دمشق: داخل مستشفى دمشق، تلطم الهام على رأسها وهي منهارة حزناً على ابنتها الشابة التي قتلت في قذيفة استهدفت سوقاً قصدته لشراء هدية عيد الام.
وتقول الهام الخمسينية وهي تنتحب بين أقاربها وسط جو من الحزن الشديد لوكالة فرانس برس "كانت في الكشكول تبحث لي عن هدية لعيد الام، لا أريد هدايا، لا أريد شيئاً".
وتضيف "يا ربي.. أريد فقط الاطمئنان على ابنتي" التي لم تكن تعلم بعد انها فقدتها.
وقتلت ابنة الهام مع 34 شخصاً آخرين، غالبيتهم من المدنيين جراء قذيفة صاروخية أطلقتها فصائل في الغوطة الشرقية واستهدفت سوقاً شعبية في حي الكشكول على أطراف ضاحية جرمانا في شرق دمشق، وفق ما أفاد الاعلام السوري الرسمي.
وسقطت القذيفة في وقت كان الشارع المعروف بمحاله التجارية المتنوعة وأسعار سلعه البخسة، مكتظاً بروداه عشية عيد الام الذي تحتفل فيه سوريا ودول المنطقة مطلع فصل الربيع.
وضاق المستشفى الذي نقل اليه الضحايا، بعائلات مفجوعة على فقدان أفراد منها فيما غطت بقع الدماء ممراته.
وشاهد مراسل لوكالة فرانس برس داخل المشفى قاعة تضم عشرين سريراً على الاقل وضعت عليها جثث القتلى التي لم تتسع لها برادات المشفى، وعليها اغطية بنية اللون فيما كان طبيب شرعي يتولى الكشف عليها.
خارج هذه القاعة، أجهشت نساء بالبكاء وهن يحتضنّ بعضهنّ البعض بانتظار التأكد من صحة خبر وفاة أحد أقاربهنّ أو القاء النظرة الأخيرة عليهم.
وتحوّل الطابق الأرضي من المشفى الى قسم اسعاف كبير، تجمع فيه عدد كبير من الأطباء لمعالجة عشرات الجرحى الذين تم نقل بعضهم في وقت لاحق الى مستشفيات اخرى.
وشاهد مراسل فرانس برس رجلاً يمسك برأس طفله فيما يعمل طبيب على تخييط جرحه وسط عويل الطفل.
في باحة المستشفى، تجمع عدد كبير من المدنيين معظمهم في حالة هلع شديد بعدما جاؤوا بحثاً عن مفقودين. وامتزجت اصوات البكاء حزناً بأدعية امهات انتظرن بفارغ الصبر سماع أنباء تطمئن قلوبهن.
- "جثة هامدة" -
ولا تجد أم هشام ما يبلسم قلبها المحروق بعدما كانت برفقة ابنها وابنتها في السوق لشراء الأغراض عند سقوط القذيفة التي أدت الى بتر ساقها فيما لم تعرف شيئاً عن ولديها بعد.
وتقول وهي تصرخ من شدة ألمها وبكلمات متقطعة "+الله لا يسامحهم، سقط صاروخ بينما كنا نتسوق (...) كنا أمام عربة حلويات" عندما سقطت القذيفة وغطى الغبار المكان.
وتضيف "خسرت رجلي.. أصبحت بلا رجل"، مستعيدة العبارة التي قالها ابنها لها قبل خروجهم الى السوق "أريد أن افرح بك في عيد الأم".
وبتوتر شديد، يروي عماد الدين مسعود ما جرى "كنا نسير بأمان الله في الشارع، حين سقط صاروخ وليس قذيفة سبب الأذى لكثير من الناس".
ويتابع بانفعال "منذ سنة لم أر ابن ابنتي. طار رأسه كله وبات جثة هامدة، بينما زوجتي وابنتي في العمليات. الوضع حرج لكل الناس".
ووقعت القذيفة الصاروخية التي تسببت باصابة 35 مدنياً بجروح قرب حاجز للجيش السوري في الشارع التجاري.
ويوضح أحد العسكريين أثناء وجوده في المشفى لفرانس برس "كنا على الحاجز وتجمعت الناس بعد دوي القصف.. نقلنا العديد من الجثث بينها جثة شابة كان بقربها هاتف جوال".
ويتابع "اتصلنا بالأرقام التي كانت على هاتفها حتى وصلنا الى شقيقها وأبلغناه بما حصل".
في احدى زوايا المشفى، لا تتمالك أم فهد (60 عاماً) أعصابها. تبكي على ابنة شقيقتها التي قتلت أيضاً.
وتقول لفرانس برس "اتصلوا بي يسألونني اذا كانت عندي، قلت لهم كلا وبدأ قلبي يغلي".
وتتابع "اتصلت بابنتها وكانت تبكي. قالت لي +ماتت أمي+".
التعليقات