كرّمت الإمارات خلود الظاهري، أول قاضية إماراتية وأصغر قاضية عربية، تجلس على قوس المحكمة متسلحة بمسيرة طويلة في سلك المحاماة، وبإرادة تجاوزت بها كل التحديات.


ساره الشمالي من دبي: تسجل المرأة الإماراتية حضورًا قويًا في السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وحتى العسكرية، إلى جانب ريادتها في السلطة الرابعة بعملها الصحافي المشهود له، ما يضعها على قدم المساواة مع الرجل.

وقد لمعت أسماء كثيرة في كل هذه القطاعات، ومنها خلود أحمد جوعان الظاهري، التي أصدر الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، بصفته حاكمًا لإمارة أبو ظبي، مرسومًا أميريًا بتعيينها قاضيًا إبتدائيًا في دائرة القضاء في أبوظبي، في العام 2008، لتكون بذلك أول قاضية في تاريخ الإمارات، مثبتًا تقديم الكفاءة على كل ما عداها من العوامل، ليكون الشخص المناسب في موقعه المناسب.

نبذة مختصرة لسيرة عامرة
تحمل الظاهري، المولودة في العام 1977، شهادة بكالوريوس في الشريعة والقانون من جامعة الإمارات، نالتها في العام 2000. تدربت قانونيًا ومهنيًا في مجالات عدة، كالحلول البديلة لفضّ النزاعات، والعناصر القانونية في نزاعات عقود الإنشاءات، والأسواق المالية.

شاركت في مؤتمرات ومنتديات قانونية وشرعية واقتصادية عدة، وكانت في عداد وفود إماراتية أثناء زيارات رسمية خارج الدولة تعرفت خلالها إلى أفضل ممارسات العمل القضائي في العالم. كما عرف عنها اهتمامها بالشؤون الأسرية وحقوق الطفل والمرأة.

قبل توليها منصبها، أمضت الظاهري ثمانية أعوام في مجال المحاماة والاستشارات القانونية، وترافعت أمام المحاكم، مهما تنوعت درجاتها واختصاصاتها. ومنذ سنوات عملها الأولى كمحامية، تخصصت في الجنايات والقضايا الشرعية والقضايا التجارية بأنواعها. والظاهري ليست أول قاضية في الامارات فحسب، بل هي أصغر قاضية في العالم العربي أيضًا.

الحلم أوجد التحدي
بعد تعيينها، قالت الظاهري لـ"الإمارات اليوم" إنها تشعر بالرهبة من المسؤولية الكبيرة، التي ألقيت على عاتقها أمام الله، وعلى الثقة الكبيرة، التي منحها إياها رئيس دولة الامارات، فدخلت في تحدٍ مع نفسها.

وتؤكد أن تسميتها أول قاضية في الإمارات، وأصغر قاضية في العالم العربي، يلقي على عاتقها المزيد من المسؤولية، "فقد كان العمل في السلطة القضائية بالنسبة إليّ، ومنذ اليوم الأول، تتويجًا للمكانة المتقدمة التي اكتسبتها المرأة في الإمارات، غير أنه ألقى على كاهلي أيضًا مسؤولية الثقة التي منحتها لي قيادة الدائرة، خصوصًا أنني عرفت بأني سأكون محط الأنظار لتقويم نجاح المرأة المواطنة في القضاء".

وقالت لصحيفة "الخليج": طوال مسيرتي المهنية، حظيت بالتشجيع والمساندة من العائلة والوسط القانوني والقضائي والمجتمع والقيادة، لكن لا يمكن أن تخلو مهنة، خصوصًا حينما تكون ذات حساسيات خاصة مثل القضاء، من التحديات. غير أن التحديات التي واجهتها كانت تتعلق بطبيعة المهنة ومتطلباتها من معرفة علمية وخبرة".

الإماراتية أثبتت كفاءتها
تتطلع الظاهري دائمًا إلى انضمام مواطنات إماراتيات أخريات للسلك القضائي، ليحققن ما حققته المرأة في دول عربية أخرى. قالت: "المرأة الإماراتية أثبتت كفاءة كبيرة في الميادين كافة، وتقلدت العديد من المناصب العليا، والعمل القضائي مجال جديد للمرأة في الدولة، وستكون التجربة الأولى مقياسًا لأداء المرأة للعمل في هذا المجال في ما بعد".
أضافت: "وجود المرأة والرجل في العمل القضائي مطلب ضروري لتحقيق التكامل في هذه المنظومة المهمة للدولة والمجتمع، ولا يمكن تحقيق المستويات المنشودة للتنمية واستدامتها من دون تحقيق الاستفادة القصوى من الثروة البشرية، التي تعد من أهم الموارد لأي دولة، لذلك لا أجد بدًا من طرح فكرة (المرأة والرجل)، وصلاحية كل منهما لمهن معينة، بل يجب تقويم المؤهلات والقدرات العلمية والخبرات العملية والسمات الشخصية والرغبة في العطاء والعمل لأي فرد منهما لأنها ستكون الفيصل في الإجابة".

وتابعت الظاهري: "دستور الإمارات وقوانينها لا تميّز بين رجل وامرأة، والحكم على الأمور لا يتم على أساس الجنس، وإنما الكفاءة".

قاضية بين الأوائل
خبرة الظاهري في المحاماة وفي القضاء مكنتها من ممارسة مهامها من دون أن تدع عاطفة "المرأة" عقبة أمام أحكامها. فتشير إلى أن البعض يظلم المرأة حين ينظر إلى القاضية، فيرى تعارضًا بين عاطفة المرأة وعملها في مجال القضاء. تقول: "عاطفة القاضي لا تتدخل في حكمه على المتهم، ولا تتأثر بحالته الإنسانية، فللقاضي الرجل مشاعر وعاطفة أيضًا، لكن حكم القاضية، كما حكم القاضي، يستند أساسًا إلى الأدلة والبراهين، فقط لا غير".

كل هذا جعلها تستحق اختيارها ضمن "أوائل الامارات"، وهي أكدت أن هذا الاختيار يعزّز شعورها بالفخر، ويزيد مسؤوليتها تجاه وطنها. وقالت: "تكريمي من قبل الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الامارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، سيشجع أبناء الوطن على العمل والإبداع للنهوض بدولة الإمارات في مختلف القطاعات، لا سيما تطوير العمل في القضاء الإماراتي، لتكون الإمارات الأولى في كل ميدان".