إيلاف من لندن: نقلت منظمة حقوقية دولية الاربعاء شهادات لما قالت انهم افراد في مجتمع المثليين والمتحولين جنسيا في العراق واعمال القتل والتعذيب والاعتداء الجنسي التي يواجهونها داعية الحكومة الى حمايتهم.

ونقلت منظمة هيومان رايتس الاميركية لحقوق الانسان في تقرير لها عن افراد في مجتمع "الميم" في العراق تعرضهم لعمليات تعذيب وقتل على يد عناصر في الجماعات المسلحة لكن الحكومة العراقية تقاعست عن محاسبتهم ما شجعهم في السنوات الأخيرة على مواصلة عمليات اختطاف، واغتصاب، وتعذيب، وقتل المثليين/ات، ومزدوجي/ات التوجه الجنسي، ومتغيّري/ات النوع الاجتماعي (مجتمع الميم)، دون عقاب.

ويلامس التقرير قضية شائكة في مجتمع محافظ كما هو العراق الذي يعتبر المثلية فيه عارا اجتماعيا كما يحرمها الدين الاسلامي.

حياة لا تطاق

واشارت المنظمة الى ان الطبيعة الدورية للانتهاكات ضد أفراد مجتمع الميم، والتي تبدأ من الأسرة لتمتد إلى كل جانب من جوانب حياتهم العامة، تجعل أي "شك" في المثلية الجنسية أو التفاوت الجندري سببا للعنف المحتمل، ما يؤدي ليس فقط إلى موت أفراد مجتمع الميم بل يجعل حياتهم لا تُطاق.

وركزت هيومان رايتس ووتش في تقريرها على أعمال القتل، والاختطاف، والتعذيب، والعنف الجنسي ضد أفراد مجتمع الميم على يد الجماعات المسلحة في العراق وهو يستند إلى 54 مقابلة مع عراقيين من مجتمع الميم والذين نجوا من العنف والتمييز على يد الجهات الحكومية وغير الحكومية، وذلك بالاستناد أساسا إلى تعبيرهم الجندري وتوجههم الجنسي المفترض.

ووثّقت المنظمة بدعم من منظمة "عراق كوير" العراقية لحقوق مجتمع الميم، ثماني حالات اختطاف، وثماني حالات محاولة قتل، وأربع حالات قتل خارج القضاء، و27 حالة عنف جنسي - بما فيها الاغتصاب الجماعي - و45 حالة تهديد بالاغتصاب والقتل، و42 حالة استهداف عبر الإنترنت من قبل أفراد عرّفوا عن أنفسهم بأنهم أعضاء في جماعات مسلحة، ضد أفراد مجتمع الميم في العراق.
واوضحت انه في ثماني حالات، كانت الانتهاكات على يد الجماعات المسلحة والجهات الحكومية، بما فيها الاعتقال التعسفي والعنف الجنسي، ضد أطفال لا تتجاوز أعمارهم 15 عاما وفي 39 حالة، تمكن الأفراد من تحديد هوية الجماعة المسلحة التي اعتدت عليهم.

إفلات من العقاب ممنوح لمرتكبي الاعتداءات

واضافت المنظمة ان الطبيعة العلنية للانتهاكات الموثقة، والتي تحدث غالبا في وضح النهار في الشوارع، بالإضافة إلى التعمّد المخيف تبين مناخ الإفلات من العقاب الممنوح للمرتكبين.
ولاحظت ان الطبيعة التعسفية للاعتداءات تٌظهر أن الأفراد مستهدفون كجزء من مخطط أكبر يرمي إلى تخويف غير الممتثلين للمعايير وإلى معاقبة الانحراف.

واعتبرت ان تقاعس الدولة العراقية عن معالجة المعايير الاجتماعية التمييزية الداعمة للعنف ضد أفراد مجتمع الميم، فضلا عن تعزيزها لهذه المعايير بالترويج لخطاب مناهض لمجتمع الميم من خلال السياسات القائمة على "الأخلاق''، يُساهم في تأجيج العنف ضد الأفراد الذين يُنظر إليهم على أنهم غير معياريين.

عنف روتيني

واضافت المنظمة ان الانتهاكات الموثقة في هذا التقرير، بما فيها الاختفاء القسري، والاحتجاز التعسفي، والتعذيب، والقتل، لا تطال مجتمع الميم وحده، إذ يواجه العراقيون العاديون الآخرون أيضا هذه الأشكال من العنف لكن في حالة مجتمع الميم، ينبع العنف ويتفاقم بسبب تعبيرهم الجندري أو توجههم الجنسي المتصور.

وأشارت الى ان أفراد مجتمع الميم في جميع أنحاء العراق يواجهون عنفا روتينيا على أيدي مسؤولي الأمن، الذين يسيئون إليهم لفظيا ويعتدون عليهم جنسيا، ويعتقلونهم بشكل تعسفي، ويحتجزونهم. كما تتحرش قوات الأمن جسديا ولفظيا وجنسيا بمن تعتبرهم من مجتمع الميم عند نقاط التفتيش.
وقالت المنظمة انه يمكن اعتقال أفراد مجتمع الميم بموجب مجموعة من الأحكام الفضفاضة في "قانون العقوبات" والتي تهدف إلى الضبط السلوكي على الأخلاق والآداب العامة والحد من حرية التعبير.

توثيق

وبينت هيومن رايتس ووتش انها وثقت 15 حالة اعتقال على يد قوات الأمن لـ 13 شخصا من مجتمع الميم في العراق.
ففي يونيو/ حزيران 2021، أصدرت الشرطة في إقليم كردستان العراق مذكرات توقيف بناء على المادة 401 من قانون العقوبات التي تجرم "العمل المخل بالحياء" ضد 11 ناشطا من نشطاء حقوق مجتمع الميم الذين هم إما موظفين حاليين أو سابقين في "منظمة راسان"، منظمة حقوقية مقرها السليمانية.

وأوضحت أنه حتى مارس/آذار 2022، كانت القضية مفتوحة وما زالت مفتوحة على ذمة التحقيق، رغم أن السلطات لم تحتجز النشطاء. وقالت ان معظم اعتقالات أفراد مجتمع الميم الموثقة في هذا التقرير لم تستند إلى أي أساس قانوني، حتى بموجب القانون العراقي نادرا ما تُوجّه تهم أو تحدث إدانات وفقا للقانون بحق الأفراد الذين يتعرضون للإيقاف والاعتقال عند نقاط التفتيش.

شهادات

ونقلت المنظمة عن أفراد مجتمع الميم الذين اعتُقلوا قولهم بأنهم أُجبروا على توقيع تعهدات تفيد بعدم تعرضهم لسوء المعاملة وأنهم حُرموا من الاتصال بمحام وشملت ظروف احتجازهم الحرمان من الطعام والماء، والحق في الوصول إلى الأسرة والتمثيل القانوني أو الحصول على الخدمات الطبية، فضلا عن التعرض للاعتداء الجنسي والإيذاء الجسدي. ونقلت عن رجل مثلي (18 عاما) قوله إنه تعرض لفحص شرجي قسري عندما كان عمره 17 عاما. وقال رجل مثلي آخر (18 عاما) إن العناصر حاولوا نفس الشيء معه عندما كان عمره 17 عاما.

وقال 27 من أصل 54 شخصا من مجتمع الميم الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش وعراق كوير إنهم تعرضوا للاعتداء الجنسي والعنف على أيدي الجماعات المسلحة، بما في ذلك اللمس غير المرغوب فيه، والاغتصاب، والاغتصاب الجماعي، وتشويه الأعضاء التناسلية، والفحوصات الشرجية القسرية.

مضايقات رقمية

ووثّقت هيومن رايتس ووتش أيضا حالات استهداف رقمي ومضايقات عبر الإنترنت على مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات المواعدة الخاصة بالمثليين من قبل الجماعات المسلحة ضد مجتمع الميم.

وحسبما يتضح من روايات من قابلتهم المنظمتان فإن عواقب الاستهداف الرقمي خارج الإنترنت طويلة الأمد.
وأفاد الأفراد المستهدفون أنهم أُجبروا على تغيير أماكن إقامتهم، وحذف جميع حسابات مواقع التواصل الاجتماعي، وتغيير أرقام هواتفهم، وفي بعض الحالات، الفرار من البلاد خوفا من مراقبتهم، وابتزازهم، والإيقاع بهم من قبل الجماعات المسلحة.

عنف الاسرة

كما وثّقت الروايات بالتفصيل حلقة من الانتهاكات، بما فيها نمط لمحاولة مطاردة أفراد مجتمع الميم لإيذائهم، وهو ما يرقى إلى مستوى العنف الهيكلي ضدهم. يُشكل اجتماع الضعف المفرط، وأحكام "الأخلاق" فضفاضة التعريف، وغياب تشريعات العنف الأسري والتشريعات المناهضة للتمييز وأنظمة الشكاوى الموثوقة، حواجز هائلة تعيق قدرة واستعداد مجتمع الميم للإبلاغ عن الانتهاكات التي يتعرضون لها إلى الشرطة، أو تقديم شكاوى ضد موظفي إنفاذ القانون، ما يخلق بيئة تسمح للشرطة والجماعات المسلحة بالاعتداء عليهم دون عقاب.

وأفاد 40 شخصا من أصل 54 من مجتمع الميم الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش وعراق كوير أنهم تعرضوا لعنف شديد مرة واحدة على الأقل من قبل أفراد الأسرة، دائما تقريبا من قبل الأقارب الذكور، بسبب توجههم الجنسي أو هويتهم وتعبيرهم الجندري.

وشمل هذا العنف الحبس في غرفة لفترات طويلة، الحرمان من الطعام والماء، التعرض للحرق، والضرب، والاغتصاب، والصعق بالكهرباء، والهجوم تحت تهديد السلاح، والتعرض لممارسات العلاج التحويلي والعلاج القسري بالهرمونات، والتعرض للزواج القسري، وإجبارهم على العمل لساعات طويلة دون مقابل.
على عكس إقليم كردستان العراق، لا يوجد في العراق تشريعات للعنف الأسري، بل يسمح قانون العقوبات بممارسة العنف ضد النساء والأطفال.

وأوضح أفراد مجتمع الميم الـ54 الذين قوبلوا من أجل هذا التقرير إنهم لن يبلغوا السلطات عن جريمة ارتكبت ضدهم، إما بسبب محاولات فاشلة سابقة رُفضت فيها الشكوى أو لم يُتخذ أي إجراء، أو لأنهم شعروا أنه سيُعاد توجيه اللوم عليهم بسبب توجهاتهم الجنسية وهوياتهم وتعبيراتهم الجندرية غير النمطية.

دعوة الحكومة لحماية مجتمع المثليين

وشددت المنظمة على ان الحكومة العراقية مسؤولة عن حماية حق العراقيين في الحياة ولذلك ينبغي عليها ينبغي التحقيق في جميع التقارير المتعلقة بالعنف الذي ترتكبه الجماعات المسلحة أو غيرها ضد الأشخاص المستهدفين بسبب توجهاتهم الجنسية الفعلية أو المتصورة أو هوياتهم وتعبيراتهم الجندرية، ومحاكمة المسؤولين محاكمة عادلة، ومعاقبتهم بشكل مناسب، وإدانة كل هذا العنف علنا وصراحة.

ودعت الحكومة الى اتخاذ جميع الإجراءات المناسبة لإنهاء التعذيب، والاخفاء، والقتل خارج القانون، وغيرها من الانتهاكات على أساس التوجه الجنسي، والتعبير الجندري والهوية الجندرية، وتعويض أسر جميع ضحايا القتل غير القانوني والناجين من الانتهاكات الجسيمة.

كما طالبت قوات الأمن العراقية بالكف عن مضايقة واعتقال أفراد مجتمع الميم على أساس توجههم الجنسي أو تعبيرهم الجندري وضمان حمايتهم من العنف بدلا من ذلك. على العراق طرح وتنفيذ تشريعات تحمي من التمييز على أساس التوجه الجنسي والهوية الجندرية.