وفاز فريق 14 آذار بالأغلبية النيابية.
خيبة أمل؟ بلا شك فالحكومة التي استحوذت على الغالبية النيايبة والتي لم تحقق شيئًا خلال السنوات الـ 4 الماضية عادت مجددًا.
تخوف من مستقبل لا يبدو مختلفًا عن السابق؟ بالتأكيد، فرجالات هذه الأكثرية العائدة لم يظهروا للشعب اللبناني سوى هوسا وتمسكا غير مسبوق بالمقاعد والسلطة، أما شؤون المواطن... فلجهنم وبئس المصير.
يوم انتخابي طويل عاشه لبنان في السابع من حزيران، والنتيجة لم تكن أقل من خيبة أمل كبرى تحديدًا في مدينة صيدا. فعلى الرغم من الفوز المسبق المضمون لرئيس الحكومة فؤاد السنيورة والنائب بهية الحريري إلا أن الآمال كانت معقودة على حصد رئيس التنظيم الشعبي الناصري أسامة سعد عددًا كبيرًا من الأصوات... لكن هذا لم يحدث وحصد 13512 صوتًا مقابل 23041 صوتًا للسنيورة.
صيدا اختارت وحددت مرجعيتها وفرضت السنيورة مجددًا على اللبنانيين.
أيحق لنا أن نستعمل مصطلح quot;فرضتquot; في هذه المرحلة؟ بالتأكيد يحق لنا.
فنسبة الاقتراع في كل لبنان تجاوزت الخمسين في المئة بقليل، ما يعني أن من إختار كل هذا الطاقم القديم المتجدد من الموالاة والمعارضة يمثلون نصف الشعب اللبناني. ما يعني أن النصف الاخر من الشعب اللبناني لم يقل كلمته.
قانون الانتخابات الذي اعتمد وهو قانون الستين المكرس للتقسيم الطائفي إنقلب على المعارضة التي سعى بعض أطرافها مستميتًا لاعتماده... قانون حول الشارع النابض بالطائفية إلى المطالبة بانتخابات مقبلة مقسمة على أساس طائفي أقل تداخلاً!
حزب الله من جهته فرض وجوده الشعبي، بحيث سجلت النتائج نسبة اقتراع عالية جدًا في مناطق عدة حتى في مناطق quot;اللامنافسةquot; والتي كانت محسومة سلفًا لمرشحيه.
الأمر نفسه ينطبق على تيار المستقبل، الذي أظهرت الأرقام نسبة اقتراع عالية في المناطق التي حسمت لصالحه في إتفاق الدوحة.
وفي المحصلة تبادل النبضان quot;الشيعي والسني quot; رسائل مفادها أننا هنا ونقترع بكثافة. حسنًا رسائل quot;طائفية quot; لا تلغي الآخر، وإن كانت لا تستسغيه.
وبين الشيعة والسنة، خرجت الأصوات المهاجمة للعماد ميشال عون وللتيار الوطني الحر بحجة أنه فاز في جزين بأصوات الشيعة، وتناسوا أنهم فازوا بزحلة بأصوات السنة.
لم ينكسر التيار الوطني الحر على الرغم من أنه لم يحقق وعوده التي أطلقها، وربما على التيار البحث في أسباب فشل تحقيق quot;التسونامي الموعود quot;. لم يخسر عون ولم يربح. كان زعيمًا مطلقًا والآن بات أحد الزعماء في وسط مسيحي أكثر انقسامًا من أي وقت مضى.
القوات اللبنانية التي هددت وتوعدت مرارًا أنها ستسقط عون بالكاد تمكنت من quot;النفاذ quot; بنوابها الفائزين بأصوات بشري _عقر دارهم _والبترون والشوف بأصوات قواعد شعبية حليفة متداخلة.
أما طرابلس الغارقة بفقر يفوق أي تصور فكانت المفاجأة.. مفاجأة التصويت الكثيف غير المتوقع لا للموالاة ولا للمعارضة.فكيف إختارت طرابلس نوابها، فالمعركة سنية ndash;سنية، ولا قادة سنة الموالاة ولا قادة سنة المعارضة قدموا لهذه المدينة المبتلية بفقر مدقع ما بخرجها من مأساتها، فكيف كان الخيار. كان الخيار quot;سنيا بحتا quot; فسنة المعارضة باتوا مطعمين بمشروع معارض عنوانه العريض quot; الشيعة quot;.. وهكذا نعود مجددًا إلى العصبية الطائفية.
أما الأشرفية والتي اقترعت للمرة الأولى منذ أعوام عديدة.. بدأت صفحتها بالتوريث. فسلمت صولانج الجميل المقعد لنجلها، وتسلمت نايلة التويني المقعد من جدها.. وبقي من بقي في مقاعد السلطة.
فأين أخطأت المعارضة.. ولماذا فشلت في الحصول على الأغلبية النيابية؟
كما في كل انتخابات كثر الحديث عن الرشاوى والمال الانتخابي واستقدام المغتربين، حسنا لا جديد في هذا الموضوع ولا يحتاج الأمر إلى مراقب محلي أو دولي للوقوف على عملية الرشاوى.
لكن ما يسجل نقطة إيجابية لصالح الموالاة في الانتخابات هذه، استخلاصها الدروس من ثغرات مقارباتها السابقة لهذا المجال، بحيث كان استقدام المغتربين أكثر تنظيمًا وكثافة، ودفع الرشاوى تم وفق آلية منظمة ومتكتمة أكثر من السابق.
حسنا، حجة أولى تسقط. دفعت الموالاة الرشاوى واستقدمت المغتربين بأعداد مهولة.. فلتقم المعارضة بالمثل، فليس وكأنها لا تمتلك المال الكافي لهذه الخطوة. ففي نهاية المطاف الانتخابات اللبنانية لن quot;تلطخ quot; بالمال السياسي، فهي ليست نزيهة أصلا والقادمون إلى صناديق الاقتراع لم يأتوا للتصويت من أجل وطنهم ولم يتبادر الى ذهنهم ولو لوهلة أن لحظة محاسبة المسؤولين قد حانت. جاءوا من مشارب الارض ومغاربها للاقتراع الطائفي.
لكن ما يثير الحفيظة في ما يتعلق بالمغترب القادم بأموال سياسية للاقتراع هو غباء هذا المغترب.. فأولا ايها المغترب الكريم، لم تكن لتكون مغتربًا لو كانت حكوماتك المتعاقبة لم تنهب وتسرق وتنشر الفساد والبطالة والفقر والجوع في البلاد.. لم تكن لتكون مغتربًا لو لم تكن الديون متراكمة على بلادك، لم تكن لتكون مغتربًا لو حفلت الحكومات المتعاقبة بأمرك وأمر أمثالك يوماً.
وما يثير الحفيظة هو وقاحة هؤلاء، وتحديدًا المغتربين الذين لم يعودوا إلى لبنان منذ أكثر من 10 أو 20 عامًا، بأي حق تأتون وتدعمون جهة ما على حساب اخرى وأنتم لا تقطنون هذه البلاد ولا تعودون اليها ولا تتحملون تبعات ترجيح كفة لحساب اخرى؟
كم بلغ سعر الصوت، ثمن تذكرة سفر، إقامة في فندق، ومصروف ليومين.. و1000 دولار؟ 2000؟ 3000؟
حفلت الصحف والتلفزيونات بالتحليلات التي فندت أسباب فوز الموالاة وخسارة المعارضة، تحدثوا عن سوء تنظيم في عمل الماكينات الإنتخابية.. سبب مقنع إلى حد ما يمكن قبوله.
تحدثوا عن quot;خطاب سياسي معارض quot; لم يفلح بجذب أي من الأطراف الأخرى، ولم يفلح بالحصول على أصوات المحايدين.. سبب غير مقنع اطلاقًا، أولا لم يكن الخطاب السياسي عاملاً مؤثرًا ولم يؤدِّ يوما دورًا محوريًا في جذب هذا أو دفع ذاك إلى أحضان الفريق الآخر. كل ما يتم في لبنان، هو على أسس طائفية. متى إستمع المواطن اللبناني إلى خطاب سياسي عاقل وقيمه وقدره، ومتى إستمع إلى خطاب خرج عن أطواره ورفضه؟ المواطن اللبناني لا ينجر سوى خلف الطائفة.
شعار المقاومة والتغيير لم يفلح مع الشارع الطائفي بقدر ما نجحت شعارات quot; ما مننسى والسما زرقا quot;.. فالشارع يقول لمسؤوليه نملك القابلية لأن نساق بشعارات مذهبية ولدينا الشهية الكبرى لان نشترى، فأعطونا ما نريد.
خرج الأمين العام لحزب الله أمس معلنًا قبوله وقبول حزب الله بنتائج الإنتخابات، لم يتحدث مطولاً. شكر قاعدته الشعبية وشكر كل من ساهم بإنجاح العملية الانتخابية، لكنه غاب عنه أن يبرر لهذه القاعدة الشعبية سبب الخسارة في وقت لم تنفك المعارضة التأكيد خلال السنوات الماضية أنها ستفوز.
ربحت الموالاة الأكثرية النيابية وخسرت المعارضة، وما ينتظر لبنان هو السيناريو نفسه. للمعارضة الحق بالثلث الضامن، الموالاة لن تعطيها لهم كما تشير التصريحات التي بدأت تنهمر منذ الامس.. فلن تشارك الأولى quot;نظريًا quot; ولكنها عمليًا ستناور وتهاجم..
مكانك راوح.. عدنا إلى نقطة الصفر.
فكل انتخابات وأنتم بخير.. لقد منح الشعب اللبناني فرصة التغيير فذهب واقترع لـquot;اللاتغييرquot;. وعليه لا يحق لأي مواطن لبناني مارس حقه في الإنتخاب أن يشكو من الفقر، والهدر، والفساد والمحسوبية واللاإصلاح والطبقية والعنصرية.
لم ينتصر لبنان، فلا الموالاة ربحت بشكل مطلق ولا المعارضة هزمت بشكل مطلق.. فالحكم التوافقي أمر محتوم في لبنان، لكن ما أفرزته النتائج الانتخابية في كل لبنان ولكل الأحزاب أن لبنان هزم مجددًا..وان الطائفية انتصرت.
عاش لبنان حرًا ( أمر مستبعد ) نزيهًا ( لن يحصل يومًا )..طائفيًا.