ـ اعتبار الأقباط خونة وليسوا جزءاً أصيلاً من أبناء الوطن
ـ حرمان الأقباط من تقلد الوظائف الحساسة مثل أمن الدولة والمخابرات ورئاسة الجامعات والمناصب العليا في الجيش و الشرطة والقضاء.
ـ تسليم ملفهم لجهاز أمن الدولة كأنهم خطرين على أمن الوطن.
ـ الاستهزاء بعقيدة الأقباط في الإذاعة والتليفزيون والصحف والمجالات بواسطة حملة المباخر الأزهرية سليم العواء ومحمد عمارة و وطارق البشري وزغلول النجار و فهمي هويدى وكثيرين في كل قطاعات الدولة المختلفة علاوة على الكراهية الشديدة للأقباط في أدبيات وكتابات الإخوان المسلمين من مرشديهم السابقين واخيراً مهدى الذي صرح بتفضيله لحكم مصر ماليزي أو تركي.
وهناك الآلاف من الانتهاكات ضد الأقباط من الدهماء بمباركة الدولة وقياداتها فعلى سبيل المثال أيضا.
1يوليو 1980 حرق كنيسة العذراء قصرية الريحان بمصر القديمة تماماً.
يونيو 1981 تفجير كنيسة العذراء بمسرة ومقتل سبعة أشخاص.
يونيو 1981 مذبحة الزاوية الحمراء بالقاهرة ونجم عنها 81 قتيل طبقا لتصريح اللواء حسن أبو باشا وزير الداخلية في ذلك الوقت.
مايو 1990 مذبحة الإسكندرية مقتل القس شنودة حنا عوض وزوجته تريزة اليأس بشاي وخمسة آخرين.
مايو 1992 مذبحة ديروط مقتل 13 من بينهم طفل صغير وفلاح عجوز.
مارس 1994 مذبحة دير المحرق بأسيوط مقتل اثنين رهبان وثلاثة آخرين.
فبراير 1996 مذبحة عزبة الأقباط بالبدارى مقتل ستة أشخاص وإصابة آخرين.
فبراير 1997 مذبحة أبو قرقاص بالمنيا مقتل تسعة شبان أثناء اجتماع الصلاة بالكنيسة.
مارس 1997 مذبحة بهجورة بنجع حمادى مقل ثمانية أشخاص بينهم عجوز عمره 70 عاما.
يناير 2000 مذبحة الكشح مقتل 21 بينهم طفلان وامرأتان منهم شخصان تم حرقهم في وسط مزارعهم ولم يدان أحدا وكأنهم قتلى قتلوا أنفسهم.
أبريل 2006 مذبحة الإسكندرية شخص عجوز وإصابة 15 آخرين.
و أخيرا يوم 24/4/2007 صدر حكم من محكمة القضاء الإداري دائرة منازعات الإفراد برفض طلب 10 مواطنين مسيحيين كانوا اسلموا ثم عادوا ألي المسيحية بتغيير أسمائهم وديانتهم quot;المسيحية quot; إلى أوراقهم الرسمية قبل أن يسلموا وجاء في أسباب الحكم (إن حرية الاعتقاد مباحة بشرط عدم التلاعب بالأديان السماوية ومن يدخل الدين الإسلامي طواعية وبإرادته الحرة فعلية الالتزام بإحكامه والتي لا تسمح بالارتداد عنه لأنه يعتبر خروج على النظام العام !! ) وهو قول علاوة على مخالفته للمادة 46 من الدستور المصري التي تنص على حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية فانه يخالف المادة 18 من الإعلان العالمي من حقوق الإنسان والتي وقعت عليه مصر!!!
كل هذه الحوادث ليس إلا على سبيل المثال لا الحصر والخلاصة لتحقيق المواطنة الحقيقة يجب العمل على استراتيجيتان قصيرة المدى وأخرى طويلة المدى.
أولا الاستراتيجية قصيرة المدى
العمل على تعديل كل القوانين الموجودة في الدستور والتي لا تتماشى مع القانون الدولي والمواثيق الدولية
إلغاء الصبغة الدينية للدولة مثل المادة الثانية في الدستور المصري أو التي تشير إلى دين الدولة.
نشر ثقافة حقوق الإنسان المنعدمة في الشرق الأوسط.
نشر ثقافة قبول الأخر والبعد عن التعصب القبلي.
الفصل التام بين الدين وبين العمل السياسي والإعلان على علمانية الدولة.
العمل على تفعيل القوانين والتشريعات الحقوقية بدلا من وجودها كديكور في الدساتير والتشريعات.
ثانيا الاستراتيجية بعيدة المدى
تغيير الدستور المصري والتشريعات بأكملها بما يتماشى مع القانون الدولي.
العمل على أيجاد اليات جديدة لتحقيق مبدأ المواطنة.
وكل ذلك للوصول إلى المواطنة ألحقه وليعش الاقليات أيضا في بلادهم مواطنين وليسوا رعايا لان التنوع هو ثراء فكرى وأدبي واقتصادي واجتماعي.
أخيرا.
سويسرا بها 1 % من السكان يتحدثون اللغة الرومانية وتعتبر لغة ال1 % لغة رسمية معترف بها وهكذا يقاس تقدم الدول بتقدم حقوق المواطنة وحقوق الاقليات بها.
واثر في نفسي ما تمت من مناقشات أمس أن جميع المتحدثين من المثقفين تحدثوا عن دولة فيدرالية للشيعة والسنة والأكراد ولم يسجلوا كلمة واحدة عن الاقليات الأخرى من آشوريين وكلدانيين وسريان وصابئتين و مندائين وايزيدين ؟
أرجو أن لا تكون التجربة الديمقراطية هي سبيل لطغيان الأغلبية كما أود من المثقفين ورواد الفكر في العراق خاصة والشرق الوسط عامة إلى نشر حقوق المواطنة لكل الاقليات السابق ذكرها.
وعلية نظرا لانعدام حقوق المواطنة في منطقة الشرق الأوسط ففي شهر مارس 2007 تم إقامة مؤتمر للاقليات المضطهدة في الشرق الوسط بمدينة زيورخ في الفترة من 24 الى 26 من مارس ونجم عنه إقامة منظمة الدفاع عن حقوق الاقليات و المرأة في الشرق الأوسط والخطوة القادمة هي تبنى قضايا الاقليات في الشرق الأوسط والعمل على رفع الظلم عنهم لتحقيق المواطنة الكاملة غير المنقوصة للاقليلات في الشرق الأوسط.
التعليقات