يقوم تنظيم "الدولة الإسلامية" بإرسال تعزيزات إلى مدينة عين العرب (كوباني بالكردية) السورية، حيث يواجه منذ نحو شهر مقاومة شرسة، تحولت معها المدينة الصغيرة إلى رمز لمقاتلة هذا التنظيم الجهادي المتطرف، الذي يسيطر على مناطق واسعة في سوريا والعراق.


بيروت: رغم سقوط مربعهم الامني في شمال عين العرب يوم الجمعة الماضي، نجح المقاتلون الاكراد الاقل تسليحًا من عناصر تنظيم "الدولة الاسلامية" في صد اكثر من هجوم وعلى اكثر من جبهة، في وقت شن الائتلاف الدولي العربي غارات جديدة على مواقع التنظيم في محيط وداخل المدينة.

وقال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس الاحد ان تنظيم "الدولة الاسلامية" يجلب "مقاتلين من الرقة وحلب"، معقلي التنظيم الرئيسيين في شمال سوريا، مشيرا الى ان قيادته لجأت كذلك "الى ارسال اشخاص غير ملمين كثيرًا بالأمور القتالية". واضاف عبد الرحمن ان التنظيم المتطرف "وضع كل ثقله في المعركة" التي يخوضها منذ نحو شهر، ويحاول خلالها السيطرة على هذه المدينة، التي تبلغ مساحتها ستة الى سبعة كيلومترات مربعة، معتبرا انها "معركة حاسمة بالنسبة إلى التنظيم، اذ ان (...) خسارته لها ستزعزع صورته امام الجهاديين".

وذكر عبد الرحمن ان التنظيم الجهادي الذي يسيطر على مناطق واسعة في سوريا والعراق المجاور "لم يتقدم كثيرًا منذ أن سيطر الجمعة على المربع الامني للمقاتلين الاكراد" الذين تقودهم جماعة "وحدات حماية الشعب". وبعدما أحكم التنظيم قبضته على عشرات القرى القريبة من عين العرب منذ ان بدأ هجومه عليها في 16 ايلول/سبتمبر، تمكن مقاتلوه من الدخول الاثنين الماضي للمرة الاولى الى المدينة.

ويسيطر حاليًا تنظيم "الدولة الاسلامية" على نحو 40 بالمئة من عين العرب، الواقعة في محافظة حلب والحدودية مع تركيا، وخصوصا المناطق الواقعة في شرقها، اضافة الى احياء في الجنوب والغرب، كما يسيطر على المربع الامني في الشمال، والذي يبعد نحو كيلومتر واحد عن الحدود التركية. وهدف التنظيم هو ضمان السيطرة على شريط طويل على الحدود السورية التركية.

وقال عبد الرحمن ان معارك كر وفر تدور بين الطرفين، موضحا "انهم (المسلحون الجهاديون) يقاتلون على اكثر من جبهة، لكن القوات الكردية تقوم بصدهم، قبل ان يعاودوا الهجوم، ويجري صدهم من جديد". ويستميت المقاتلون الاكراد في دفاعهم عن مدينتهم، وقد شنوا هجمات عدة، وعلى اكثر من جبهة، استهدفت احداها اليات للتنظيم، كانت تحاول الدخول الى المدينة، واسفرت هذه الهجمات عن مقتل 36 مقاتلا اسلاميا على الاقل.

كما حاول مقاتلو التنظيم المتطرف من جهتهم الوصول للمرة الاولى يوم السبت الى الحدود التركية في شمال البلدة قبل ان ينجح الاكراد في دحرهم. في موازاة ذلك، تشن قوات الائتلاف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة، غارات متواصلة على معاقل الجهاديين، بينها تسع غارات قبيل منتصف ليل السبت الاحد، استهدفت خصوصا الاحياء الشرقية، بحسب المرصد. ولفت المرصد الى "سقوط قتلى بين الجهاديين وتدمير اليات" في هذه الضربات الجوية، من دون ان يعطي مزيدا من التفاصيل.

ومنذ بدء الهجوم على عين العرب، قتل اكثر من 570 شخصا في الاشتباكات وعمليات القصف والغارات الجوية، بينما فر 300 الف شخص من المدينة، وصل اكثر من 200 الف منهم الى تركيا، التي تمنع الاكراد من عبور الحدود نحو عين العرب، وتتعرض لضغوط دولية متزايدة للانخراط في الحملة على تنظيم "الدولة الاسلامية". ودعت الامم المتحدة تركيا أخيرا الى السماح بعبور المتطوعين نحو عين العرب، محذرة من انه اذا سقطت المدينة نهائيا فان المدنيين الذين لا يزالون يتواجدون فيها سيتم "قتلهم على الارجح".

في هذا السياق، اعلن حزب العمال الكردستاني الانفصالي على لسان احد ابرز قادته جميل بيك في مقابلة تلفزيونية عن اعادة مقاتلين من العراق الى تركيا بسبب معركة عين العرب والتظاهرات الموالية للاكراد، التي شهدت مقتل نحو 30 شخصا في تركيا، وباتت تهدد عملية السلام مع انقرة. ويسيطر هدوء الاحد على عين العرب، بحسب ما افاد صحافيو فرانس برس من الجانب التركي من الحدود، وتسمع بين الحين والاخر اصوات طلقات نارية.

وفي مخيم للاجئين الفارين من المدينة، قال ازاد بكير الذي وصل الى المخيم قبل ثلاثة ايام مع عائلته، انه تحدث عبر الهاتف مع شقيقه في عين العرب، الذي ابلغه ان "وحدات حماية الشعب" الكردية "متماسكة، والمعارك تتواصل". وراى ان "بقاء الامر على هذا النحو يدعو إلى التشاؤم، لان المقاتلين الاكراد بحاجة الى السلاح والذخائر. هم (المقاتلون الاكراد يقتلون العديد من افراد العصابات (الجهاديين المسلحين) لكن هؤلاء يعودون دائمًا وباعداد اكبر".

ومن المتوقع ان تكون المعركة في مدينة عين العرب على جدول مباحثات اجتماع لقادة عسكريين في الدول المشاركة في الائتلاف الدولي العربي الدولي وعددها 21 يوم الثلاثاء في واشنطن لتقويم استراتيجيتهم، في وقت دخلت حملتهم ضد تنظيم "الدولة الاسلامية" شهرها الثالث في العراق واسبوعها الثالث في سوريا من دون ان تتوصل الى صد هذا التنظيم خصوصا في عين العرب.

تظاهرة في كابول مناهضة لتنظيم "داعش"

إلى ذلك، تظاهر نحو 200 شخص ضد تنظيم "داعش" في كابول الاحد واحرقوا علمًا أسود كتبوا عليه كلمة "داعش" وفوقها صورة جمجمة خلال تجمع ردد فيه المتظاهرون كذلك هتافات مناهضة للاميركيين. وسار المتظاهرون ومعظمهم من النساء في وسط كابول تلبية لدعوة حزب التضامن الافغاني الشعبوي. وكتب المتظاهرون على لافتة "اميركا والاطلسي يدعمان التطرف الديني في كابول وكوباني".

ورفعوا لافتات عدة موجهة للاميركيين كتب عليها "عودوا الى بلادكم" ودعوا الحكومة الافغانية الى انهاء الوجود الاميركي في افغانستان. ولم يكتب المتظاهرون كلمة الله على الراية السوداء التي احرقوها. وحمل البعض لافتة عليها علم كردي وكتبوا عليها "تضامناً مع كوباني".

ونظمت التظاهرة المناهضة للاميركيين وضد "داعش" مع تكثيف التنظيم المتطرف هجومه على المدينة السورية، حيث تدور معارك طاحنة مع المقاتلين الاكراد وتخشى الامم المتحدة على حياة الالاف من المدنيين الذين لا يزالون فيها.

ويسيطر التنظيم على 40% من المدينة وخصوصًا في الشرق والجنوب والغرب واحتل مقر قوات حماية الشعب الكردية وبات على بعد كيلومتر واحد من الحدود التركية.