أكثر كلمة تدور في افواه العراقيين هذه الايام هي كلمة (فضائيين)، فلا يخلو حديث دون التطرق إلى هؤلاء الموظفين الوهميين الذين يغزون المؤسسات الحكومية العراقية فيما الطرافة حاضرة وبقوة.
&
عبد الجبار العتابي من بغداد: يكثر الحديث في العراق عن (الفضائيين) حتى انه صار من باب التنابز به كلقب بين الشباب للضحك والسخرية والاشارة الى الفساد الذي يضرب أعماق الحكومة العراقية التي كان يقودها نوري المالكي، وهو تعبير عن الموظفين (الوهميين) في وزارات الدولة العراقية وسواها، حتى اصبحت الكلمة تطلق على الكثير من المسميات وصار الناس يشعرون بالدهشة والاستغراب حول هذه (السرقات) الكبيرة من (جيب) البلد الذي يعاني الكثير على مختلف الاصعدة، هذه السرقات التي ابطالها كثيرون جدًا ومن أصحاب المسؤولية وهو ما جعل الكثيرين يشعرون بالاحباط من الصلاح والاصلاح لان الرؤوس الكبيرة ومافيات خطيرة هي التي تقوم بهذه الاعمال.
&
وكلمة (الفضائيين) تعبير انتشر في العراق يُقصد به الموظفون المقيدون بالاوراق الرسمية ويتقاضون مرتبات شهرية، ولكن في الواقع هم غير موجودين، وهو ما جعل البعض يشير الى ان نصف سكان العراق قادمون من الفضاء وكواكب أخرى، إشارة الى تقاضيهم رواتبهم دون عمل.
&
وعلى الرغم من أن الكلمة ليست جديدة لكنها كانت تستخدم في أماكن ضيقة، فيما انتشرت بعد إعلان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي وجود 50 الف جندي وهمي في وزارة الدفاع، وسرعان ما اصبحت الكلمة طليقة وتلصق على العديد من العناصر في مؤسسات الدولة خاصة بعد الكشف عن وهميين كثيرين في العديد من دوائر الدولة.
&
فضائيون وفضائيون .. متعددون
راحت الأوراق تتكشف بسرعة، والاعلانات عن موظفين وهميين وعمال تتكاثر، وصارت الحديث اليومي للشارع العراقي ولوسائل الاعلام التي راح البعض منها وتم الكشف عن الكثير منها:
&
ففي وزارة الداخلية، كشف مصدر رفيع المستوى يعمل في الوزارة أن لجان التدقيق المكلفة من قبل القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء حيدر العبادي كشفت عن وجود 75 الف اسم وهمي في سجلات الوزارة الداخلية.
&
وفي وزارة الخارجية تم الكشف عن وجود 175 جوازاً دبلوماسيًا فضائيًا!
&
وعلى الرغم من نفي امانة بغداد، فقد كشف رئيس اللجنة المالية النائب أحمد الجلبي عن وجود عقود وهمية كبيرة في أمانة بغداد بملايين الدنانير، وقال الجلبي على صفحته الشخصية (فيسبوك): هنالك أكثر من 7000 عامل فضائي في أمانة بغداد تذهب أجورهم الى مسؤولي الدوائر الخدمية في العاصمة بغداد، كشفت مؤخراً.
&
أما رئيس التحالف الديمقراطي المدني مثال الآلوسي فقد اكد وجود 60 ألف عنصر من أقرباء بعض أعضاء مجلس النواب والوزراء والمسؤولين في الدولة يتسلمون رواتب، وهم فضائيون، بحجة حماية الشخصيات.
&
فيما كشفت عضو اللجنة المالية النيابية ماجدة التميمي عن وجود متقاعدين فضائيين يتقاضون اكثر من 23 راتبًا في الشهر الواحد ببطاقات ذكية متعددة.
&
وكشفت لجنة النزاهة النيابية أن عمليات فساد منتشرة في مؤسسات الدولة كافة، مؤكدة وجوده في وزارات الدفاع والبلديات والصحة والعمل والتجارة والنفط والداخلية.
&
محافظ البصرة ماجد النصراوي من جانبه كشف عن وجود أكثر من خمسة آلاف أجير يومي فضائي في بلدية المحافظة.
&
وكشفت النائبة عن التحالف الكردستاني شيرين رضا عن وجود فضائيين، وقالت: ان (الفضائيين الموجودين في قوات البيشمركة هم من الاتحاد الوطني الكردستاني والديمقراطي الكردستاني).
&
فوضى فضائية&
أبدى بهاء علي عوف، موظف، عن أسفه ان يقود البلد لصوص كبار، وقال: وسط كل هذا البلاء من الارهاب وداعش وسوء الخدمات والامراض والعيش الصعب نجد أن المسؤولين عن البلد يقودون مافيات للسرقة عبر ما يسمونهم بالفضائيين، ولا اعرف أي دين أو مذهب حلل لهم سرقة هذه الاموال بأسماء وهمية.
&
وأضاف لإيلاف: أنا كمواطن بسيط اشعر بالخيبة ولا اتوقع أن البلد سينصلح حاله بعد هذه الفوضى الفضائية، وكم هنالك من اسماء وهمية يتعاملون بها، والان عرفت لماذا الحكومة لا تريد التعامل بالبطاقة الموحدة لانها تفضح الوهميين، نحمد الله اننا فقراء اليه.
&
وهميون من كل نوع
ولم يستغرب الكاتب شوقي كريم أعداد الفضائيين بقدر ما طالب بالكشف عنهم، وقال: فجأة .. اصبح كل من حولنا فضائيين، انتبهنا الى ان كل ما يحدث لنا بسبب هؤلاء الذين يعتنون ويصنعون الفضائيين والسرقات لا تصدقها عين ولا يعقلها عقل، لا نستغرب ذلك لأن البلد في تعب مستمر.
&
وأضاف: هل تعلم أن في امانة بغداد التي قال عنها أمينها أنها الأجمل من دبي 700 ألف فضائي؟ وهل تعلم أن وزارة الثقافة تضم 300 فضائي بامتياز؟، وهل تعلم أن الوزارات الاخرى تضم اكثر من مليون فضائي؟، وهل تعلم أن هناك دوائر وهمية كاملة؟ وهل تعلم.. اننا لانعلم أن العراق بلد فضائي بامتياز؟
&
وتابع: نحتاج فعلاً الى ان تكشف نقابة الصحافيين عن عدد الفضائيين بين الاعضاء، واتحاد الادباء والكتّاب كذلك ونقابة الفنانين ووزارة الثقافة بكل جهاتها والجامعات العراقية وخاصة اولئك الذين اشتروا الشهادات العليا ونحن نعرفهم، نحتاج الى معرفة كم من الشعراء والكتّاب الفضائيين الذين انجبهم الفيسبوك؟
&
فضائيون في منحة الثقافة
فيما أكد الصحافي زهير الفتلاوي وجود فضائيين في منحة وزارة الثقافة!! وقال: ليست المؤسسات العسكرية أو الوزارات من يعشش فيها الموظفون الوهميون بل وصل الحال الى ان المنحة التي تمنحها وزارة الثقافة للادباء والصحافيين والفنانين مليئة بالوهميين، فالمفارقة المضحكة أن نصف مبالغ هذه المنحة التي قدر اعداد المستفيدين بنحو 27 الف صحافي واديب وفنان. تذهب الى جيوب المفسدين والمحتالين والذين لا يستحقونها بعمليات احتيال خاصة ما يسمى اتحادات، ومنظمات، وجمعيات، أشبه بالوهمية تديرها مافيا تسعى للاستحواذ على كل شيء.
&
وأضاف: ما أكثر الاسماء الوهمية في هذه المنحة، وقد ساعدت فيها إجراءات وزارة الثقافة البدائية وغير الرصينة فلا وجود للسيرة الذاتية أو المطالبة بأوراق ثبوتية أو أعمال ونتاجات فنية تثبت أنه فنان أو له صلة ولو من بعيد بالثقافة والفن والأدب والصحافة، المهم أن يصادق رئيس المنظمة أو النقابة أو الاتحاد على ورقة تحمل اسمًا ما، لهذا تكاثر الفضائيون وغزونا غزوًا لا يشبهه أي غزو آخر.
&
غزو الفضاء بهم
أما الكاتب أسعد عبد الله عبد علي فقد ابتدأ حديثه بنكتة قائلاً:&&وُجِه سؤال للباحث عن كرسي الخلود: ما علة إيجاد آلاف الفضائيين في مؤسسات الدولة؟ وخصوصاً وزارة الدفاع, فأجاب بكل فخر وغرور, لأني كنت راغب بغزو الفضاء.
&
وأضاف لإيلاف: هذه نكتة تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي (الفيسبوك), بعد الكشف عن وجود خمسين ألف مسجل وهمي، بعنوان منتسب عسكري، فقط حدث هذا في وزارة الدفاع! ثماني سنوات من غزو فضائي لمؤسسات الدولة، وخصوصًا الأمنية منها, والنتيجة سقوط الموصل, فلا يمكن رد الأعداء بجيش من الفضائيين! والمنتج للفشل يعود حصريًا لمن سعى للتفرد, واغرق البلاد بالفوضى, نتيجة تسلط بطانة السوء على مراكز القرار.
&
وتابع: ويمكن أن نضيف صنفًا ثالثاً من أهل الفضاء, وهم المدراء والوكلاء الذين يستلمون رواتب, من دون الدوام ليوم واحد, فقط أتت بهم الصفقات السياسية, بما يسمى التوافق السياسي على تقاسم المناصب, بل حتى البرلماني الذي لا يراه الناس, ولا يحضر جلسات البرلمان, فقط يستلم المقسوم نهاية الشهر, أنه أعلى راتب في البلد, لهؤلاء المساكين من فضائيي البرلمان, وقد سكت القانون عن ملاحقة هذا الصنف لسببين, الأول قدسية الأحزاب, الحافظة من أي ملاحقة ,وثانيًا لأنهم يهدرون المبلغ الأكبر.&
&
الفضائيون في كل مكان
عضو لجنة النزاهة النائب جعفر عبد الواحد الموسوي أكد أن الفضائيين ليسوا في وزارتي الدفاع أو الداخلية وانما يوجدون في الكثير من المؤسسات، وقال: الفساد انتشر في مفاصل الدولة كافة نتيجة لعدم وجود ارادة حقيقية للقضاء عليه، وأن من شجعه هو التوافقية السياسية.
&
وأضاف أن الفضائيين ليسوا في وزارتي الدفاع أو الداخلية وانما هم موجدون في مجلس النواب والوزراء وامانة بغداد والمؤسسات غير المرتبطة بوزارة، ويجري التغطية عليهم من كبار المتنفذين، فلكل حزب سياسي دائرة تسمى الدائرة الاقتصادية عملها الذهاب الى الوزارات لأخذ حصة الحزب من العقود والمشاريع وتعيين الموظفين وأن هذه الدائرة تعمل على إحالة المشاريع الى شركات ومقاولين يدعمون تلك الاحزاب مما يجعل تحت كل سياسي مجموعة مقاولين وشركات تدعمه وبعضهم اصبح من كبار المستثمرين في البلاد، ولهم قنوات فضائية تعمل على التثقيف والدعوة لتلك الاحزاب والشخصيات التي تدعمها.
التعليقات