الموصل: على أطراف مدينة الموصل، يقدم عدد من المسعفين الأجانب المساعدة الى القوات الخاصة العراقية في علاج عدد من الأطفال الذين أصيبوا بجروح جراء المعارك الجارية لاستعادة السيطرة على آخر معاقل الجهاديين في البلاد.

وتسببت السيارات المفخخة ونيران القناصة والعبوات الناسفة بإصابة عدد من المدنيين في شرق الموصل حيث تخوض قوات مكافحة الإرهاب العراقية معارك شرسة ضد مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية.

بين اعضاء الفريق الطبي ثلاثة أجانب يعملون مع الأكاديمية الطبية للطوارئ، وهي جمعية خيرية سلوفاكية، وقد انضموا الى فريق القوات الخاصة الطبي المؤلف من أكثر من اثني عشر فردا يهتمون بعلاج المدنيين والجنود الجرحى. ويقع المشفى الميداني القليل التجهيز في منطقة مفتوحة على طريق يشكل المنفذ الوحيد للسكان النازحين من شرق الموصل.

داخل المشفى، يوجد أقل من عشرة أسرة متراصة محاطة بسيارتي إسعاف وصناديق عدة من الشاش وغيرها من المعدات الطبية التي تم شراؤها بتبرعات من الجمعية السلوفاكية. ويقول المسعف السلوفاكي ماريك اداميك لوكالة فرانس برس إن معظم الإصابات التي رآها سببها عبوات ناسفة ورصاص قناصة، مشيرا إلى أن بعض تلك الحالات "استهدفت في الرأس مباشرة".

وكان مدير الجمعية في العراق بيتر ريد قد أنهى لتو علاج أول مدني لذاك اليوم، وهي فتاة صغيرة بملابس نوم زهرية اللون مصابة بشظية في ساقها اليمنى. ويشير الرجل ذو اللحية الشقراء، وهو جندي سابق في سلاح مشاة البحرية الأميركية، إلى أنه جاء إلى العراق في العام 2015 للمشاركة في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

الأطفال ضحايا المعارك
لكن بعد أشهر من دون معارك، بدأ بمعالجة الجرحى من مقاتلي قوات البشمركة الكردية قبل "أن أتنبه الى أن هناك حاجة لعلاج المدنيين في الخطوط الأمامية".

في غضون ثلاثة أيام فقط خلال الأسبوع الحالي، عالج مسعفو الجمعية السلوفاكية والقوات العراقية فتى يبلغ من العمر 12 عاما كانت ساقه اليمنى شبه مقطوعة جراء قذيفة هاون، وصبيا أصيب عندما حمل عبوة غير منفجرة، وفتاة أصيبت بانفجار سيارة مفخخة أودت بحيات جميع أفراد عائلتها.

ويهز ريد برأسه قائلا "الأطفال. وضع الاطفال هي الظاهرة الأسوأ" في هذه الحرب. يضيف "البالغون والأطفال الصغار يبقون إجمالا داخل المنازل، لكن الاطفال الاكبر بعض الشيء، وخصوصا الذكور، يحبون الخروج والمغامرة".

وينقل الجرحى إلى المشفى الميداني في شاحنة صغيرة أو على سقف آليات الهامفي المدرعة، إذ أن مسافة الكيلومتر الواحد من خط الجبهة لا تزال تشكل خطرا على سيارات الإسعاف التي تحاول العبور. ويعمل المسعفون العراقيون والأجانب معا لوقف النزيف أو تضميد الجروح، ويعطي ريد أوامره أحيانا باللغة الانكليزية، فيترجمها أحد العراقيين لزملائه.

أما الحالات العاجلة، كإصابة ذلك الفتى بقذيفة هاون، فتنقل بسيارة الإسعاف إلى مستشفى في أربيل على بعد 80 كيلومترا إلى الشرق.

"يوم عمل سيء"
وسعيا الى الاسترخاء بعد عمل مضن في علاج أحد الجرحى، يبدأ ريد وزميله الأميركي ديريك كولمان (27 عاما) بشرب مشروبات الطاقة والتهام الشوكولاتة. ويقول كولمان، وهو من نيو جيرسي، "جئت إلى هنا كمقاتل أجنبي، ثم رأيت أن هناك حاجة للعمل الطبي".

ويعدل قبعة البيسبول الرمادية اللون على رأسه، ويوضح لفرانس برس انه يعد نفسه لموجة من المدنيين المصابين مع توغل القوات العراقية إلى عمق الموصل. ويضيف "إذا لم تكن هناك معارك لإشغال داعش، فستكون لديه فرصة أكبر لاستهداف المدنيين".

يمضي ريد وكولمان وأداميك اليوم بكامله مع المسعفين العراقيين، ثم ينامون سوية في المكان نفسه داخل منزل مهجور قريب من صوت إطلاق النار والقصف المتقطع. وحتى في الأيام الهادئة، يبدو هؤلاء منهكين مع حلول بعد الظهر. ويقول ريد إن "جرحى أقل يعني تذكر بعض الحالات بطريقة اكثر قسوة".

ويتابع "من السهل الحفاظ على الروح المعنوية عالية من خلال نكات غير لائقة وعناصر الراحة المهمة مثل السجائر التي لا تنتهي ووايلد تايغر"، وهو مشروب طاقة شعبي في العراق. لكنه يستدرك "أشاهد الأفلام ليلا على جهاز الكمبيوتر المحمول. لقد مررت بيوم عمل سيء فعلا".