إيلاف من لندن: صادق البرلمان الإيراني على مشروع قانون تعارضه الحكومة، يعيد البرنامج النووي إلى ما قبل الاتفاق المبرم عام 2015 مع المجموعة الدولية.

وحمل مشروع القانون الذي صادق البرلمان الإيراني حتى اللحظة على معظم بنوده البالغة 9، يحمل عنوان "الإجراء الاستراتيجي لإلغاء العقوبات" الأميركية، المفروضة على إيران بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي يوم 8 مايو 2018.

ويهدف مشروع القانون من خلال اتخاذ خطوات نووية لافتة، منها إنهاء التفتيش الأممي للمنشآت، لكن الأمر لقي معارضة الحكومة التي أكدت من جهتها أن البرلمان غير مخول قانونياً بمناقشة هذا الموضوع وإقراره.

ويطالب المشروع الحكومة بزيادة تخصيب اليورانيوم إذا لم يقدم الموقعون الأوروبيون على الاتفاق النووي لعام 2015 تخفيفًا للعقوبات المفروضة على النفط والمصارف.

وكان التصويت على مناقشة مشروع القانون، الذي يجب أن يمر عبر عدة مراحل أخرى قبل أن يصبح قانونًا، بمثابة استعراض للتحدي بعد مقتل العقل المدبر المزعوم لبرنامج إيران النووي العسكري في نهاية الأسبوع.

مقتل فخري زادة
وتوفي محسن فخري زاده يوم الجمعة بعد استهداف سيارته وحراسه الشخصيين في هجوم بقنبلة ومسدس على طريق رئيسي خارج طهران، مما زاد التوتر مرة أخرى بين الجمهورية الإسلامية وخصومها.

وقالت وكالة أنباء إيرنا الرسمية إن 251 نائبا من 290 مقعدا صوتوا لصالح مشروع القانون، وبعد ذلك بدأ كثيرون يهتفون "الموت لأمريكا!" و "الموت لإسرائيل!"

وسيمنح مشروع القانون الدول الأوروبية ثلاثة أشهر لتخفيف العقوبات على قطاع النفط والغاز الرئيسي في إيران، واستعادة وصولها إلى النظام المصرفي الدولي.

وكانت الولايات المتحدة فضت عقوبات معوقة على إيران بعد انسحاب الرئيس دونالد ترامب أحاديًا من الاتفاق النووي، مما أدى إلى سلسلة من التصعيد بين الجانبين.

استئناف التخصيب
ويقضي مشروع القانون باستئناف تخصيب اليورانيوم إلى 20 في المائة، وهي نسبة أقل من الحد المطلوب للأسلحة النووية ولكنها أعلى من تلك المطلوبة للتطبيقات المدنية. كما ستعمل على تشغيل أجهزة طرد مركزي جديدة في المنشآت النووية في ناتانز وموقع فوردو تحت الأرض.

وسيتطلب مشروع القانون تصويتًا برلمانيًا آخر لتمريره، بالإضافة إلى موافقة مجلس صيانة الدستور، وهو هيئة رقابة دستورية.
وطرح مشروع القانون لأول مرة في البرلمان في أغسطس الماضي، لكنه اكتسب زخما جديدا بعد مقتل محسن فخري زاده، الذي تعتبره إسرائيل "أب" برنامج الأسلحة النووية الإيراني.

وتقول إسرائيل إن إيران تتمسك بطموحها في تطوير أسلحة نووية، مشيرة إلى برنامج طهران للصواريخ الباليستية والبحث في تقنيات أخرى. لطالما أكدت إيران أن برنامجها النووي مخصص للأغراض السلمية، لكنها هددت مرارًا وتكرارًا بالقضاء على إسرائيل.

إجراءات سرية
وألقت إيران باللوم في مقتل فخري زاده على إسرائيل التي تتخذ منذ فترة طويلة إجراءات سرية ضد طهران ووكلائها في المنطقة. ورفضت إسرائيل التعليق على الاغتيال، لكن مصدرًا إسرائيليًا لم يذكر اسمه قال لصحيفة نيويورك تايمز إنها متورطة.

واقترح بعض المسؤولين الإيرانيين أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي كانت تتفقد بانتظام المنشآت النووية الإيرانية في السنوات الأخيرة كجزء من اتفاقية 2015، ربما كانت مصدرًا للمعلومات الاستخبارية لقتلة فخري زاده.

وبدأت إيران علناً في تجاوز مستويات تخصيب اليورانيوم التي حددها الاتفاق النووي بعد أن أعادت الولايات المتحدة العقوبات. وهي تقوم حاليًا بتخصيب مخزون متزايد من اليورانيوم بنسبة نقاء تصل إلى 4.5٪.

ولا يزال هذا أقل بكثير من مستويات الأسلحة التي تصل إلى 90٪ ، على الرغم من أن الخبراء يحذرون من أن إيران لديها الآن ما يكفي من اليورانيوم المنخفض التخصيب لإعادة معالجته إلى وقود لقنبلتين ذريتين على الأقل إذا اختارت متابعتهما.

الحكومة تعارض
وإذ ذاك، أعلنت الحكومة الإيرانية معارضتها لمشروع القانون البرلماني الذي، إذا وافق عليه مجلس صيانة الدستور لاحقاً، سيتحول إلى قانون نافذ. وعبّر عن هذه المعارضة أكثر من مسؤول حكومي، حيث قال المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي ربيعي، اليوم الثلاثاء، في مؤتمره الصحافي، إن إلغاء هذا البروتوكول "ليس من ضمن صلاحيات المجلس"، أي البرلمان الإيراني، معلناً معارضة الحكومة لقرار البرلمانيين في هذا الشأن، مؤكداً أن الأمر، حسب الدستور، من صلاحيات المجلس الأعلى للأمن القومي في البلاد.

وأضاف ربيعي أنه "إذا كان الهدف من المشروع هو إلغاء العقوبات، فإنه لن يؤدي إلى ذلك"، غير أن رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف له رأي آخر، إذ قال وفقاً لما أوردته وكالة "فارس" الإيرانية، إن "المجلس يحق له ويمتلك الصلاحية للخوض في هذا الموضوع مع مراعاة الدستور".

كلام كمالوندي
من جهته، قال المتحدث باسم هيئة الطاقة الذرية الإيرانية، بهروز كمالوندي، إن "تنفيذ البروتوكول الإضافي لا يحدث أي مشكلة أمام عملية تخصيب اليورانيوم، لكن عدم تنفيذه يزيد من الشكوك والغموض حول البرنامج النووي الإيراني"، وفقاً لما أوردت وكالة "تسنيم" الإيرانية.

وهو ما يتفق معه عليه المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافاييل غروسي، الذي قال، الإثنين، لوكالة "فرانس برس"، إن "عمل الوكالة الدولية للطاقة الذرية لا غنى عنه أكثر من أي وقت"، في إشارة إلى رقابة الوكالة على البرنامج النووي الإيراني والتفتيش الذي يقوم به مفتشوها.

وأضاف غروسي أن "الإيرانيين یملكون برنامجاً نووياً مهماً يستدعي جهوداً كبيرة على صعيد التفتيش"، مضيفاً أنه "من دون ذلك، سنكون في جهل كامل وستكبر الشكوك وانعدام الاستقرار في المنطقة".