تقرأ ريتا معلوف الأخبار على قناة سكاي نيوز عربية، فتلتزم الحيادية، غير أنها تتألم عندما تضطر إلى البقاء على حيادها وهي تقرأ أخبار بلدها سوريا حيث الدمار يأكل البشر والحجر.
دبي: ريتا معلوف إعلامية مميزة، تمتلك عالمًا خاصًا بها، بعيدًا عن كل الضجة والضوضاء في عالم الإعلام والأخبار والسياسة وتوترها. على الرغم من صغر سنها، استطاعت أن تثبت جدارتها في أكبر المحطات الفضائية والإخبارية، لتكون من أوائل مقدمي نشرة الأخبار في انطلاقة قناة سكاي نيوز عربية من أبوظبي.
تخفي معلوف حزنها ودموعها على وطنها خلف الحيادية والمهنية التي تفرضها طبيعة العمل. على الرغم من ملامحها الهادئة، الا أنها تمتلك شخصية قوية مليئة بالطموح الكبير لتكون في المقدمة.
إستضافتها quot;إيلافquot;، وكان الحوار الآتي:
من هي ريتا معلوف بعيدًا عن الإعلام ؟
شخص مرح إجمالا يعاني درجة دائمة من الاكتئاب بسبب الاخبار وما يفعله الانسان بنفسه وبغيره. كل اهتماماتي في الحياة بعيدة عن السياسة... رسم وعلم نفس وطاقة وموسيقى. وانا إنسانة غير اجتماعية ومقصرة دائما في واجباتي الاجتماعية، أكره الطائفية والتمييز العرقي، وكل ما يفرق الانسان عن إنسانيته. عائلتي مهمة، لأن العائلة تساوي الامان، وأنا افتقد ذلك الشعور منذ تركت سوريا.
الخبرة ثم الخبرة
ماذا أضاف لكِ انضمامك إلى قناة سكاي نيوز عربية؟
كل مكان عملت فيه أضاف إليّ الكثير، لكن المميز في سكاي نيوز عربية انها كانت محطة جديدة. عندما دخلت الى الاستوديو أول مرة كان لا يزال قيد الانشاء، وعملنا ما يقارب ثلاثة أشهر تحت الهواء في نشرات تجريبية ننتظر يوم البث كحدث مصيري. كنت من ضمن المجموعة الاولى التي التحقت بسكاي نيوز عربية و لدينا شعور انها اكثر من مكان عمل بل كان لنا دور في تاسيسه ضمن فريق عمل من اهم الخبرات العربية و الاجنبية. وقد حظيت بفرصة لم تتح إلا لقلة من الاعلاميين، أي أن اقدم أول نشرة في محطة جديدة. إنها تجربة اضافت إليّ الكثير، مهنيًا ومعنويًا.
هل تقديم الأخبار عمل يتطلب خبرة طويلة، أم هو قراءة لما هو مكتوب فقط؟ وهل تجذبك البرامج الحوارية ؟
الخبرة تعني التمكن والأريحية والمعرفة بالمواضيع المطروحة، أما القراءة فهي الف باء مهنة المذيع، وهي لا تكفي للعمل في محطة مختصة بالأخبار، لأننا في الكثير من الاحيان نرتجل على الهواء، اضافة إلى كثافة المقابلات التي نجريها خلال الساعة الاخبارية، وهي بالطبع ليست مكتوبة امامنا. أما البرامج الحوارية فهي تجذبني اذا قدمت معلومة مفيدة، لأننا بتنا نرى أن أغلب المقابلات هي لملء الوقت. اجمالًا لا افضلها لأني بطبعي اكره الجدال الذي لا يفضي إلى نتيجة.
ما هو طموحك؟
في البداية تنقلت ما بين الصحافة الاجتماعية والفنية. كان هذا ضروريًا لمعرفة الاتجاه الذي يلائمني، حتى أتخصص فيه. فمن الاساسي أن يعمل الصحافي بكل المجالات الممكنة في بداية مهنته، اما الآن فطموحي برنامج غير سياسي يقترن باسمي.
الحياد نسبي والتسييس لا يؤثر
هل يجب أن يكون الإعلامي حياديًا، أم هناك ضرورات تبيح المحظورات؟
الحيادية مطلوبة مهنيًا، لكن الإعلامي لا يعمل وحيدًا بل في وسيلة لديها توجهات باختلاف درجة وضوح التوجه. مثلا هناك اعلام رسمي ناطق باسم دولة وإعلام آخر تابع لحزب، فلا تستطيع أن تطلب منه الحياد، انما في محطات الاخبار الكبرى الحياد او استعراض كافة وجهات النظر أمر ضروري ليكتمل الخبر.
هل يؤثر الإعلام المسيّس على الشعوب، أم هذا صعب في ظل وجود محطات إعلامية كبرى عديدة؟
الاعلام المسيس يوثر في الشريحة التي تتابعه. خلال العامين الماضيين، أصبح المشاهد العربي أكثر اهتمامًا بالأخبار. ومع المتابعة المستمرة، صار يميز بين الاعلام الذي يحاكي وجهات نظره والوسائل الاخرى التي تعارض ما يؤمن به، وبالتالي أصبح انتقائيًا في متابعته. هناك وسائل إعلام تعرض أمورًا مثيرة للضحك ولا يمكن لأحد أن يصدقها، مع ذلك تكتشف انها متابعة وبشدة من شريحة ما. الإنسان ميّال بطبيعته إلى تصديق الامور التي تعجبه او التي تعطيه الاحساس بالأمان، وهذا يعرف بالنكران. فالليبرالي لا يتابع القنوات الاسلامية والعكس صحيح. كما أن الموالي لنظام ما يتابع القنوات الموالية ويصف الأخرى بالمغرضة.
أنت مقلة في الكتابة. هل تشعرين بأنها عالم خاص بعيدًا عن الكاميرا؟
انا مقلّة بالكتابة لأنّ مهنتي تلعب دورًا كبيرًا في ذلك. لا أستطيع أن أكتب من دون أن أعبّر عن رأيي، وهذا غير محبذ كوني مذيعة أخبار والمفروض عليّ الحياد في وسائل التواصل الاجتماعي او المقالات، إضافة إلى أن آرائي قد لا تناسب شرائح واسعة وخاصة في المواضيع الاجتماعية والدينية، لذلك احتفظ بآرائي لنفسي وللدائرة المقربة مني.
الانتخابات دمار
كيف تنظرين إلى الوضع في سوريا اليوم؟
لن أتحدث كثيرًا عن الوضع الكارثي في سوريا، فقد شبعنا كلامًا والناس تريد حلًا بعدما وصلت الأمور إلى هذا الحد. هناك دولة تتحمل المسؤولية في توفير الأمن لكل المواطنين. والشعب السوري هو من يقرر مصيره لكن لم يذكر أي طرف ما الآلية التي سيقرر الشعب مصيره من خلالها ومتى، خصوصًا أن الأمور لم تعد تحتمل مزيدا من المماطلة على حساب الشعب. أما موضوع الانتخابات في العام ٢٠١٤ فغير واقعي، ولن يجلب سوى دمار اعظم من الذي يحصل الآن.
هل تستطيعين التزام الحياد وأنت تقرأين الأخبار عن الدمار الذي يحلّ بالمدن من دون تفريق بين مؤيد ومعارض؟
الحياد بشكل اساسي يتبع البيئة المحترفة التي نعمل فيها، والتي تفرض علينا أن ننظر للحدث بكل أبعاده. ولكن لا تتخيل كم هو مؤلم أن تتحدث عن الخراب الذي يطال الجميع. ومن المعيب برأيي أن نصنّف الناس في مصائبها. وبغض النظر عن موقفي، لدي دائمًا اهتمام بمعرفة وجهة النظر الاخرى مهما كانت، شئنا أم أبينا. فكل طرف جزء من الخبر لا يمكن تجاهله.
التعليقات