إيلاف من لندن: فيما بدأ معتصمو التيار الصدري العراقي يومهم الثاني الأحد داخل البرلمان، لم تظهر لحد الآن أي استجابة للدعوات بدخول القوى السياسية في حوار يُنهي مخاطر الأزمة بينها برغم نجاح الجهود بتأجيل المواجهة الشعبية بين أنصار الصدر وأنصار القوى الشيعية الموالية لايران.
واعتبر مصدر عراقي يتابع تطورات الأزمة السياسية ونذر المواجهات الشعبية الخطيرة بين جماهير طرفي الأزمة: التيار الصدري والقوى الشيعية ضمن الإطار التنسيقي الموالية لإيران في تصريح لـ"إيلاف" اليوم أن قرار رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي بتعليق جلسات البرلمان الى اشعار آخر قد جاء ليؤجل محاولات انتخاب رئيس للجمهورية برغم استمرار الخلافات بين الحزبين الكرديين الرئيسيين حول المرشح للمنصب.
وأشار إلى أن التأجيل جاء أيضاً بمثابة تأجيل كذلك لاعلان ترشيح الوزير السابق محمد شياع السوداني رسمياً من داخل البرلمان لتشكيل الحكومة على الرغم من معارضة ذلك من التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر.
وأوضح المصدر أن قرار التعليق قد منح القوى السياسية فسحة من الوقت لمراجعة مواقفها ومحاولة إنهاء خلافاتها حول القضيتين .. واصفاً التعليق بنزع مؤقت لفتيل الأزمة وتجنب انفجارها.


مجموعة من أنصار الصدر في كافتيريا البرلمان العراقي لدى بدئهم السبت 30 يوليو 2022 اعتصاماً مفتوحاً بداخله (تويتر)

قاآني على خط تأجيل المواجهة الشعبية
وأضاف المصدر الذي فضل عدم نشر أسمه لحساسية الموضوع أن قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني أسماعيل قاآني قد ضغط على التيار التنسيقي للقوى الشيعية من أجل تأجيل قرارها بإخراج جماهيرها مساء اليوم الأحد في حراك شعبي ضد تظاهرات أنصار التيار الصدري الذي اقتحموا المنطقة الخضراء وسط بغداد أمس واعتصموا بمبنى البرلمان العراقي لفترة غير محددة رفضا لترشيح السوداني باعتبار أن ترشيحه قد تم بضغوط من رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي الخصم اللدود للصدر.
وأشار المصدر إلى أن قاآني قد اجتمع مساء أمس في بغداد بمنزل شبل الزيدي الأمين العام لحركة العراق الإسلامية "كتائب الأمام علي" مع قادة الإطار وبحث معهم مخاطر التصعيد الحاصل في الأزمة العراقية الحالية.
وقد تم الاتفاق خلال الاجتماع على تأجيل الإطار لإخراج انصاره في تظاهرات بمواجهة الصدريين قال انها تهدف الى "الدفاع عن الشرعية الدستورية".
وقال الإطار في بيان تابعته "إيلاف" انه بناء على دعوات قادته وتدخل شيوخ العشائر ورجال الدين تقرر تأجيل موعد التظاهرات المدافعة عن الدولة ومؤسساتها إلى إشعار آخر وإعطاء وقت للحوار والحلول الإيجابية السياسية لضمان وحدة الصف وتجنبا للفتنة وتفويت الفرصة على مدعيها" في إشارة الى أنصار الصدر.
وبين المصدر أن تأجيل التظاهرة جاء أيضاً ليجنب البلاد فتنة مواجهة شعبية بين طرفي الفريقين المتخاصمين التيار الصدري والاطار التنسيقي لكنه لم يستبعد حصول صدام دام بينهما مستقبلاً في حال فشل المحاولات الجارية لفتح حوار وتقديم تنازلات متقابلة منهما انهاء للازمة.

لا مؤشرات على حوار ينهي الأزمة
وأوضح المصدر انه على الرغم من الدعوات التي انطلقت خلال الساعات الأخيرة من الرئاسات العراقية ومختلف الزعامات السياسية والامم المتحدة والجامعة العربية والولايات المتحدة وبريطانيا الى الأطراف السياسية للالتزام بضبط النفس والابتعاد عن العنف فأن أي استجابة أو قبول من قبل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر للدخول في حوار مع قوى الاطار.
وعلى العكس من ذلك فقد حذر صالح محمد العراقي الذي يوصف بـ "وزير الصدر" الإطار التنسيقي من زعزعة السلم الأهلي في العراق رداً على دعوة أنصاره للخروج بتظاهرات.
وكتب العراقي في تغريدة على تويتر قائلاً " إن "تفجير المسيّرات هو من يكسر هيبة الدولة وليس حماية المؤسسات من الفساد كسراً لهيبة الدولة".
وأضاف أن "زعزعة الأمن الطائفي في كردستان والأنبار كسر لهيبة الدولة.. وما التسريبات عنكم ببعيدة" في اشارة الى ترسبات للمالكي يهاجم فيها الصدر بشدة ويتهمه بقيادة البلاد لحرب أهلية.
وخاطب الإطار محذراً "فإياكم والدعوة لزعزعة السلم الأهلي كما فعلتم في اعتصاماتكم ضد (الانتخابات الحالية المزورة) كما تدّعون".

دعوة لحل البرلمان
وفي خضم هذه التطورات فقد دعت حركة امتداد للنواب المستقلين وممثلي الاحتجاجات الشعبية إلى حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة.
وقالت الحركة في بيان حصلت "إيلاف" على نصه أن الشعب "قد استشعر ومنذ اليوم الأول في ثورة تشرين الخالدة (انطلقت أواخر 2019) إن كل مشاكل الحكم والفشل الذريع طيلة السنوات الماضية قد تجذّرتْ ونَمتْ من خلال دستور لا يلبّي طموحات الجماهير ونظام الحكم وتشكيلته التي بُنيت على المحاصصة وتقاسُم المغانم وعملت على تشتيت الشعب إلى مكونات وأعراق وغيّبت المواطنة والعدالة الإجتماعية".
وأشارت الحركة الى أنها قد "تبنّت قضية التعديلات الدستورية وسعت ولا تزال تسعى لتغيير شكل النظام إلى رئاسي أو شبه رئاسي وإكمال دور المؤسسة التشريعية وحماية المؤسسات القضائية من التدخلات الحزبية والتقسيم الطائفي".
وأضافت أن المشاكل المستعصية اليوم في عملية تشكيل الحكومة وتأخير مصالح الشعب دليلاً واضحاً على صدقية وأحقية متبنياتنا ونتاجاً لفشل النظام وآليات تشكيل الحكومة الذي يؤدي في كل مرة إلى حكومة فاشلة في كل المعايير".
وطالب الحركة بحل البرلمان وإجراء إنتخابات مبكرة وفق قانون إنتخابي عادل تسبقها خطوات تشريعية عبر تعديل دستوري يطرح لإستفتاء شعبي وتشكيل محكمة إتحادية عليا مستقلة .

تحذير من الهاشتاغات التحريضية
وعلى الصعيد نفسه فقد حذر مركز الإعلام الرقمي العراقي من استمرار إطلاق الهاشتاغات الوهمية "مدفوعة الثمن" على منصة تويتر من قبل أتباع القوى السياسية.
وقال المركز في بيان تابعته "إيلاف" أن أحزاباً معروفة تستمر في إطلاق هذه الهاشتاغت على الرغم من دعوات التهدئة التي تم إطلاقها".. داعياً الجهات السياسية الى إيقاف تحريض أتباعها على منصة تويتر.
وقال المركز إن "هنالك عدة هاشتاغات وهمية تُطلقها جيوش الكترونية باثمان رخيصة وسط صمت منصة تويتر على هذه الحالة التي تخالف معايير النشر المعتمدة".
وأضاف أن "هذه الجهات المتطرفة تهدف بهاشتاغاتها وتحريضها الى تدمير البلاد وتأجيج الصراع فيه ووقوعه في فتنة ستسقط وراءها دماء غالية وعزيزة من شبابه الذي عانى الكثير منذ عقود".. مشددا على "ضرورة تحرك الجهات الحكومية المختصة لمعالجة هذه المشكلة لما لها من آثار سلبية وكارثية على السلم الأهلي في العراق".

فتنة ستحرق الجميع
وقال الكاظمي في كلمة متلفزة الى العراقيين السبت "إن الجميع يتحمل مسؤولية ما يحدث في البلاد من أحزاب وطبقة سياسية وجهات مؤثرة".
ودعا "كل الكتل السياسية الى الحوار من أجل شعب العراق.. شعبنا الذي لا يهوى الفتنة والاقتتال والتناحر". وأضاف "لا بد للكتل السياسية من الابتعاد عن حوار التخوين والإقصاء".


الكاظمي مجتمعا السبت 30 يوليو 2022 مع رئيس مجلس القضاء الاعلى فائق زيدان حيث وجها نداء الى القوى السياسية للدخول في حوار ينهي خلافاتها (اعلام القضاء)

وشدد بالقول "أنا أسمع ما يقال في السر والعلن، ونحن صادقون، ولكن نأمل من غيرنا أن يتحلى بالصدقِ هذه المرة لأجل العراقِ والعراقيين". وزاد قائلاً "إن ألف يوم من الحوار الهادئ خير من لحظة تسفك فيها نقطة دم عراقي.. يجب أن نتعاون جميعاً لنوقف من يسرع هذه الفتنة والكل يجب أن يعلم جيداً أن نار الفتنة ستحرق الجميع".
وأضاف "سنتحمل المسؤولية، وحاضرون لنفعل أي شيء من أجل العراق، ودون تردد.. المعضلة سياسية، وحلها سياسي، والحل ممكن عبر الحوار الصادق البناء، وتقديم التنازلات من أجل العراق والعراقيين".
وحذر رئيس الوزراء العراقي من استمرار التشنج السياسي "حتى لا تنفجر ألغام سعينا طوال العامين الماضيينِ في تفكيكها بهدوء".

الآلاف اقتحموا الخضراء
وكانت المنطقة الخضراء وسط بغداد قد شهدت أمس السبت يوماً حافلاً بعدما اقتحمها أنصار التيار الصدري وهم بالألاف والاعتصام بمقر البرلمان معلنين اعتصاماً مفتوحاً في مرحلة جديدة أكثر خطورة في الأزمة السياسية التي تعاني منها البلاد منذ أكثر من 10 أشهر.
وإثر ذلك اندلعت مواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن أسفرت عن سقوط أكثر من 125 جريحاً نتيجة إطلاق الأمن قنابل الغاز لكن المواجهات لم تكن عنيفة بعد أن وجه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي قوات الأمن بضرورة حماية المتظاهرين.