تحولت كوباني إلى ستالينغراد العصر الحديث، بمقاومتها الأسطورية ل"داعش"، الذي فرت أمامه جيوش نظامية، فخرج الأكراد في مدن العالم في تظاهرات مناصرة.

اسطنبول: خرج مئات الآلاف من الأكراد في معظم عواصم ومدن العالم مطلع الشهر الجاري، بمناسبة اليوم العالمي الذي خصص من أجل التضامن مع الشعب الكردي ومدينة عين العرب (كوباني)، التي تحولت رمزًا للصمود والمقاومة في وجه غزو تنظيم الدولة الاسلامية "داعش"، والتضامن مع مأساة شنكال وسنجار.

وعرف من الداعين لهذا اليوم التضامني الأرجنتيني ألدولف بريس اسكوفل، الحائز جائزة نوبل للسلام، ونعوم تشومسكي، البروفيسور والعالم اللغوي الأميركي، وليزا مورغانتيني، البرلمانية السابقة في الاتحاد الأوروبي، وأعضاء من مجلس اللوردات البريطاني، ونواب ونشطاء معروفون في مجال نقابات العمال وحقوق الإنسان وغيرهم.

ستالينغراد العصر

أكد ناشطون أكراد لـ"إيلاف" أن إجرام "داعش" ليس مقصورًا على الأكراد فقط، بل الشعب السوري والعراقي والأقليات الأخرى أيضًا، فهي معرضة للمصير نفسه، ما لم يتم القضاء على "داعش" ووقف تمددها، بعدما صارت خطرًا حقيقيًا على شعوب المنطقة برمتها، وحتى على من يدعمها.

وأشاروا إلى أن العرب السنة لم ينجوا من المجازر ايضًا، "فتم خطف وقتل المئات من عشيرة الشعيطات في دير الزور، والآن عشيرة البونمر في الأنبار تتعرض للشيء نفسه". ولفتوا إلى أن القضاء على "داعش" واجب على كل حر يحمل ابسط معاني الإنسانية في داخله.

وقال الناشط الكردي رشيد إيبو لـ"إيلاف": "تظاهر مئات الآلاف في معظم مدن العالم بعد تشكيل لجان لهذا الغرض، فخرج في لندن آلاف من الأكراد وأصدقاء الشعب الكردي تضامنًا مع مقاومة كوباني التي أصبحت بمثابة ستالينغراد العصر الحديث، بعدما اندحرت جيوش نظامية امام "داعش"، وكوباني تقاوم على الرغم من قلة العدة والعتاد، لأن إرادة المدافعين عنها،وهم قوات الحماية الأكرادية، أقوى من الأسلحة والمدافع التي استولى عليها "داعش" في الموصل".

سعادة بالبيشمركة

وأضاف إيبو: "من على منصة ساحة ترفكرسكوير وسط لندن، ألقى نواب وحقوقيون كلمات بالمناسبة، فقالت نائبة عن حزب الخضر وعضو البرلمان الأوروبي بأن مقاتلي "داعش" إرهابيون والأكراد محاربون من اجل الحرية، وقال مارك تومس، مقدم أحد البرامج التلفزيونية على القناة الرابعة والمعروف بنشاطه في مجال حقوق الإنسان، إنه يجب على تركيا أن تقوم بواجبها وتسمح للمقاتلين الأكراد بالعبور إلى كوباني".

وأكد الناشط سليمان شويش، ممثل كتلة الشمال للجالية الكردية، لـ"إيلاف": "تكرر المشهد الذي رأيناه في لندن في كل من مدينة مانشستر وليڤربول وهدرسفيلد وليدز وغيرها من المدن البريطانية"، متحدثًا عن سعادة الأكراد بدخول البيشمركة لمناصرة إخوتهم الأكراد ضد مرتزقة الدولة الاسلامية.

واعتبر شويش هذه الخطوة مهمة في هذا الوقت العصيب، "الذي يمر فيه شعبنا الكردي في أيام تاريخية تكتب له مستقبلًا جديدًا". وقال: "لكوني عضوًا الصليب الأحمر البريطاني قمت بالسعي مع جَميع المنظمات الانسانية للوقوف مع شعب كوباني ومحاولة إرسال ما نستطيع من مساعدات إنسانية وإغاثية لهم". وختم شويش: "في النهاية لا يسعني سوى الترحم على شهداء الثورة السورية وشهداء الحرية في كل مكان".

تحرك شعبي

في فرنسا، شارك صالح مسلم، الرئيس المشترك لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في تظاهرة حاشدة وسط العاصمة الفرنسية باريس. وخرج الأكراد ايضًا في ليون ومدن أخرى في فرنسا. وفي تركيا خرج عشرات الآلاف في اسطنبول وفي ديار بكر، وفي غالبية مدن شرق تركيا، داعمين المقاومة البطولية في كوباني، من دون أن تحدث اي اشتباكات مع الشرطة التركية رغم كثافة التظاهرات.

أما في المانيا، التي تقطنها غالبية كردية، فقد خرجت تظاهرات حاشدة في خمس عشرة مدينة، منها برلين وشتوتغرت ودسلدورف وفرانكفورت وكولون وبريمن. وفي السويد خرج الالاف في العاصمة استوكهولم، وفي كوتنبورغ. تكرر هذا المشهد في جميع بلدان أوروبا.

وفي الولايات المتحدة، وقف المئات امام البيت الأبيض. كما تظاهر آخرون في العاصمة اللبنانية بيروت من اجل دعم المقاومة في كوباني، ودعم باقي المناطق المنتفضة ضد "داعش". وفي المغرب نظم محتجون أكراد ونشطاء أمازيغ وقفة احتجاجية امام السفارة التركية مطالبين تركيا بعدم التعاطف مع "داعش"، وبأخذ موقف نبيل وواضح يمنع وصول الجهاديين إلى سوريا عبر أراضيها.