تأتي زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية على رأس وفد رفيع المستوى يضم عددا من الشيوخ والوزراء وكبار المسؤولين والإعلاميين في الدولة إلى الصين الأحد المقبل، في توقيت تشهد فيه العلاقات بين البلدين تطورًا ملحوظًا ونموا مطردًا في المجالات كافة سواء كانت سياسية أو اقتصادية وتجارية أو تعليمية وثقافية أو سياحية وترفيهية، أو في البنية التحية والموانئ. وتحمل الزيارة في توقيتها وأبعادها الاستراتيجية إشارة مهمة إلى رغبة الإمارات في تعزيز الانفتاح على الصين، في إطار انفتاحها على الشرق.

دبي: يلتقي محمد بن زايد الذي سبق له أن زار الصين في عامي 2009 و2012، الرئيس شي جين بينغ وكبار القادة الصينيين لتعزيز العلاقات بين البلدين وتطوير التعاون الاستراتيجي، إضافة إلى مناقشة القضايا الإقليمية والدولية. كما تأتي الزيارة في إطار العلاقات التاريخية بين دولة الإمارات وجمهورية الصين الشعبية وعمق الروابط المشتركة وتنوعها في مختلف المجالات.
&
وستشمل الزيارة سلسلة لقاءات ومحادثات مع كبار المسؤولين الصينيين وهو ما يعد فرصة لتوسيع نطاق التبادل التجاري والاقتصادي والاجتماعي والثقافي بين البلدين والنهوض بالتعاون الصناعي والاستثماري واكتشاف الفرص الجديدة والحيوية.
&
276 ألف سائح صيني الى دبي
&
وقد نجحت الإمارات في قطاع السياحة والسفر بشكل عام ودبي بشكل خاص في تعزيز مكانتها في السوق السياحي الصيني، حيث ارتفعت أعداد السياح الصينيين الذين زاروا دبي بنسبة 25% خلال العام الماضي 2014 إلى نحو 276 ألف سائح صيني.
&
وتوقع خبراء قطاع السياحة والسفر أن يرتفع عدد السياح الصينيين مع نهاية العام الجاري 2015 بنسبة تصل إلى 30% مقارنة بالعام الماضي في ظل نجاح الإمارات في استقطاب الشركات الصينية للمشاركة في المعارض المحلية إضافة إلى استضافة المؤتمرات والاجتماعات العالمية لهذه الشركات.
&
وأضاف الخبراء أن الصين بأهميتها العددية والمادية أصبحت محل اهتمام صناع السياحة في الإمارات خاصة أن التقديرات تشير إلى أن عدد السياح الصينيين سيرتفع من 50 مليون سائح حاليا إلى 100 مليون سائح في عام 2020 الأمر الذي دفع خبراء الضيافة إلى ابتكار أساليب جديدة للاستحواذ على أكبر قدر ممكن من كعكة السياحة الصينية، عبر تنظيم برامج ترويجية وتعريفية بالسوق السياحي في الدولة بالتعاون مع شركات السياحة وشركات الطيران والفنادق إضافة إلى الدوائر والهيئات السياحية.
&
وأرجع الخبراء تزايد عدد السياح الصينيين الذين يقصدون دبي إلى عوامل مختلفة أهمها البنية التحتية السياحية التي تتمتع بها، والتي توفر جميع الخيارات للسائح الصيني بما يتناسب مع مختلف المستويات الاقتصادية.
&
80 رحلة طيران أسبوعيا
&
وأشاروا إلى أن عدد رحلات الطيران بين الإمارات والصين تجاوز 80 رحلة طيران أسبوعيًا، وتراوح متوسط نسب إشغال الرحلات بين 85%&و 95% خلال العام الجاري، وأشاروا إلى أن الإشغال يصل إلى حده الأعلى خلال مدة الأعياد الصينية.
&
حيث يسهم قطاعا النقل الجوي والسياحة، بحصة مهمة في دعم وتعزيز العلاقات الاقتصادية بين الإمارات والصين، بعد أن سجل عدد الرحلات الجوية بين البلدين نموا بأكثر من 185% خلال السنوات السبع الماضية، فيما ارتفعت أعداد السياح بين البلدين.
&
وارتفع عدد الرحلات الجوية بين الجانبين من 28 رحلة عام 2005 إلى 80 رحلة مباشرة حاليا، فيما تستحوذ الناقلات الوطنية لدولة الإمارات وخاصة "الاتحاد للطيران" و"طيران الإمارات" على الحصة الأكبر من الرحلات، بواقع 60 رحلة، وتخدم حاليا خمس وجهات، بما فيها هونغ كونغ.
&
أول رحلة طيران
&
وتشير الأرقام إلى أن التطور في الربط المباشر بين الإمارات والصين بدأ منذ عام 2002، بخدمات الشحن، بتسيير أول رحلة طيران لطيران الإمارات من دبي الى شنغهاي، ثم الركاب عام 2004، لتصبح رحلة يومية خلال شهرين، ثم رحلتين يومياً في غضون عام واحد.
&
وسبق ذلك قيام طيران الإمارات بتسيير رحلات يومية الى هونغ كونغ، لتصبح اليوم 19 رحلة في الأسبوع، وفي أعقاب ذلك، وفي غضون أربع سنوات رفعت الناقلة رحلاتها إلى المدن الصينية إلى 50 رحلة أسبوعيا، منها رحلتان يوميا إلى بكين، بخلاف رحلتي شنغهاي، ثم توسعت في المدن الصينية بتسيير رحلات يومية إلى مدينة جوانزو.
&
وأفادت طيران الإمارات بأن الصين سوق رئيسي بالنسبة للناقلة، والذي استلزم من الشركة توسيع خدماتها وزيادة السعة المقعدية على رحلاتها المختلفة إلى الصين، وذلك من خلال تسيير رحلات بطائرة ايرباص ايه 380 الى الصين وهونغ كونغ وشنغهاى.
&
وبدأت خدمات الطائرة العملاقة ذات الطابقين على خط بكين منذ 1 أغسطس 2010، ثم الى هونغ كونغ من 1 أكتوبر 2010، ومنذ 27 أبريل 2011 بدأت الطائرة خدماتها إلى شنغهاي، لتصل السعة المقعدية على كل رحلة الى 489 مقعدا، بهدف تعزيز التبادل التجاري بين الصين ودبي والشرق الأوسط وأفريقيا.
&
دبي بوابة مهمة لبكين
&
وقد شهد عدد السياح الصينيين القادمين إلى دبي نموا ملحوظا في الفترة الأخيرة في ظل زيادة حركة الطيران بين البلدين، إضافة إلى زيادة الاستثمارات الصينية في دبي خاصة أن الصين تحاول الاستفادة من بوابة دبي للدخول إلى أسواق المنطقة.
&
وقامت هيئات ودوائر السياحة في الإمارات بتوسيع قاعدة وجودها المباشر في المدن الصينية، أو من خلال التعاون مع شركات ووكالات سياحية للترويج لإمارات الدولة في الصين، كوجهات سياحية مفضلة.
&
ويصل مجموع شركات الطيران التي تنقل الركاب بشكل مباشر بين الصين والإمارات إلى 6 شركات، منها 4 شركات صينية، إضافة إلى طيران الإمارات والاتحاد للطيران، ويتراوح متوسط نسب إشغال الرحلات خلال العام الماضي بين 80&و 90%، الأمر الذي يعتبر قفزة في مستوى التدفق السياحي بين البلدين.
&
201 مليار درهم تبادل تجاري
&
شهد حجم التبادلات التجارية بين الصين ودبي في عام 2014 زيادة نسبتها 29%، ليصل إلى 47.6 مليار دولار، ما جعل الصين الشريك التجاري الأول لدبي.
&
ووصل نمو حجم التجارة بين الإمارات والصين خلال العشر سنوات الماضية بحسب وزارة الاقتصاد إلى 922 مليار درهم (251 مليار دولار بنهاية 2014).
&
كما بلغ حجم التبادل التجاري بين الإمارات والصين خلال عام 2015 نحو 201 مليار درهم (55 مليار دولار أميركي)، حسبما أفاد السفير الصيني في الإمارات تشانغ هوا.
&
وأوضح أن حجم واردات الصين من الإمارات بلغ 734 مليار درهم (200 مليار دولار أميركي )، معظمهما منتجات نفطية، في حين بلغ حجم صادرات الصين للإمارات 30 مليار دولار أميركي.
&
وأكد السفير الصيني في الإمارات أن نمو الناتج المحلي الصيني في النصف الأول من 2015 وصل إلى 7%، الذي يعد أسرع نمو في العالم يحافظ على ثباته، مشيرا إلى حالة التذبذب التي شهدتها الصين في الآونة الأخيرة، وهذا لم يقتصر على الصين فقط، وإنما شمل العالم كله.
&
أكبر سوق بـ600 مليون دولار
&
وذكر أن الإمارات تعد أكبر سوق في الشرق الوسط، وأول شريك مع الصين، التي تتجه للتوسع بشكل أكثر في دول أفريقيا وآسيا، لافتا إلى أن بيئة الإمارات مشجعة على الاستثمار لما يتوافر فيها من بيئة جاذبة وآمنة للعمل إضافة إلى كثرة الجالية الصينية فيها.
&
قال السفير الصيني ان بلاده صدرت للإمارات خلال السنوات العشر الماضية ما يقارب 600 مليون دولار أميركي من أجهزة بترولية، ومؤخرا تم شراء رافعة صينية لميناء أبوظبي بقيمة 20 مليون دولار أميركي.
&
وذكر أن "بناء طريق الحرير البحري والبري الذي أسس بصندوق خاص رأسماله 40 مليار دولار أميركي لتطوير البنية التحية للدول من خلاله، لا يؤدي إلى تنشيط الاقتصاد فحسب، ولكنه يساهم في تغيير المشهد الجيو - اقتصادي والجيو - سياسي للشرق. وسيعمل على انتعاش الاقتصاد للصين".
&
اللغة الصينية في بنوك الإمارات
&
وحظي القطاع المصرفي بالعديد من أوجه التعاون، حيث سعى العديد من البنوك إلى إطلاق دفعات متتالية من أجهزة الصراف الآلي المزودة بخيار اللغة الصينية، وذلك في إطار الجهود المستمرة لتلبية متطلبات الجالية والمستثمرين والتجار الصينيين.
&
كما أطلق العديد من البنوك الأجنبية وفي مقدمها بنك إتش .اس .بي .سي وستاندرد تشارترد بنك خدمة فتح حسابات مصرفية بالعملة الصينية اليوان وذلك بهدف دعم ميزان التبادل التجاري بين الإمارات والصين.
&
وأيضا وفي الإطار ذاته قام المصرف المركزي الإماراتي وبنك الشعب الصيني البنك المركزي الصيني بتوقيع اتفاقية مقايضة عملات والتي تهدف إلى تشجيع التجارة والاستثمار بين الإمارات والصين وتضع آلية لتقليص مخاطر التبادل بين الدرهم واليوان بغرض تسهيل دفعات التجارة والاستثمار بين البلدين .
&
200 ألف صيني
&
ويبلغ عدد أفراد الجالية الصينية في دبي أكثر من مائتي ألف شخص، ما يشكل 10% من إجمالي عدد السكان في الإمارات. واستقبلت دبي خلال العام الماضي أكثر من 344 ألف زائر صيني.
&
وكشفت دراسة حديثة أجرتها مجموعة فنادق انتركونتيننتال العالمية عن أن دبي ستتحول إلى وجهة ساخنة للسياح الصينيين خلال العقد المقبل، مفضلينها على لندن وباريس وسيدني.
&
وقال التقرير إن الاتجاهات الاقتصادية والديموغرافية السكانية المؤاتية ستساهم في ضخ أعداد هائلة من المسافرين الصينيين إلى الإمارات على مدى السنوات المقبلة. وارتفع عدد الشركات السياحية التي تروج لدبي في السوق الصيني عام 2010 بنسبة 33%، حيث بلغ عددها 104 شركات مقابل 78 شركة عام 2009 .
&
خيار شعبوي
&
وأضاف التقرير أن دبي تبقى الخيار الأكثر شعبية بالنسبة للمسافرين الصينيين في منطقة الشرق الأوسط و أفريقيا، ومن المتوقع أن يشهد عدد الصينيين الذين يزورون دبي زيادة بنسبة 97% بحلول عام 2023 ليصل عددهم إلى أكثر من 540.000 سائح، بالمقارنة مع 276.000 سائح عام 2013.
&
مشيرة إلى عدد السائحين القادمين من الصين خلال النصف الأول من عام 2015 وصل الى 240 ألف سائح صيني بزيادة قدرها 25 %، في حين بلغ عددهم إلى الإمارات في عام 2014 500 ألف سائح صيني.
&
ويعتقد المراقبون أن زيادة الأسواق ومراكز الترفيه وتنوع المعالم السياحية في كل من دبي وأبوظبي وراء تحول أنظار السياح الصينيين باتجاه الإمارات، وعلى مدى العقد المقبل، من المتوقع أن تتفوق دبي على العديد من الوجهات السياحية الكبرى في جميع أنحاء العالم مثل لندن وباريس و سيدني.
&
مركز جذب
&
وتعد دبي مركز جذب لرجال الأعمال والمستثمرين من الصين والمئات من هؤلاء يترددون على دبي طوال شهور العام لحضور المعارض والمؤتمرات، حيث تعد دبي قلب المنطقة النابض بالتجارة والاستثمار والمال، وسنويا تشهد حضورا صينيا كبيرا وواضحا في معارض عدة تحتضنها دبي مثل معرض سيتي سكيب وجيتكس وغيرها من المعارض.
&
تصدير واستيراد
&
وتشمل سلع التصدير الصينية الرئيسة إلى الإمارات المنتجات الإلكترونية والمنسوجات . وتستورد الصين من الإمارات النفط والغاز الطبيعي المسال ومنتجات أخرى، ويوجد في الإمارات استثمارات صينية كبيرة في قطاعي المقاولات والنفط، أما على صعيد الصادرات فالكثير من السلع الصينية يعاد تصديرها من الإمارات إلى الدول المجاورة، حيث تعتبر دبي بوابة البضائع الصينية لأسواق المنطقة، فهناك تزايد ملحوظ في تعداد الشركات الصينية المتدفقة إلى الإمارات بسبب الاضطرابات التي تشهدها المنطقة حيث ارتفع تعداد الشركات الصينية في الدولة من3 آلاف شركة صينية في 2009 إلى نحو 3600 شركة صينية في &2010 هذا إضافة إلى حوالى 600 شركة صينية نقلت أعمالها من دول الاضطراب في المنطقة إلى الإمارات التي تنعم بالأمن والاستقرار، حيث يبلغ العدد الإجمالي للشركات الصينية في الدولة 4200 شركة، استثماراتهم متعددة منها النفط والتجارة ومواد البناء، ويصل عدد المقيمين من الجنسية الصينية في دولة الإمارات إلى نحو 180 ألف نسمة أسهموا في النمو المستمر للتجارة بين البلدين .
&
استثمارات
&
الصين هي ثاني أكبر شريك تجاري مع دبي، أما عن استثمارات دبي في الصين فقد تركزت على قطاع الموانئ والقطاع العقاري حيث تتولى موانئ دبي العالمية إدارة أرصفة بحرية في مدن تيانجين وشنغهاي وكوينغداو كما تتولى مجموعة الجميرا إدارة فندقين في شنغهاي كما أن مجموعة ميدان ومجموعة تيان جن نونجكين اتفقتا على تأسيس مشروع (هوا زي جيه) لصناعة مستلزمات سباقات الخيل والفروسية ويهدف إلى تطوير وإدارة مدينة تيانجين الجديدة لثقافة سباقات الخيل والفروسية في الصين .
&
وفي مجال البنوك شهدت الفترة الماضية مبادرة توقيع اتفاقية شراكة بين كل من بنك (المشرق) الإماراتي وبنك (الصين) لتأسيس مكتب صيني في الإمارات، الأولى من نوعها والتي تهدف إلى مساعدة الشركات الصينية على توسيع انتشارها في الخارج فضلاً عن المستثمرين المحليين الذين يتطلعون إلى الوجود في السوق الصينية، ففي الوقت الذي تقوم فيه الكثير من الشركات الصينية بتوسيع عملياتها في الشرق الأوسط فإن إنشاء مكتب الصين في دولة الإمارات سيقدم تسهيلات للمنتجات والخدمات المالية لتلك الشركات من مؤسسات صينية وشركات عاملة في منطقة الخليج إلى جانب الشركات الإماراتية التي تخطط للقيام بأعمال تجارية في الصين.