لم يفلح سعي مرشحة الاشتراكيين (روايال) لإخافة الفرنسيين، وتحذيراتها المتكررة من وقوع اضطرابات في الضواحي إذا فاز المرشح الديغولي ساركوزي، فقد ذهبت كل محاولاتها أدراج الرياح. لكن حدسها صدق، فقد اندلعت الاضطرابات في ساحة الباستيل وتم تحطيم واجهات المحال والسيارات فور الإعلان عن فوز ساركوزي، ولا شيء يضمن

العالم يهنئ فرنسا برئيسها الجديد

الرئيس الجديد انساني ويحمل المبادىء الديغولية
ساركوزي يدعو الى صفحة جديدة في تاريخ فرنسا

ساركوزي رئيسًا لفرنسا بنسبة 54.5 في المئة من الأصوات

انصار ساركوزي يحتفلون بالنصر

صدامات بين الشرطة ومتظاهرين ضد ساركوزي

بدء الاقتراع في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية في فرنسا

المرشح اليميني نيكولا ساركوزي الذي يريد تغيير فرنسا

توجيهات مرشحي الدورة الاولى من الانتخابات الفرنسية لناخبيهم

سيغولين روايال المرأة التي قلبت الحياة السياسة في فرنسا

مستقبلا عدم امتداد هذه الاضطرابات وأعمال العنف والشغب إلى الضواحي، مما سيجعل الرئيس الجديد وفريق عمله أكثر تشددا في سياساتهم حيال المهاجرين، وبخاصة الغير شرعيين.
إن فرنسا التي اتُهمت أنها عجوز أو قديمة، ستلبس بفوز ساركوزي في انتخابات الرئاسة، ثوبا حديثا، يجدد شبابها وحيويتها، نظرا لشباب قادة الحكم والمعارضة، وستتكلم لغة جديدة لم يألفها العالم عن فرنسا من قبل، هذه اللغة التي لن تسر بعض الدول، وبعض المهاجرين من سكان الضواحي الباريسية واليساريين المتطرفين، الذين افتعلوا أحداث الشغب والعنف الأخيرة عام 2005 والذين وصفهم ساركوزي بالحثالة.
بالرغم من وجود المؤسسات الفرنسية التي ترسم سياسة فرنسا الداخلية والخارجية، فإن ما لا شك فيه أن بعض هذه السياسات المألوفة المعروفة ستتغير، وأول هذا التغيير سيكون داخليا بإنشاء وزارة تهتم بتنظيم شؤون الهجرة، والهوية الوطنية الفرنسية، والحد من الهجرة اللا شرعية ، وغاية الرئيس الفرنسي الجديد إفهام هؤلاء المهاجرين أنهم قلة، وأن نغمة التهميش التي يعزفونها لن تفيدهم، ولا يمكنهم بالتالي فرض آراءهم وأطروحاتهم على الشعب الفرنسي، لأنهم لا يسكنون فرنسا وحدهم، بل هناك أغلبية ساحقة تشاركهم هذا الوطن. وهذا ما يتخوف المهاجرون، ويعتبرونه موقفا معاديا لهم.
ليس خفيا أن ساركوزي سيجري تعديلات واضحة على سياسة وفلسفة الديغوليين فيما يخص تاريخ فرنسا الاستعماري، وقد ظهرت توجهاته جلية في هذا المضمار مذ كان وزيرا للداخلية، إذ رفض جلد الذات الفرنسية حيال استعمار الجزائر، وحرب الاستقلال، ورفض توقيع وثيقة بهذا الخصوص مع الجزائر التي لم تكن راضية حيال هذا الموقف الجديد.
بعكس الرئيس شيراك، فإن الرئيس ساركوزي يمد علانية يد الصداقة لأمريكا وقادتها المحافظين الجدد، ويبدي تعاطفه وتفهمه لسياساتهم، وخاصة حيال محاربة الإرهاب، ويطمئنهم بوقوف الفرنسيين إلى جانبهم، وأن باستطاعتهم الاعتماد على صداقة فرنسا ودعمها. وهذا بحد ذاته يشكل تغيرا واضحا في السياسات الفرنسية، لم تألفه فرنسا منذ الحكم الديغولي. وسيكون لهذا التغيير آثارا ونتائج هامة على الصعيد العالمي، في المستقبل القريب.
يقف ساركوزي بقوة إلى جانب فكرة الاتحاد الأوروبي، ولهذا سيعيد التصويت على الدستور الذي رفضه الفرنسيون. لكن سياسته بهذا الخصوص لن تسر تركيا التي اتخذ منها موقفا قاطعا ضد انضمامها لهذا الاتحاد.
لن تختلف سياسة ساركوزي عن سياسة خلفه الرئيس شيراك حيال قضايا الشرق الأوسط عامة، وحيال لبنان خاصة، التي أبرق رئيس وزرائها السنيورة مهنئا، لتكون أول برقية تهنئة تصل الرئيس الفرنسي الجديد. وإن كان ثمة تغيير فسيكون تغيرا طفيفا لجانب إسرائيل. ولكن مهما كان هذا التغيير فلن يكون كما لو فازت روايال بالرئاسة، فكما هو المعروف فإن علاقة الاشتراكيين واليساريين الفرنسيين بإسرائيل، أقوى من علاقة اليمين والديغوليين كمسيحيين المتدينين.
إن فرنسا بهذا الرئيس الجديد مقبلة على سياسات جديدة ومفاهيم جديدة وعلاقات داخلية وخارجية جديدة، سنلمس آثارها في قريبا.

[email protected]