طالب الشاعر الغنائي العراقي، حسن الخزاعي، دولته برعاية الفن العراقي ووضع رقابة عليه للحد من الأغاني الَّتي لا تمُّت إلى الفن بصلة.


بغداد: طالب الشاعر الغنائي العراقي، حسن الخزاعي، وزارة الداخلية التدخل في فرض سطوتها على الأغنية العراقية الحالية بعدما وصف الكلمات التي يغنيها المغنون بالكارثة والانحطاط والسقوط نحو الهاوية، مشيرًا إلى أن كلمات الاغاني أهم من كل القوانين، مستشهدًا بقول الفيلسوف كونفشيوس quot;أنا لا يهمُّني من يكتب القوانين للناس، أنا يهمُّني من يكتب لهم أغانيهمquot; مطالبًا البرلمان أن يخصص احدى جلساته لمناقشة واقع الأغنية.

وقال حسن الخزاعي، الذي يعد شاعر الروائع من الاغاني العراقية، انه كتب آلاف الأغاني ولكنه لا يتذكّر أول اغنية كتبها، مؤكدًا أن الوصف الذي اطلقه عليه الملحن جعفر الخفاف بـquot;المظلومquot; صحيحًا، موضحًا انه مظلوم اجتماعيًا واعلاميًا وماديًا، مشيرًا الى ان التقاليد اختلفت تمامًا عن السابق، وحسن الخزاعيمن مواليد بغداد/الجعيفر ndash; الفحامة، في 28 / 6 / 1951، وخريج كلية الاعلام، وما زال يسكن في بيت مستأجر.

أين أنت الآن، وما سبب الغياب ؟
انا اعمل محرر في جريدة المستقلة، احررصفحة عنوانها quot;واحة الشعرquot;، وانا كشاعر غنائي موجود، ولديّ اعمال جميلة جداً وكبيرة.

ما قصة الاغنية التي كان من الممكن ان يغنيها كاظم الساهر ؟
كان ذلك ممكنًا ولكن البعد في المسافات بيني وبين كاظم الساهرلم يحقق اللقاء على الرغم من انه غنى لي سابقًا، وانا افتخر به كرمز من رموز الفن العراقي الراقي بل حتى العالمي. كان بيننا مشروع اغنية بعنوان quot;من بين ايديّ وضاع منيquot; واذكر حينها كنت في دمشق، في ساحة العباسيين عام 2008، خابرني كاظم وطلب مني ان اغير بعض كلمات الاغنية، وفعلاً بدأت اغير فيها لكنني قلت له كلمة: يا ابو وسام هذه الاغنية غناها علي العيساوي، لكنه قال غيرها لي، ولكن يبدو ان كاظم من النوع الذي لا يحب ان تكون له مشاكسات مع الآخرين فتأجل الموضوع، لكن الاغنية كما اراها انا جميلة جدًا حيث تقول كلماتها (من بين ايديّ وضاع مني/ المن بعد اسهر واغني) وهذا اخر ما كان بيننا، والرجل كان يتابع السؤال عن صحتي ويسأل عني عن طريق مدير اعماله.

ما اخر ما كتبت وتم تسجيله ؟
اغنية بعنوان (لا للدم)للمطرب رضا الخياط فيها نبذ للطائفية، وهي من الحان رضا الخياط ايضًا، قدمها في رمضان، ولدي اغنية طويلة اخرى سيغنيها رضا الخياط تتغنى بنسائنا اللواتي نسيناهن ويجب ان لا ننساهن وسيسجلها قريبًا، رضا مطرب جميل ومثابر جدًا، ولديّ العديد من الاعمال المبثوثة والمنثورة عند بعض الملحنين الشباب ومنهم علي صابر وماهر احمد، وهما من الملحنين الراقين في الجيل الجديد، واتوقع لهما مستقبلاً زاهرًا، لديّ حاليًا مطرب صغير يدعى عزيز هو ابن اختي، واعتقد ان اسمهسيبرز، كتبت له اغنية والآن كلفة الانتاج والتصوير متعبة، وبعض الناس اصواتهم راقية ولكن المسألة المحزنة ان الامور المادية صعبة.

هل اختلفت التقاليد في التعامل بين الشاعر الغنائي والمطرب؟
طبعاً وكثيراً جداً، في السابق كان المطرب يأتي الى الشاعر، الان الشاعر يذهب الى استديوهات يقدم المقاطع الاولية من اغنيته على عكس الفترة السابقةعندما كانت اخلاق الطرب رائعة والفن العراقي فيه قيم اصيلة.

ما رأيك بكلمات الاغاني الحالية ؟
كارثة، وارجوان لا يزعلوا مني،لكن الكلمات التي يغنونها تعد انحطاطًا وسقوطًا نحو الهاوية، والسبب في ذلك الفيس بوك وعدم وجود رقابة والقنوات التجارية، والا اي اخلاق هذه التي تسمح لمغن ان يقول لفتاة ذهب ليخطبها (شفت امك وحبيتها)، هل يجوز هذا، اين الاخلاق هنا واين القيم، للاسف فقدت بعض القيم، ويجب ان تكون هناك رقابة، وان تتشكل هيئات رقابية في وزارة الثقافة وحتى وزارة الداخلية لابد ان تتدخل في هذا الموضوع وان تلقي القبض على هؤلاء المغنين المسيئين للقيم والاخلاق، والذين يغنون اغنيات كارثية اسمعها في الشارع ولا استطيع ان انطق بكلماتها، لانه عيب.

ولكن هنالك من يقول هذه حرية وتعبير عن الرأي واعلام حر وغير ذلك ؟
اي حرية هذه التي تقبل بهذا السقوط الاخلاقي، واي اعلام حر هذا، فحتى الاعلام الاميركي عليه رقابة، فهم خطوط حمر على الاشياء الخادشة للحياء، نحن الآن عبرنا كل دول العالم وليس اميركا فقط، لا اريد ان اذكر كلمات الاغاني المخجلة جداً والخالية من الاخلاق، والله عيب.

كيف يسمح المؤلف لنفسه ان يكتب مثل هذه الكلمات ؟
هؤلاء ليسوا شعراء بل هم صيادو فرص، سواء كانت اسماؤهم شعراء او منتجون او ملحنون، فهم يغتنمون الفرص للحصول على اموال كثيرة ولا علاقة لهم بقيم الشعب وكيف يبنى، نحن حينما كتبنا اغانينا في الازمنة المختلفة اردنا ان نبني وطناً، اذكر انني كتب كلمات اغنية عام 1972، عبارة عن سؤال محير يوجه للطفل ما بين الام والاب، ايهما تحب اكثر امك او اباك فأحتار الطفل وحيروه، فكتبت (عيوني اثنين وانتو اثنين / بابا وماما وكل واحد يستاهل عين)، اعطيت العيون رمزاً للمحبة انا اعطيت قيمة تربوية، الفيلسوف الصيني كونفشيوس يقول (انا لا يهمني من يكتب القوانين للناس، انا يهمني من يكتب لهم اغانيهم)، اذا نحن شعراء الاغنية لا نكتب كلاماً يلامس مشاعر الناس ويطيب خواطرهم وينقذ هذه الاجيال الضائعة.

والمغنون كيف يرتضون ان يغنوا مثل هذا الكلمات ؟
هناك بعض المغنين الذي يطلبون مني اغنية تمنحهم الشهرة فوراً، او يقولون لي اشهرني، وانا ارد عليه بالقول: كيف ؟ ثم احدثه عن اغنيتي (يا لجمالك سومري) هل فيها خدش للحياء او شتيمة او اساءة ؟ بل انني ذكرت فيها تاريخ العراق وشرفه وجماله واحلامه، هل يمكن مقارنتها بكلمات تغى الان.

هل لثقافة المغني علاقة بما يغنيه ؟
نعم لها علاقة ، فالمغنون الحاليون اغلبهم من باع ثلاجة امه او اغراض بيته، ولكنني انصحهم نصيحة كأخ لهم، ان عليهم ان يختاروا الكلمات الحلوة الهادئة البسيطة والمعبرة، فأن كان صوتهجميلاً فسينجح، فلماذا تشتم الشعب بكلمات خادشة للحياء، وعلى اهلك وعرضك وشرفك، فأنت عندما تلفظ كلمة سيئة فمردودها عليك وهذا عيب.

هناك من يعتقد ان ثمة اياد خارجية وراء هذا، ماذا تقول ؟
انا اعتقد انه لا يمكن ان تمرر مثل هذه الاغاني من دون ان تكون وراءها جهة معينة، للعلم هناك بعض السياسيين لا يعرفون قيمة الاغنية، وهي اهم من اي قانون، وانا اتمنى ان يجتمع البرلمان ويقول: ما الاغنية العراقية ويناقش واقعها، فهي اساس القوانين، فالاغنية تستحق من البرلمان جلسة خاصة وان يستدعي كتاب الاغنية، ويسألهم ماذا يكتبون، فالاغنية مجال تربوي ساهم في تربية الانسان.

لماذا تصر الفضائيات على بث هذه الاغاني السيئة وهي تعرف ذلك ؟
هذه الفضائيات تمارس عملية تجارية مثل أي واحد لديه دكان ولا علاقة لهم بمستوى ما يبث، ثم هم من؟ أغلبهم لا احد يعرف مصادرهم، كلهم تجار يبحثون عن الارباح من خلال الاعلانات، فيبث هذه الاغنية السيئة وغيرها لانه يريد ان يستفيد من الاعلانات ولا يهمه البلد، فهو لو كان ابن البلد لما بث اغنية تسب الام وتشتم الاب، فهل سمعت احد يسب اباه في اغنية ؟ اذن القضية تجارية بحتة.

اي اغنية يشعرها حسن الخزاعي قريبة منه جداً او يعدها مميزة جداً؟
ما غناه لي رضا الخياط (حما احمل لهم وياك مرسال / الدمع بفراقهم يا ناس مر سال / مر اسأل متى يعودون مر سال / شيصبر قلوبنا بفراق الاحباب ) واعتقد ان في هذه الاغنية حنين عراقي وأنين عراقي وحزن مكنون عراقي وشرف واخوة ونقاء ونبل ومفردات كثيرة .

من المطرب الذي احسست ان لديك توافقاً كبيراً معه ؟
رضا الخياط وفاضل عواد.

من من المطربين لم يغن من كلماتك ؟
لا اعتقد ان احداً لم يغن لي بمن فيهم ياس خضر الذي غنى لي (مجروحين)، وهي اجمل اغنية غناها.

ما الحزن الذي يسكن روح حسن الخزاعي حالياً؟
حزني مستمر ولا يوجد خلاص منه/،والقضية هي قضية شاعر ليس الا، انا حزين، وطني يئن، اذهب الى الناس الفقراء وأشعر بمعاناتهم، اذهب الى شارع الرشيد كل يوم جمعة فأراه مهدمًا كأن رجل عجوز (شايب) ليس لديه أم ولا والي أمرولا زوجة ولا ابن، انظر الى شارع الرشيد وأبكي، كل يوم جمعة ابكي في الذهاب والاياب، احوال ان اسأله: اين اولادك ؟ فيقول: (ليس لي اولاد او انهم راحوا) يدمرني شارع الرشيد منظره يؤلمني خصوصاً مع شعوري انه بلا ولد يعينه على شيخوخته.

وصفك الملحن جعفر الخفاف بالشاعر المظلوم ، لماذا ؟
لانه يعرف انني شاعر معطاء وخيّر لكم لم ينصفني الزمن ابداً، انا معذب وفعلا انا مظلوم اجتماعياً واعلامياً ومادياً، اذكر لك حكايتي: عندما كنت شابا كنت احلم ان تكون لدي قطعة ارض، ومن ثم احببت امرأة وبالقوة اعطوني اياها وتزوجتها، وعشت في غرفة مع اهلي، وصارت عندي طفلة ، وصار عندي ولد، وصرت موظفاً بوزارة الشباب،وصار عندي اربعة ابناء، واخرجت من بيت اهلي واستأجرت بيتاً في (الشالجية)، وتزوجت ابنتي، ومن ثم صرت جداً، وصار عند ابنتي ولدان وثلاثة، وصار عندي تسعة احفاد، ومازلت أحلم بأن يصبح عندي قطعة أرض، خدمت العراق لمدة 28 سنة في دوائر الدولة وما زلت اخدمه وليس لديّ في العراق شبر ارض، هذا العراق الذي مساحته آلاف الكيلومترات، وفيه مساحات فارغة، اريد ان يعطوني قطعة ارض في الصحراء، وهذه حقيقة مؤلمة.