كان يمكن لقمة الدوحة أن تشكل مناسبة للبحث جديا في تطوير العمل المشترك بين الدول العربية. صحيح أنه كانت للقمة أيجابيات عدة على رأسها كشف مدى عمق الخلافات العربية من جهة والتوصل إلى نوع من المصالحة السعودية- الليبية من جهة أخرى، ألا أن ذلك كان يجب ان لا يمنع القمة من الذهاب إلى أبعد من تهدئة الأوضاع بين العرب عن طريق التستر على الخلافات ليس ألاّ. كان مفترضا في القمة السعي إلى وضع الأسس لبلورة موقف مشترك من المستقبل ومن العمل العربي الجماعي بدل الأكتفاء بـصدار quot;إعلانquot; يمكن أن تفسره كل دولة بما يناسب أهواءها وسياساتها.
كانت الجهود التي بذلها أمير دولة قطر الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني من أجل أحتواء الخلافات العربية وأبقائها تحت السيطرة جهودا مشكورة. مجرد أنعقاد القمة العربية الدورية في موعدها يعتبر أنجازا في أيامنا البائسة هذه. لكن لا شيء كان يحول دون الذهاب إلى البحث في التوصل إلى نتائج عملية على صعيد العمل المشترك عن طريق الأستفادة من تجارب السنوات التي تزيد على الستين من عمر جامعة الدول العربية. مثلما أن العرب يتذكرون في كل سنة أن عليهم عقد قمة، عليهم أن يتذكروا أيضا القرار الصادر عن قمة عمان في العام 2001، التي كانت أولى القمم الدورية، وقمة شرم الشيخ في العام 2003. دعا القرار الصادر عن القمتين إلى quot;قيام الدول العربية بتقديم أقتراحاتها وتصوراتها لتطوير منظومة العربي المشترك وتحديثهاquot;.
مضت ست سنوات ولا أحد يريد أن يطور ويحدث. وجاءت أحداث أقليم دارفور السوداني وما تلاها من تطورات بلغت ذروتها بصدور مذكرة توقيف في حق الرئيس عمر حسن البشير لتؤكد عجز المؤسسات العربية القائمة وعدم قدرتها على التفاعل مع ما يدور في العالم العربي وحوله. وعلى الرغم من تأكيد الأمين العام لجامعة الدول العربية السيد عمرو موسى غير مرة أن الجامعة أرسلت بعثة لتقصي الحقائق في دارفور، ليس هناك مواطن عربي واحد يعرف حقيقة ما يدور في دارفور. هل الرئيس السوداني على حق، أم أن المنظات الدولية والحكومات الغربية على حق في تسمية ما جرى في تلك المنطقة السودانية quot;جريمةquot;؟ يصعب على المواطن العادي الأجابة عن أي سؤال في هذا الشأن في غياب المعطيات الحقيقية التي تسمح له بأن يكون قادرا على التعاطي مع قضية دارفور بشكل موضوعي.
أمتلك الرئيس علي عبدالله صالح ما يكفي من الشجاعة وبعد النظر كي يقدم في قمة الدوحة quot;رؤية الجمهورية اليمنية لتطوير العمل العربي المشتركquot;. الهدف كان البناء على تجربة جامعة الدول العربية بحسناتها وسيئاتها، بأيجابياتها وسلبياتها، وذلك كي يصبح في الأمكان أيجاد مكان للعرب على الخريطة العالمية في ضوء ما يمتلكونه من ثروات وأمكانات بشرية ومواقع أستراتيجية. هل كثير على العرب التفكير في المستقبل بدل البقاء في أسر الماضي؟ أليس معيبا أن يبقى الهم المهيمن على أي قمة عربية ضبط أيقاع هذا الرئيس أو الملك أو ذاك تفاديا لأنفراط القمة؟
كشفت قمة الدوحة العرب على حقيقتهم مثلما كشفتهم قبل ذلك الحملة العسكرية الأميركية في العراق في العام 2003 ومثلما كشفتهم أيضا الحرب الأسرائيلية الأخيرة على غزة التي كان في أستطاعتهم أتخاذ موقف واضح منها لو أمتلكوا ما يكفي من الجرأة لتسمية الأشياء بأسمائها، بما في ذلك أن الصواريخ التي تطلق من القطاع ليست quot;مقاومةquot; ولا علاقة لها بالمقاومة لا من قريب ولا من بعيد. الآن، يستطيع العرب رفض مذكرة التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية في حق البشير. ولكن ما الذي سيفعلونه عندما يصدر قرار عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في سبتمبر- أيلول أو أكتوبر- تشرين الأول المقبل يؤكد ما ورد في مذكرة التوقيف؟
أوليس العجز العربي سببا كافيا للتفكير في تطوير العمل المشترك؟ كان لا بدّ لقمة الدوحة أن تقدم على خطوة أولى في أتجاه ذلك عن طريق الأستفادة من quot;الرؤيةquot; اليمنية التي تصب في أتجاه قيام quot;أتحاد الدول العربيةquot; بديلا من جامعة الدول العربية. لا يعني الأتحاد أن الوحدة العربية ستقوم غدا بمقدار ما يعني أن هناك حاجة إلى quot;تحقيق التكامل الأقتصادي من منطلق أن تنمية المصالح المشتركة بين الدول الأعضاء والأندماج الأقتصادي هما المدخل الحقيقي للتوحد السياسيquot;.
مرة أخرى فوت العرب على نفسهم فرصة للتواصل مع المستقبل كي يكونوا رقما فاعلا في المعادلة العالمية، خصوصا أن ما طرحه الرئيس اليمني لم يكن على حساب أي دولة عربية أذ أكدت quot;الرؤيةquot; التي قدمها بلده بين ما أكدته quot;أحترام سيادة كل دولة عربية وأحترام حدودها الأقليمية ووحدة ترابها الوطني وحق كل دولة في أختيار نظام حكمهاquot;. أضافة إلى ذلك، شددت على quot;حق كل دولة في أختيار نظام حكمها وعلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاءquot;.
جاءت quot;الرؤية اليمنيةquot; متكاملة وهي دراسة صغيرة حواها كتيب وزع في أثناء القمة. لم يكن الموضوع موضوع فرض وجهة نظر معينة مصدرها بلد فقير، لكنه يمتلك حضارة عريقة وتجربة ديموقراطية فريدة من نوعها في المنطقة، بمقدار ما أنه كان مفيدا الأقدام على خطوة أولى في الأتجاه الصحيح. كان كافيا أن تؤكد قمة الدوحة في quot;الأعلانquot; الصادر عنها وجود مثل هذه quot;الرؤيةquot; كي تفتح نافذة على التغيير الذي لا بدّ منه في يوم من الأيام. أنه التغيير الذي يضمن للعرب مكانا تحت الشمس، في حال كانوا يسعون إلى مثل هذا المكان فعلا. كان على العرب أن يتذكروا في قمة الدوحة أن الدعوة إلى أنعقاد القمة العربية دوريا صدرت أول ما صدرت عن اليمن التي تمتلك مصلحة في الأستقرار الأقليمي وفي تفادي أي تأزم في العلاقات العربية- العربية. المهم أن quot;الرؤيةquot; صارت على الطاولة وأن موضوع أيجاد بديل من جامعة الدول العربية صار مطروحا. العالم تغيّر. على العرب أن يتغيّروا. من كان يصدق أن الأتحاد الأوروبي سيرى النور يوما أنطلاقا من خطوة صغيرة هي أتفاق بين عدد صغير من الدول بينها فرنسا وألمانيا وأيطاليا في شأن الفحم الحجري وقع في العام 1956 في روما! من يسفر في أوروبا حاليا ويجتاز حدود الدول يفهم معنى الخطوة الهادفة إلى تطوير العمل العربي المشترك وعنى الخطوة اليمنية في هذا الأتجاه.
كانت الجهود التي بذلها أمير دولة قطر الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني من أجل أحتواء الخلافات العربية وأبقائها تحت السيطرة جهودا مشكورة. مجرد أنعقاد القمة العربية الدورية في موعدها يعتبر أنجازا في أيامنا البائسة هذه. لكن لا شيء كان يحول دون الذهاب إلى البحث في التوصل إلى نتائج عملية على صعيد العمل المشترك عن طريق الأستفادة من تجارب السنوات التي تزيد على الستين من عمر جامعة الدول العربية. مثلما أن العرب يتذكرون في كل سنة أن عليهم عقد قمة، عليهم أن يتذكروا أيضا القرار الصادر عن قمة عمان في العام 2001، التي كانت أولى القمم الدورية، وقمة شرم الشيخ في العام 2003. دعا القرار الصادر عن القمتين إلى quot;قيام الدول العربية بتقديم أقتراحاتها وتصوراتها لتطوير منظومة العربي المشترك وتحديثهاquot;.
مضت ست سنوات ولا أحد يريد أن يطور ويحدث. وجاءت أحداث أقليم دارفور السوداني وما تلاها من تطورات بلغت ذروتها بصدور مذكرة توقيف في حق الرئيس عمر حسن البشير لتؤكد عجز المؤسسات العربية القائمة وعدم قدرتها على التفاعل مع ما يدور في العالم العربي وحوله. وعلى الرغم من تأكيد الأمين العام لجامعة الدول العربية السيد عمرو موسى غير مرة أن الجامعة أرسلت بعثة لتقصي الحقائق في دارفور، ليس هناك مواطن عربي واحد يعرف حقيقة ما يدور في دارفور. هل الرئيس السوداني على حق، أم أن المنظات الدولية والحكومات الغربية على حق في تسمية ما جرى في تلك المنطقة السودانية quot;جريمةquot;؟ يصعب على المواطن العادي الأجابة عن أي سؤال في هذا الشأن في غياب المعطيات الحقيقية التي تسمح له بأن يكون قادرا على التعاطي مع قضية دارفور بشكل موضوعي.
أمتلك الرئيس علي عبدالله صالح ما يكفي من الشجاعة وبعد النظر كي يقدم في قمة الدوحة quot;رؤية الجمهورية اليمنية لتطوير العمل العربي المشتركquot;. الهدف كان البناء على تجربة جامعة الدول العربية بحسناتها وسيئاتها، بأيجابياتها وسلبياتها، وذلك كي يصبح في الأمكان أيجاد مكان للعرب على الخريطة العالمية في ضوء ما يمتلكونه من ثروات وأمكانات بشرية ومواقع أستراتيجية. هل كثير على العرب التفكير في المستقبل بدل البقاء في أسر الماضي؟ أليس معيبا أن يبقى الهم المهيمن على أي قمة عربية ضبط أيقاع هذا الرئيس أو الملك أو ذاك تفاديا لأنفراط القمة؟
كشفت قمة الدوحة العرب على حقيقتهم مثلما كشفتهم قبل ذلك الحملة العسكرية الأميركية في العراق في العام 2003 ومثلما كشفتهم أيضا الحرب الأسرائيلية الأخيرة على غزة التي كان في أستطاعتهم أتخاذ موقف واضح منها لو أمتلكوا ما يكفي من الجرأة لتسمية الأشياء بأسمائها، بما في ذلك أن الصواريخ التي تطلق من القطاع ليست quot;مقاومةquot; ولا علاقة لها بالمقاومة لا من قريب ولا من بعيد. الآن، يستطيع العرب رفض مذكرة التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية في حق البشير. ولكن ما الذي سيفعلونه عندما يصدر قرار عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في سبتمبر- أيلول أو أكتوبر- تشرين الأول المقبل يؤكد ما ورد في مذكرة التوقيف؟
أوليس العجز العربي سببا كافيا للتفكير في تطوير العمل المشترك؟ كان لا بدّ لقمة الدوحة أن تقدم على خطوة أولى في أتجاه ذلك عن طريق الأستفادة من quot;الرؤيةquot; اليمنية التي تصب في أتجاه قيام quot;أتحاد الدول العربيةquot; بديلا من جامعة الدول العربية. لا يعني الأتحاد أن الوحدة العربية ستقوم غدا بمقدار ما يعني أن هناك حاجة إلى quot;تحقيق التكامل الأقتصادي من منطلق أن تنمية المصالح المشتركة بين الدول الأعضاء والأندماج الأقتصادي هما المدخل الحقيقي للتوحد السياسيquot;.
مرة أخرى فوت العرب على نفسهم فرصة للتواصل مع المستقبل كي يكونوا رقما فاعلا في المعادلة العالمية، خصوصا أن ما طرحه الرئيس اليمني لم يكن على حساب أي دولة عربية أذ أكدت quot;الرؤيةquot; التي قدمها بلده بين ما أكدته quot;أحترام سيادة كل دولة عربية وأحترام حدودها الأقليمية ووحدة ترابها الوطني وحق كل دولة في أختيار نظام حكمهاquot;. أضافة إلى ذلك، شددت على quot;حق كل دولة في أختيار نظام حكمها وعلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاءquot;.
جاءت quot;الرؤية اليمنيةquot; متكاملة وهي دراسة صغيرة حواها كتيب وزع في أثناء القمة. لم يكن الموضوع موضوع فرض وجهة نظر معينة مصدرها بلد فقير، لكنه يمتلك حضارة عريقة وتجربة ديموقراطية فريدة من نوعها في المنطقة، بمقدار ما أنه كان مفيدا الأقدام على خطوة أولى في الأتجاه الصحيح. كان كافيا أن تؤكد قمة الدوحة في quot;الأعلانquot; الصادر عنها وجود مثل هذه quot;الرؤيةquot; كي تفتح نافذة على التغيير الذي لا بدّ منه في يوم من الأيام. أنه التغيير الذي يضمن للعرب مكانا تحت الشمس، في حال كانوا يسعون إلى مثل هذا المكان فعلا. كان على العرب أن يتذكروا في قمة الدوحة أن الدعوة إلى أنعقاد القمة العربية دوريا صدرت أول ما صدرت عن اليمن التي تمتلك مصلحة في الأستقرار الأقليمي وفي تفادي أي تأزم في العلاقات العربية- العربية. المهم أن quot;الرؤيةquot; صارت على الطاولة وأن موضوع أيجاد بديل من جامعة الدول العربية صار مطروحا. العالم تغيّر. على العرب أن يتغيّروا. من كان يصدق أن الأتحاد الأوروبي سيرى النور يوما أنطلاقا من خطوة صغيرة هي أتفاق بين عدد صغير من الدول بينها فرنسا وألمانيا وأيطاليا في شأن الفحم الحجري وقع في العام 1956 في روما! من يسفر في أوروبا حاليا ويجتاز حدود الدول يفهم معنى الخطوة الهادفة إلى تطوير العمل العربي المشترك وعنى الخطوة اليمنية في هذا الأتجاه.
التعليقات