طهران: يرتبط مستقبل الرئيس الإيراني حسن روحاني بالتوصل الى اتفاق حول النووي مع القوى الكبرى لكنه، حتى لو اسفرت المفاوضات عن نتيجة، سيواجه تحديات على صعيد السياسة الداخلية.

وقد انتخب روحاني في الجولة الاولى في حزيران (يونيو) 2013، ووعد رجل الدين المعتدل بالتوصل إلى اتفاق تاريخي ورفع العقوبات الدولية التي تشل الاقتصاد الإيراني، مع الحفاظ على الانجازات التي حققتها إيران في المجال النووي.

وتريد القوى الكبرى من خلال هذا الاتفاق، التأكد من أن البرنامج النووي الإيراني مخصص للاستخدام السلمي حصرا وان طهران لا تسعى لامتلاك القنبلة الذرية، في مقابل رفع العقوبات.

لكن هذا الاتفاق يخضع لنقاشات حادة منذ اكثر من 20 شهرا والمفاوضات النهائية في فيينا سيتم تمديدها حتى تموز (يوليو)، اي الى ما بعد المهلة النهائية المحددة في 30 حزيران/يونيو، طالما ان الخلافات ما تزال كبيرة.

وقال محللون ان التوصل الى اتفاق سيشكل نجاحا لروحاني لكنه لن يكون كافيا لترسيخ رئاسته في تاريخ الجمهورية الاسلامية. والسبب ان الحكم على رئاسة روحاني سيشمل كذلك قدرته على اجراء تغييرات في السياسة الداخلية والحفاظ على وعوده الانتخابية في القضايا الثقافية والاجتماعية.

&ففي الانتخابات البرلمانية في 26 شباط/فبراير 2016، قد يصوت الناخبون لصالح مرشحين يؤيدون سياسة الانفتاح الدبلوماسي التي ينتهجها روحاني. لكن الإيرانيين يمكن ان يتحولوا باتجاه مرشحين محافظين يؤكدون ان الرئيس لم يف بوعوده، بغض النظر عن اتفاق نووي من عدمه.

وقال امير محبيان الخبير المحافظ المقرب من السلطات لفرانس برس "بالنسبة للسكان، لم يتغير الوضع ويعتقد الكثيرون انهم لم يكسبوا شيئا في لعبة المفاوضات. هذا هو الشعور الذي يعطي دفعة لمعارضي الاتفاق".

واضاف "اذا لم يتمكن الرئيس من تلبية التوقعات، سيكون من السهل لمعارضيه ان يقولوا له لقد فشلت". ويشهد ابناء الطبقة الوسطى الإيرانية والفقراء تراجعا كبيرا في قوتهم الشرائية منذ عام 2012، مع ارتفاع معدلات التضخم فوق 40٪ قبل وصول روحاني الى السلطة.

واستطاعت حكومة روحاني "التكنوقراط" كبح التضخم الى حوالى 15 في المئة لكن عائدات النفط تقلصت كثيرا مع انخفاض اسعار الذهب الاسود. وبعد تمرير موازنة تقشف في اذار/مارس، خفضت الحكومة الدعم المباشر الذي قدمه الرئيس السابق محمود احمدي نجاد للتخفيف من ارتفاع الاسعار.

من جهته، قال سعيد ليلاز المحلل الاقتصادي القريب من الاصلاحيين "اذا رفعت العقوبات المصرفية والنفطية العالمية، سيستغرق الامر وقتا قبل ان نشعر بآثار ذلك". واضاف "لن تاخذ الامور مكانها الصحيح بين عشية وضحاها بسبب الوضع السياسي والاقتصادي السيء للغاية"، مضيفا ان "تحديات ضخمة في القضايا الاجتماعية والثقافية" تنتظر روحاني.

وتابع ليلاز "لقد تمكن من تاجيل الامور بسبب المفاوضات لكنه لن يستطيع استخدام هذا العذر قريبا" في حال التوصل الى اتفاق نووي. وقد بدأ روحاني بالفعل الحديث عن اصلاحات، او التقدم المطلوب لكن دون جدوى.

وقد طردت مجموعة من النساءمن الملعب مؤخرا، رغم السماح لهن بشكل استثنائي حضور مباراة في كرة الطائرة. كما انتقد رجال دين تصريحات روحاني حول ان عمل الشرطة يقتصر على الحفاظ على النظام وليس تدريس الاسلام.واعتبرت تصريحاته بمثابة تحذير لجهاز امن النظام عدم تجاوز صلاحياته.

واكد ليلاز "قال روحاني +لم انس وعودي+" مضيفا أن الاتفاق النووي من شأنه أن يعزز موقف الرئيس في نظر الإصلاحيين. وهؤلاء اختفوا تقريبا من الحياة السياسية والبرلمان بعد قمع حركة الاحتجاج في حزيران/يونيو عام 2009. لكنهم استفادوا من فوز روحاني للعودة الى الساحة، وتم السماح لاثنين من الاحزاب الاصلاحية خوض الانتخابات التشريعية.

وفي حال تمكن الاصلاحيون من استعادة البرلمان من المحافظين، فسيكون بامكانهم التحالف مع الرئيس. لكن مطالب الاصلاحيين بتغييرات سريعة جدا يمكن ان تعرض للخطر روحاني بمواجهة المتشددين في النظام الذين يقلقهم اضفاء مزيد من الحرية في المجتمع.

ولن تكون هناك اي اصلاحات من دون الاتفاق النووي وسيؤدي الفشل الى توترات سياسية هائلة، خصوصا في حال فرض عقوبات جديدة، بحسب داود هرميداس بفند الاستاذ في جامعة طهران. واضاف "بعد استهلاك كميات هائلة من الطاقة في المفاوضات، فان الخيار الوحيد امام روحاني سيكون تقديم استقالته" قبل انتهاء ولايته في 2017.