أكمل الرئيس الأميركي دونالد ترمب جولة انتخابية في ثلاث ولايات في محاولة أخيرة لمنع الديموقراطيين من خرق سيطرته على الكونغرس، عشية انتخابات تجديد نصفي ستكون بمثابة استفتاء عليه بعد سنتين من فوزه المفاجئ برئاسة القوة الأولى في العالم.

إيلاف من واشنطن: اختتم ترمب مهرجاناته الانتخابية في كايب جيراردو في ميزوري، حيث تباهى بأن "الأجندة السياسية الجمهورية هي الحلم الأميركي".

مع ذلك بعد حملة انتخابية شابتها أعمال عنف لمتطرفين، وصف معارضو ترمب هذه الانتخابات بأنها فرصة لكبح رئيس يتهمونه بإثارة العنصرية والانقسامات الاجتماعية بشكل متعمد في سبيل اجتذاب الناخبين.&

الإعلام يحقق ثروات
وبعدما تمتعت إدارة ترمب الفوضوية أحيانًا بسيطرة جمهورية كاملة على مجلسي الشيوخ والنواب، تبدو الاحتمالات مفتوحة بأن تشهد الانتخابات النصفية مفاجآت تجبر ترمب لاحقًا على مواجهة معارضة ذات أنياب. وأمام الناخب الأميركي فرصة لتغيير مجلس النواب برمته وثلت أعضاء مجلس الشيوخ.

ووفق معظم الاستطلاعات، يملك الديموقراطيون فرصة حقيقية للفوز بالغالبية في مجلس النواب، لكن على الأرجح سيحتفظ الجمهوريون بالسيطرة في مجلس الشيوخ.

لكن مع الغموض الذي يلف نسبة المشاركة، وهو عامل رئيس حاسم، إضافة إلى عدم يقين الاستطلاعات من تأثير أسلوب ترمب على الناخبين، يعترف الحزبان بأنهما قد يكونان عرضة لمفاجأة ما.

وقال ترمب لأنصاره في كليفلاند، الذين لم يتوقفوا عن ترداد الهتافات، إن وسائل الاعلام "تحقق ثروات" بفضله وبفضلهم. أضاف "انتخابات التجديد النصفي كانت مملة في السابق (...) والآن هي الحدث الأكثر سخونة". استشهد ترمب برأي لقناة "فوكس نيوز" قالت فيه إن "الولايات المتحدة تملك اليوم أفضل اقتصاد في تاريخ بلادنا، وعاد الأمل أخيرًا إلى مدننا وبلداتنا في كل أنحاء أميركا".

وفي كل مهرجان كان ترمب يردد "سنفوز... سنفوز". لكن ما أن وطأت قدما ترمب ولاية إنديانا في الجولة الثانية من رحلته، حتى اعترف بإمكان أن يحقق الديموقراطيون غالبية في مجلس النواب. وعندما سأله الصحافيون عن تأثير ذلك على رئاسته، أجاب "سيتعيّن علينا فقط عندها أن نعمل بشكل مختلف قليلًا".&

هل تحصل "موجة زرقاء"؟
يعكس آخر استطلاع للرأي أجراه معهد "إس إس آر إس" لحساب شبكة "سي إن إن" معطيات تثير قلق ترمب والجمهوريين حيال تصويت النساء، إذ يشير إلى أن 62% من الناخبات يؤيدن الديموقراطيين، مقابل 35% يؤيدن الجمهوريين، في حين تتوزع أصوات الرجال بشكل متوازن بين 49% للجمهوريين، و48% للديموقراطيين.

ردد ترمب مرارًا أنه يشعر "بالجو مشحونًا كما لم يسبق منذ 2016"، وبدا واضحًا أنه استمتع في كل من محطاته بلقاء الناخبين الذين حملوه إلى السلطة، وقد تهافتوا بالآلاف للاستماع إلى خطاباته التي استمرت في بعض الأحيان لساعة ونصف الساعة، فيما تظهر في الخلفية الطائرة الرئاسية المعهودة في التجمعات التي تنظم في مطارات.

وقال مساء الأحد "لم يعد أحد يتحدث عن الموجة الزرقاء الكبرى"، في إشارة إلى توقع بعض استطلاعات الرأي قبل بضعة أشهر حصول مد ديموقراطي، مضيفًا "قد يخرجون بنتيجة جيدة، من يعلم...". أما نائب الرئيس مايك بنس، فتكهن بأن "الموجة الزرقاء ستتكسّر على جدار أحمر"، بلون الحزب الجمهوري.

طرح الرئيس نفسه في موقع الضامن لاقتصاد البلاد والسد المنيع في وجه الهجرة غير القانونية، محذرًا من "قوافل" المهاجرين القادمين من أميركا الوسطى، التي تعبر حاليًا المكسيك متوجهة إلى الحدود الأميركية. وقال مهولًا "إنه اجتياح".

ركز الديموقراطيون حملتهم على الدفاع عن نظام الضمان الصحي، لكنهم يراهنون أيضًا على رفض الناخبين لترمب، الذي يصفونه بالكاذب، ويعتبرون أنه يحرك المشاعر العنصرية ومعاداة السامية اللتين تسببتا بآخر حوادث شهدتها الولايات المتحدة. ويعوّلون على أصوات الناخبين في ضواحي المدن والجمهوريين المعتدلين النادمين على خيارهم في 2016.

الجمهوريون يكذبون
في غياب زعيم منذ هزيمة هيلاري كلينتون في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، تتجه الأنظار إلى باراك أوباما، الذي برز في موقع الداعم الأول للمرشحين الديموقراطيين&في الحملات الأكثر صعوبة. وقال الأحد "هؤلاء الجمهوريّون يكذبون بشكل فاضح ومتكرّر ووقح. يخترعون أيّ شيء"، مضيفًا "يجب أن تكون هناك عواقب عندما لا يقول الناس الحقيقة".

يختلف السباق بين غرفتي البرلمان. ففي مجلس النواب، حيث يتحتم على الديموقراطيين انتزاع 23 مقعدًا إضافيًا للحصول على الغالبية، فإن استطلاعات الرأي على المستوى الوطني تمنحهم الأفضلية. ويشير إستطلاع نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأحد إلى أن الديموقراطيين&سيحصلون على 50% من نوايا الأصوات، مقابل 43 بالمئة للجمهوريين.

في مجلس الشيوخ، حيث يجري التنافس على 35 من مئة مقعد لولاية من ستّ سنوات، يتوقع الجمهوريون أن يعززوا غالبيتهم، إذ أن ثلث المقاعد المعنية بالانتخابات خلال هذه السنة هي مقاعد عن ولايات محافظة بغالبيتها. وأعضاء مجلس الشيوخ المنتهية ولاياتهم الذين يواجهون صعوبات أكثر من غيرهم في الانتخابات، هم ديموقراطيان انتخبا قبل ست سنوات في ولايتي داكوتا الشمالية وإنديانا لدى إعادة انتخاب باراك أوباما.

قد تجد الولايات المتّحدة نفسها في 3 يناير 2019 أمام كونغرس منقسم، ما سيكون كافيًا لعرقلة برنامج ترمب التشريعي للأشهر الـ22 المقبلة، حتى حلول موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2020.
&