خيار اللبنانيين يوم الأحد الواقع فيه السابع من يونيو- حزيران 2009 واضح كل الوضوح. أنه بين ثقافة الحياة وثقافة الموت. ثقافة الحياة التي تمثلها السماء الزرقاء من جهة وثقافة الموت والبؤس التي يمثلها المحور الإيراني- السوري وأدواته المعروفة من جهة أخرى. على رأس الأدوات ميليشيا quot;حزب اللهquot; التي ليست سوى لواء في quot;الحرس الثوري الإيرانيquot; بعناصر لبنانية وأدوات الأدوات التي يرمز أليها النائب ميشال عون بطل تهجير اللبنانيين عموما والمسيحيين على وجه التحديد من أرضهم. ميشال عون، الإنتهازي الصغير، الذي لا يزال مهجرا من مسقط رأسه في المريجة وحارة حريك ويسعى في الوقت ذاته إلى المتاجرة بقضية المهجرين من أجل النيل من هذا السياسي أو ذاك!
خيار اللبنانيين واضح. أنه بين أن يكون بلدهم يحترم القرارات الدولية على رأسها القرار الرقم 1701 الذي صدر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أثر حرب صيف العام 2006... وبين تحول بلدهم إلى قاعدة صواريخ إيرانية بأشراف مباشر من quot;حزب اللهquot; والنظام السوري الذي يعتقد أن في أستطاعته المتاجرة بشعاري quot;الممانعةquot; وquot;المقاومةquot; إلى ما لا نهاية فيما جبهة الجولان مغلقة بأحكام منذ العام 1974.
خيار اللبنانيين واضح. أنه بين بيروت- المزبلة من جهة وبيروت المدينة المنفتحة التي أعاد أليها رفيق الحريري الحياة بعدما أعاد بناء الوسط التجاري الذي هو قلب العاصمة وقلب لبنان. هناك من يجهل أو يتجاهل، خصوصا إذا كان من فصيلة أشباه الأميين التي يمثلها ميشال عون، أن بيروت كادت أن تتحول إلى مدينة منسية لو لم يوجد من يعيد بناءها. كم من المدن المنسية في العالم بسبب غياب من يعيد الحياة أليها. هل هناك لبناني لا يتذكر أو لا يريد أن يتذكر أن هم النظام السوري كان دائما تدمير بيروت والقضاء على روح المدينة؟ هل هناك من لا يريد أن يتذكر أن ألوية ما يسمى quot;جيش التحرير الفلسطينيquot; التي كانت طليعة القوات السورية التي دخلت لبنان أنما أخذت مواقع لها أبتداء من العام 1976 في وسط بيروت لتكريس تقسيم العاصمة والقضاء على وسطها الذي هو نقطة ألتقاء بين كل اللبنانيين، من كل الطوائف والمذاهب والمناطق؟ هل هناك من يجهل، وما أكثر الجهلة وأشباه الأميين، أن ما يسمى quot;الجبهة الشعبية- القيادة العامةquot; وهي تنظيم فلسطيني تابع مباشرة للأجهزة السورية أخذت على عاتقها تدمير كل فندق من فنادق بيروت في العام 1976؟ من يصوت من اللبنانيين لمرشحي المحور - السوري إنما يصوت للعودة إلى عملية تدمير بيروت التي هي قلب لبنان النابض وتحويل المناطق اللبنانية كافة إلى مناطق متخلفة ترفض العيش المشترك وترفض العلم والحرية والتقدم...
خيار اللبنانيين واضح. أنه بين التصويت لرجل صادق وشريف ونظيف الكف يؤمن بلبنان الحضاري المنفتح على العرب والعالم أسمه كارلوس أده ... وبين التصويت لميشال عون، وهو على نقيض تام لكل ما يمثله كارلوس أده. يسأل ميشال عون ما هي ولاية الفقيه وهو لا يدرك أن من يسيره بالريموت كونترول، أي السيد حسن نصرالله الأمين العام لquot;حزب اللهquot; الإيراني سبق له وأجاب عن هذا السؤال في أحدى خطبه وفي فترة لم يمرّ عليها الزمن بعد. جاء على لسان السيد نصرالله ما حرفيته:quot; ولاية الفقيه أن نأتي ونقول: قيادتنا وأرادتنا وولاية أمرنا وقرار حربنا وقرار سلمنا وكذا، هو بيد الولي الفقيهquot;، أي أن مصير لبنان بيد السيد علي الخامنئي مرشد quot;الجمهورية الأسلامية في إيرانquot;...
أن يصوت اللبنانيون مع ثقافة الحياة، يعني بكل بساطة أنهم يصوتون للبنان العربي. لبنان الذي يرفض أن يكون quot;ساحةquot; للمحور الإيراني- السوري وقاعدة صواريخ له، لبنان الذي يدعو العرب إلى الأتفاق على أستراتيجية دفاعية أو هجومية وأن يحددوا دور كل منهم في أطار هذه الأستراتيجية. لبنان ثقافة الحياة هو الذي يقاوم إسرائيل بالفعل وليس لبنان الذي تنطلق منه التصريحات العشوائية عن quot;المقاومةquot; وquot;الممانعةquot; والسلاح غير الشرعي الذي لا يصب ألا في مصلحة إسرائيل، خصوصا بعدما صار السلاح مصوبا إلى صدور اللبنانيين، كما حصل في ذلك اليوم quot;المجيدquot; في السابع من أيار- مايو 2008 عندما شن quot;حزب اللهquot; حربه على بيروت وأهل بيروت من كل الطوائف والمذاهب بهدف أذلالهم وأخضاعهم.
أن يصوت اللبنانيون مع ثقافة الحياة التي تمثلها الرابع عشر من آذار، يعني أنهم يصوتون لمصلحة سوريا ولبنان والسوريين واللبنانيين الذين يرفضون التمدد الإيراني في كل الأتجاهات العربية. أنه تمدد مبني على أثارة الغرائز المذهبية كما حصل ولا يزال يحصل في العراق وذلك من أجل خدمة المشروع الإسرائيلي المبني على العنصرية وتدمير كل ما هو عربي في المنطقة. والكلام عن كل ما هو عربي في المنطقة يندرج هنا في خانة الدفاع عن الأنفتاح والحضارة والتسامح وثقافة قبول الآخر قبل أي شيء آخر...
نعم الخيار واضح. أنه بين التصويت للجامعة اللبنانية كمؤسسة تعليمية متطورة تنشر ثقافة وطنية ذات مضمون حضاري ولكل الجامعات العريقة الموجودة على أرض لبنان، وهي جامعات نخرج منها بعض أفضل العرب... وبين إختيار الإنغلاق على الآخر والتصويت لـquot;المربعات الأمنيةquot; التي أقامها quot;حزب اللهquot; في مناطقه بهدف تغيير طبيعة المجتمع اللبناني بدءا بتغيير طبيعة المجتمع الشيعي...
على اللبنانيين أن يختاروا. الخيار واضح. أنه بين لبنان المنفتح على العالم، لبنان العربي الذي يفتخر بعاصمته وبكل مدينة وقرية من قراه وبين لبنان ثقافة الموت التي تعيد بيروت إلى حروب الشوارع والأزقة بدل أن تكون بيروت المزدهرة نموذجا ينتشر في كل الأراضي اللبنانية. الخيار بين بيروت العلم والثقافة والحضارة، لؤلؤة شاطئ المتوسط من جهة وبغداد الصغرى التي لا مكان فيها سوى للغرائز المذهبية البغيضة... أي بيروت quot;المربعات الأمنيةquot; حيث ثقافة البؤس والتقوقع ورفض الآخر!