هل سيدفع القرار الفرنسي بالمشاركة في الضربات الجوية ضد داعش في سوريا إلى إعادة الحوار مع الرئيس السوري؟... السؤال بدأ يطرح في فرنسا، وارتفعت أصوات عدة تطالب بإعادة النظر في الاستراتيجية الفرنسية إزاء سوريا. لذا حسم فالس المسألة بقوله إن من كان جزءًا من المشكلة لا يمكنه أن يكون جزءًا من الحل.


إيلاف - متابعة: خلال نقاش جرى في الجمعية الوطنية عصر الثلاثاء حول التدخل العسكري الفرنسي في سوريا، استبعد رئيس الحكومة مانويل فالس أي حوار مع الرئيس السوري. وقال فالس "لا مجال لأي تسوية ولا لأي ترتيبات" مع نظام الرئيس السوري، مضيفًا "في سوريا لن نقوم بأي عمل يمكن ان يعزز النظام، لا بل من الضروري القيام بالعكس، أي السعي الى التوصل الى اتفاق يطوي بشكل نهائي صفحة بشار الاسد. انه جزء كبير من المشكلة، ولا يمكن بأي حال من الاحوال ان يكون حلا".

الجمهوريون: للتعاون مع إيران وروسيا
واذا كانت الطبقة السياسية الفرنسية، باستثناء اليسار المتطرف، تدعم توسع الضربات الجوية الفرنسية لتشمل الاراضي السورية ايضا ضد تنظيم الدولة الاسلامية، فإنها في المقابل تختلف بشأن الموقف من الرئيس السوري نفسه.

فهناك قسم من حزب "الجمهوريين" برئاسة الرئيس السابق نيكولا ساركوزي يدعو الى إحياء الحوار مع الرئيس السوري، باعتباره أهون الشرين، مقارنة مع تنظيم الدولة الاسلامية. وقال رئيس الحكومة السابق فرنسوا فيون، احد كبار زعماء المعارضة اليمينية، الاثنين، ان "الوقت حان لإعادة النظر في استراتيجيتنا الدبلوماسية والعسكرية".

واضاف فيون أن الخيار الافضل في الوقت الحاضر "هو القيام بعملية واسعة بالتعاون مع روسيا وايران، للقضاء على تنظيم الدولة الاسلامية. وهذه العملية الكبيرة تفترض أن نضع جانبًا في الوقت الحاضر مسألة مستقبل النظام السوري". وقال فيون ايضًا "لا بد من مساعدة نظام بشار الاسد، لانه رغم كل سيئاته على وشك السقوط".

الضرورات تبيح
وبعدما ترددت في السابق في توسيع مشاركتها في الضربات الجوية الى الاراضي السورية خوفًا من ان يستفيد بشار الاسد منها، عادت باريس، وقررت المشاركة في طلعات جوية في الاجواء السورية، تمهيدًا للمشاركة في الضربات الجوية ضد تنظيم الدولة الاسلامية. اما الدافع لذلك، بحسب قول وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لودريان، الاثنين، فهو "تغيّر المعطيات"، مضيفا "لم نعد نستطيع ان نسمح بإبقاء سوريا معقل داعش خارج سياستنا في المشرق".

واذا كان الرئيس فرنسوا هولاند قد خفف من دعواته الى تنحي الرئيس السوري، فانه في المقابل لم يتخلّ عن الدعوة "الى تحييده". وقال جان بيار فيليون صاحب كتاب "العرب، مصيرهم&ومصيرنا" إن "الحفاظ على خط واضح ازاء الاسد لمواجهة تنظيم داعش بشكل افضل ليس ممكنًا فحسب، بل هو ضروري"، معتبراً ان الرئيس السوري "هو المسبب الرئيس لتوسع نفوذ الجهاديين ولأزمة اللاجئين".

واضاف هذا الكاتب أن ازدياد الدعم العسكري الروسي والايراني لسوريا بشكل واضح يكشف أن هذين الحليفين لنظام الاسد "باتا قلقين بشكل جدي ازاء اضمحلال المناطق التي يسيطر عليها هذا النظام".

سهل ممتنع
وتعتبر السلطات الفرنسية ان المعادلة في سوريا دقيقة للغاية. فهي تأخذ في الاعتبار مصالح الدول العربية السنية، التي تريد على غرار باريس ابعاد بشار الاسد عن السلطة، وتطالب في الوقت نفسه موسكو وطهران بالمشاركة في الحل لانهاء الازمة السورية.

وردا على سؤال بشأن هذا التعارض، رفضت وزارة الخارجية الفرنسية التعليق. واكتفى المتحدث باسم الخارجية الفرنسية رومان نادال بالقول "ندعو الروس والايرانيين الى القيام بدور بناء، عبر دعوة النظام الى الدخول في مرحلة انتقالية جدية". وتابع المتحدث "ان فرنسا تدعم جهود الموفد الخاص للامم المتحدة ستيفان دي ميستورا للتوصل الى تسوية سياسية للازمة".

وكان عدد من النواب الفرنسيين زاروا دمشق في مطلع السنة الحالية، والتقوا الرئيس السوري، ما اثار حفيظة الحكومة. واعتبرت الحكومة يومها ان هذه الزيارة بمثابة هدية اعطيت الى "ديكتاتور" لم يعد له مستقبل على رأس بلاده. وقطعت باريس اية علاقة لها بالنظام السوري في اذار/مارس 2012 عندما غادر السفير الفرنسي دمشق. وفي ايار/مايو من العام نفسه انهت باريس مهمات السفيرة السورية في العاصمة الفرنسية.

&