هناك عجائب وغرائب انتخابية في لبنان. من أجل ضمان عودة نظام الوصاية السوري إلى لبنان عبر أحزاب الثامن من آذار وتوابعها، لا يتردد quot;حزب اللهquot; المذهبي، الذي يجاهر بأنه حزب ولاية الفقيه وبأن مرجعيته في إيران وأن ولاءه لمرشد الثورة الأسلامية فيها، في الحديث عن quot;إلغاء الطائفية السياسيةquot;. أكثر من ذلك، صارت ملصقات الحزب المسلح الوحيد في لبنان تستحي بالسلاح الذي بات ظهوره فيها خجولا إلى حدّ ما. المطلوب طمأنة اللبنانيين قبل الأنتخابات بغية خطف الأكثرية النيابية وفرض نظام أمني على اللبنانيين يكرس الوطن الصغير quot;ساحةquot; للمحور الإيراني- السوري ورأس حربة له. ولمن لا يعرف ما هي احزاب الثامن من آذار في لبنان، فان ما يمكن قوله، أنها أحزاب يقودها quot;حزب اللهquot; شاركت في تظاهرة الثامن مارس 2005 في بيروت تحت شعار quot;شكرا سورياquot; وذلك بعد ثلاثة اسابيع فقط على أغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه...
هل تنطلي هذه الألاعيب، في مقدمها البرنامج الأنتخابي لquot;حزب اللهquot;، على اللبنانيين؟ بالطبع لا. لم تعد لدى اللبنانيين، أي أوهام في شأن حقيقة quot;حزب اللهquot; والدور الذي يلعبه على صعيد السعي الدؤوب إلى تغيير النظام السياسي من جهة وربط لبنان بإيران من جهة أخرى. مطلوب بكل بساطة أن يكون لبنان مجرد مستعمرة إيرانية كما حال الجزر الإماراتية الثلاث المحتلة منذ العام 1971. في حال نجح quot;حزب اللهquot; في خطف البلد على طريقة خطفه الطائفة الشيعية الكريمة، لن يكون بعيدا اليوم الذي ستعتبر فيه إيران المطالبة بالحرية والسيادة والأستقلال للبنان quot;تدخلا في شؤونها الداخليةquot;. ألم ترد طهران على البيان الصادر عن القمة العربية الأخيرة التي أنعقدت في الدوحة بـأن دعوتها إلى التفاوض مع دولة الأمارات أو أحالة موضوع الجزر الثلاث على محكمة العدل الدولية بمثابة quot;تدخل في الشؤون الداخلية لإيرانquot;؟ من قال أن إيران لا تريد أن تكون لها قواعد على شاطئ المتوسط في لبنان مثلما تريد التوسع في كل الأتجاهات في منطقة الخليج على حساب كل ما هو عربي فيه؟ هل من تصرف إيراني ينفي هذا التوجه؟
ليس كافيا رفع الشعارات الخالية من أي معنى حقيقي حتى لا يعود اللبنانيون مدركين للخطورة التي يمثلها quot;حزب اللهquot;. يعمل الحزب على نحو دؤوب من أجل تغيير طبيعة النظام اللبناني في موازاة تغيير طبيعة المجتمع المتنوع المنفتح الذي يميّز الوطن الصغير. أن بدعة الثلث المعطل ليست سوى خطوة على طريق تغيير طبيعة النظام وفرض المثالثة على اللبنانيين، أي تقسيم البلد بالتساوي بين الشيعة والسنة والمسيحيين بدل المناصفة بين المسلمين والمسيحيين. لذلك كان النائب سعد الحريري زعيم الأكثرية وزعيم quot;تيار المستقبلquot; واضحا كل الوضوح عندما تحدث في المهرجان الذي أقامه quot;تيار المستقبلquot; قبل أيام عن المناصفة وعن ألتمسك بالمناصفة وذلك بموجب ما نصّ عليه أتفاق الطائف. كانت تلك أشارة واضحة إلى أن هناك في لبنان من يستوعب مدى خطورة الطرح السياسي لquot;حزب اللهquot; الذي يطالب بما يسميه quot;معالجة الأختلال في السلطة لأعادة تصويب الخيارات السياسيةquot;. عن أي خيارات سياسية تحتاج إلى تصويب يتحدث quot;حزب اللهquot;؟ هل يتحدث عن تصويب خيار quot;لبنان أوّلاquot; لمصلحة خيار quot;إيران أوّلاquot; على حساب لبنان واللبنانيين؟
من حسن الحظ أن معظم المسيحيين اللبنانيين والمسلمين من كل المذاهب بدأوا يعون خطورة ما يمثله سلاح quot;حزب اللهquot; وطرحه السياسي على مستقبل أبنائهم. أنهم يدركون أن البرنامج الأنتخابي لquot;حزب اللهquot; كلام حق يراد به باطل. لو لم يكن ألأمر كذلك، ما معنى، أذا، الكلام عن quot;نمو ثابت ودائم في الناتج المحليquot;. ما معنى هذا الكلام عندما يكون هناك حزب مسلح في بلد ما يمتلك دولة داخل الدولة ودورة اقتصادية خاصة به لا علاقة لها بالدولة، بل تستنزفها في أحسن الحوال.
من أيجابيات المرحلة الراهنة، إن هناك ما يدل على أن المسيحيين بدأوا أيضا يعون بدورهم خطورة ما يمثله quot;حزب اللهquot; وأداته التي أسمها النائب ميشال عون. بدأوا يفهمون الآن لماذا أغتيل سمير قصير ثم جبران تويني. لو كان سمير وجبران على قيد الحياة، هل كان تجرأ ميشال عون على سحب أحد أزلامه وهو اللواء عصام أبو جمرة من دائرة حاصبيا ndash; مرجعيون في الجنوب، حيث فوزه مضمون بواسطة أصوات quot;حزب اللهquot;، إلى الدائرة الأولى في بيروت؟ هل طبيعي أن يقدم عون على مثل هذه الخطوة كي يترك مقعدا شاغرا لحزب (الحزب القومي السوري) يعتز بأنه تابع للأجهزة السورية؟ كانت quot;نهارquot; جبران وصوت جبران المدوي سيقطعان الطريق على هذه الوقاحة التي ليست بعدها وقاحة...
ما يدل أيضا على بداية ظهور وعي مسيحي لأهمية ما يدور في مرحلة ما قبل الأنتخابات ترشح العميد كارلوس إده ضد ميشال عون نفسه في كسروان. ترشح كارلوس أده، وريث مدرسة ريمون أده، في مواجهة المسؤول الأول عن تهجير المسيحيين من أرضهم. ترشح في مواجهة مدرسة سياسية لا تؤمن سوى بالغوغاء والأنتهازية وبأن المسيحيين مجرد أغنام يساقون كقطيع. حسنا فعل كارلوس أده عندما حدد طبيعة المعركة التي يخوضها بصفة كونها مواجهة مع مشروع سياسي لا هدف له سوى القضاء على لبنان كي يكون مصير مسيحييه كمصير مسيحيي العراق. سار كارلوس إده على درب ريمون أده، رحمه الله، الذي عرف باكرا من هو ميشال عون وخطورة الدور الذي يلعبه فرفض أستقباله عندما لجأ إلى فرنسا بعد تسليمه قصر بعبدا ووزارة الدفاع إلى السوريين وبعدما ضمن بقاء الرئيس المنتخب الشهيد رينيه معوض خارج قصر بعبدا كي يسهل أغتياله في الثاني والعشرين من نوفمبر من العام 1989.
ليس صحيحا أن الأنتخابات اللبنانية في السابع من يونيو المقبل مجرد حدث عادي. إنها انتخابات مصيرية تحتاج إلى رجال من طينة الرئيس فؤاد السنيورة والزميل نهاد المشنوق وكثيرين غيرهما. إنها مواجهة بين مشروعين واضحين بين الأسود والأبيض. بين ثقافة الموت وثقافة الحياة التي تربط لبنان بالمستقبل والعروبة الحضارية المنفتحة لا أكثر ولا أقل... بين quot;لبنان أوّلاquot; و quot;إيران أوّلاquot;.
هل تنطلي هذه الألاعيب، في مقدمها البرنامج الأنتخابي لquot;حزب اللهquot;، على اللبنانيين؟ بالطبع لا. لم تعد لدى اللبنانيين، أي أوهام في شأن حقيقة quot;حزب اللهquot; والدور الذي يلعبه على صعيد السعي الدؤوب إلى تغيير النظام السياسي من جهة وربط لبنان بإيران من جهة أخرى. مطلوب بكل بساطة أن يكون لبنان مجرد مستعمرة إيرانية كما حال الجزر الإماراتية الثلاث المحتلة منذ العام 1971. في حال نجح quot;حزب اللهquot; في خطف البلد على طريقة خطفه الطائفة الشيعية الكريمة، لن يكون بعيدا اليوم الذي ستعتبر فيه إيران المطالبة بالحرية والسيادة والأستقلال للبنان quot;تدخلا في شؤونها الداخليةquot;. ألم ترد طهران على البيان الصادر عن القمة العربية الأخيرة التي أنعقدت في الدوحة بـأن دعوتها إلى التفاوض مع دولة الأمارات أو أحالة موضوع الجزر الثلاث على محكمة العدل الدولية بمثابة quot;تدخل في الشؤون الداخلية لإيرانquot;؟ من قال أن إيران لا تريد أن تكون لها قواعد على شاطئ المتوسط في لبنان مثلما تريد التوسع في كل الأتجاهات في منطقة الخليج على حساب كل ما هو عربي فيه؟ هل من تصرف إيراني ينفي هذا التوجه؟
ليس كافيا رفع الشعارات الخالية من أي معنى حقيقي حتى لا يعود اللبنانيون مدركين للخطورة التي يمثلها quot;حزب اللهquot;. يعمل الحزب على نحو دؤوب من أجل تغيير طبيعة النظام اللبناني في موازاة تغيير طبيعة المجتمع المتنوع المنفتح الذي يميّز الوطن الصغير. أن بدعة الثلث المعطل ليست سوى خطوة على طريق تغيير طبيعة النظام وفرض المثالثة على اللبنانيين، أي تقسيم البلد بالتساوي بين الشيعة والسنة والمسيحيين بدل المناصفة بين المسلمين والمسيحيين. لذلك كان النائب سعد الحريري زعيم الأكثرية وزعيم quot;تيار المستقبلquot; واضحا كل الوضوح عندما تحدث في المهرجان الذي أقامه quot;تيار المستقبلquot; قبل أيام عن المناصفة وعن ألتمسك بالمناصفة وذلك بموجب ما نصّ عليه أتفاق الطائف. كانت تلك أشارة واضحة إلى أن هناك في لبنان من يستوعب مدى خطورة الطرح السياسي لquot;حزب اللهquot; الذي يطالب بما يسميه quot;معالجة الأختلال في السلطة لأعادة تصويب الخيارات السياسيةquot;. عن أي خيارات سياسية تحتاج إلى تصويب يتحدث quot;حزب اللهquot;؟ هل يتحدث عن تصويب خيار quot;لبنان أوّلاquot; لمصلحة خيار quot;إيران أوّلاquot; على حساب لبنان واللبنانيين؟
من حسن الحظ أن معظم المسيحيين اللبنانيين والمسلمين من كل المذاهب بدأوا يعون خطورة ما يمثله سلاح quot;حزب اللهquot; وطرحه السياسي على مستقبل أبنائهم. أنهم يدركون أن البرنامج الأنتخابي لquot;حزب اللهquot; كلام حق يراد به باطل. لو لم يكن ألأمر كذلك، ما معنى، أذا، الكلام عن quot;نمو ثابت ودائم في الناتج المحليquot;. ما معنى هذا الكلام عندما يكون هناك حزب مسلح في بلد ما يمتلك دولة داخل الدولة ودورة اقتصادية خاصة به لا علاقة لها بالدولة، بل تستنزفها في أحسن الحوال.
من أيجابيات المرحلة الراهنة، إن هناك ما يدل على أن المسيحيين بدأوا أيضا يعون بدورهم خطورة ما يمثله quot;حزب اللهquot; وأداته التي أسمها النائب ميشال عون. بدأوا يفهمون الآن لماذا أغتيل سمير قصير ثم جبران تويني. لو كان سمير وجبران على قيد الحياة، هل كان تجرأ ميشال عون على سحب أحد أزلامه وهو اللواء عصام أبو جمرة من دائرة حاصبيا ndash; مرجعيون في الجنوب، حيث فوزه مضمون بواسطة أصوات quot;حزب اللهquot;، إلى الدائرة الأولى في بيروت؟ هل طبيعي أن يقدم عون على مثل هذه الخطوة كي يترك مقعدا شاغرا لحزب (الحزب القومي السوري) يعتز بأنه تابع للأجهزة السورية؟ كانت quot;نهارquot; جبران وصوت جبران المدوي سيقطعان الطريق على هذه الوقاحة التي ليست بعدها وقاحة...
ما يدل أيضا على بداية ظهور وعي مسيحي لأهمية ما يدور في مرحلة ما قبل الأنتخابات ترشح العميد كارلوس إده ضد ميشال عون نفسه في كسروان. ترشح كارلوس أده، وريث مدرسة ريمون أده، في مواجهة المسؤول الأول عن تهجير المسيحيين من أرضهم. ترشح في مواجهة مدرسة سياسية لا تؤمن سوى بالغوغاء والأنتهازية وبأن المسيحيين مجرد أغنام يساقون كقطيع. حسنا فعل كارلوس أده عندما حدد طبيعة المعركة التي يخوضها بصفة كونها مواجهة مع مشروع سياسي لا هدف له سوى القضاء على لبنان كي يكون مصير مسيحييه كمصير مسيحيي العراق. سار كارلوس إده على درب ريمون أده، رحمه الله، الذي عرف باكرا من هو ميشال عون وخطورة الدور الذي يلعبه فرفض أستقباله عندما لجأ إلى فرنسا بعد تسليمه قصر بعبدا ووزارة الدفاع إلى السوريين وبعدما ضمن بقاء الرئيس المنتخب الشهيد رينيه معوض خارج قصر بعبدا كي يسهل أغتياله في الثاني والعشرين من نوفمبر من العام 1989.
ليس صحيحا أن الأنتخابات اللبنانية في السابع من يونيو المقبل مجرد حدث عادي. إنها انتخابات مصيرية تحتاج إلى رجال من طينة الرئيس فؤاد السنيورة والزميل نهاد المشنوق وكثيرين غيرهما. إنها مواجهة بين مشروعين واضحين بين الأسود والأبيض. بين ثقافة الموت وثقافة الحياة التي تربط لبنان بالمستقبل والعروبة الحضارية المنفتحة لا أكثر ولا أقل... بين quot;لبنان أوّلاquot; و quot;إيران أوّلاquot;.
التعليقات