إيلاف من لندن: طمأن السوداني الكويت الثلاثاء بالتزام العراق بالقرارات الدولية حول العلاقة معها مؤكدا الاعتراف بسيادتها ووحدة اراضيها ..مشددا على ضرورة تحديد فترة بقاء القوات الاجنبية في بلاده . .معتبرا استعادة ثقة شعبه بالنظام السياسي هو التحدي الاكبر الذي يواجه حكومته.
واعتبر رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني في مقابلة موسعة مع صحيفة "ذا ناشيونال" الصادرة في ابو ظبي بالانكليزية اليوم وترجمتها "ايلاف" ان زعزعة ثقة الشعب هي التحدي الأكبر الذي يواجهه منذ توليه منصبه قبل عشرة أشهر مؤكدا ان اولويات حكومته تشمل "توفير الخدمات الأساسية ومكافحة الفساد وإجراء إصلاحات اقتصادية تعزز ثقة الناس في النظام السياسي.
وأضاف أن الثقة لا تتم إلا "من خلال المصداقية والوفاء بالوعود.. وقال إن حكومته قوية وقادرة على التنفيذ، على الرغم من مواجهة العديد من التحديات.
توازن السياسة الخارجية
ووصف السوداني السياسة الخارجية لحكومته بأنها "متوازنة ومستقلة عن القرار السيادي وبعيدة عن رغبات ومصالح الآخرين" .. منوها الى انه لا توجد مشكلة في المصالح المشتركة ولكن ليس على حساب العراق.
وقال السوداني الذي يحيط به ستة جيران لبلاده معهم تاريخ متقلب إن مصير العراق هو أن يكون "نقطة التقاء لجميع من في المنطقة".. مشددا على ان جميع الدول ستستفيد من استقرار بلاده .
واضاف إن "الاضطرابات في العراق تجلب اضطرابات في المنطقة والعالم، كما رأينا مع تنظيم داعش ولذلك تسعى حكومته إلى إنشاء مشاريع مشتركة في المنطقة للبناء على التعاون المحتمل مثل "مشروع طريق تنمية العراق" الذي دعا دول المنطقة للانضمام إليه مما يعزز الروابط بين آسيا وأوروبا. "
عدم الحاجة لقوات اجنبية
واشار السوداني الى إنه أبلغ المسؤولين الأميركيين أن علاقة بلاده "لا ينبغي أن تكون في البعد الأمني فقط... بينما نحن منفتحون على التعاون الأمني الثنائي" مسلطاً الضوء على أهمية "استقلال العراق ولن نكون جزءاً من أي اتفاق".
وعن وجود القوات الأجنبية في العراق اكد السوداني قائلا "نحن لسنا بحاجة إلى قوات مقاتلة"..وأضاف "لدينا مستشارين عسكريين، لكن حتى وجودهم يحتاج إلى تنظيم، من حيث حجمهم وموقعهم ومدة بقائهم". وأضاف أنه يجب أن يكون هناك "جدول زمني واضح" لاستمرار وجود القوات الأجنبية وهذا جزء مما تحتاجه سيادتنا واستقرارنا، لرفع أي عذر للمطالبين بإبعاد القوات الأجنبية.
التوتر مع الكويت
وعن تصاعد التوترات مع الكويت التي أثارت حكومتها مخاوف بشأن تراجع العراق على ما يبدو عن اتفاقيات ترسيم الحدود البحرية المصادقة على الاتفاقية وحكم المحكمة الاتحادية العراقية بالغاء المصادقة على الاتفاقية من جانب واحد وحيث أعربت الكويت وبدعم من دول مجلس التعاون الخليجي عن قلق واضح إزاء تحرك المحكمة مؤكدين على أهمية التزام العراق بسيادة الكويت وسلامة أراضيها واحترام الاتفاقيات الدولية وقرارات الأمم المتحدة وخاصة قرار مجلس الأمن رقم 833 بشأن ترسيم الحدود الكويتية العراقية .. فقد رد السوداني على ذلك قائلا انه "في العراق، هناك انقسام بين مختلف فروع السلطة"، مما يحول القضية إلى قضية قضائية .
وشدد السوداني على أن حكومته ملتزمة بالقوانين الدولية وقرارات مجلس الأمن الدولي إضافة إلى سيادة دولة الكويت ووحدة أراضيها.
وتحدث السوداني عن لقائه مع رئيس الوزراء الكويتي في نيويورك الاسبوع الماضي قائلا "أكدت له موقف حكومتنا وأعربت عن رغبة العراق في مواصلة عمل اللجان المشتركة وأن تكون هناك زيارات متبادلة مستمرة بين المسؤولين والخبراء في البلدين في جميع المجالات، وذلك لتعزيز مستويات التعاون وبناء الثقة.
وشدد السوداني على التزامه بـ"تحسين علاقاتنا والتغلب على جميع العقبات" بين البلدين واقر بمخاوف الكويتيين في ضوء ذكريات غزو عام 1990 وقال "العراق بعد عام 2003 يختلف تمامًا عن العراق قبل ذلك الوقت، ونحن نعمل الآن على إقامة مشاريع عابرة للحدود وتطوير العلاقات مع جميع جيراننا بما في ذلك الكويت".
سوريا الحالية افضل من بديل مجهول
وأكد السوداني إيمانه الراسخ بأن "سوريا بتركيبتها السياسية وشعبها الحالية أفضل من بديل مجهول قد يدفع المنطقة إلى الدخول في حرب جديدة".
وأضاف أن "أي اضطرابات أمنية في سوريا يمكن أن تؤدي إلى ظهور تنظيم داعش من جديد، ولذلك نحن بحاجة إلى إعادة التعامل مع سوريا وتلبية احتياجات شعبها".
توترات مع ايران وتركيا
واقر السوداني بوجود توترات مع كل من إيران وتركيا بسبب الغارات الجوية المنتظمة على الأراضي العراقية، وخاصة تلك التي تستهدف الجماعات الكردية المنشقة..وقال: "إننا نتعامل مع هذا الأمر من خلال الدبلوماسية، ورفضنا الأساسية للعنف أو التهديد بالعنف. قدرتنا على الرد موجودة، لكننا نفضل الدبلوماسية".
حرب حقيقية ضد الفساد
وعن مواجهة الفساد المستشري في بلاده شدد السوداني على ان هناك حرب حقيقية ضد الفساد وبشكل يومي و"نعمل على استرداد الأموال واستعادة من أخذ الأموال ونتابع كل المعلومات، حتى بيان منشور على وسائل التواصل الاجتماعي".
ورداً على الذين يتساءلون عن مدى فعالية مكافحة الفساد، قال السوداني إنه لا يوجد "تلاعب سياسي عندما يتعلق الأمر بالفساد... نحن نحاربه في الواقع، وليس فقط في البيانات الإعلامية".
وبينما يشتكي العراقيون في كثير من الأحيان من التضخم أصر السوداني على أن "جميع السلع حافظت على أسعارها حيث يتعين على جميع التجار أن يأخذوا الدولار من خلال النظام الحكومي... وأولئك الذين يبحثون عن طرق بديلة هم المهربون".
تهريب الدولار الى ايران
وتحدث السوداني بإسهاب عن التجارة غير المشروعة في العراق بما في ذلك دور أولئك الذين يهربون الدولارات الأميركية إلى إيران قائلا "تجارتنا مع إيران تبلغ حوالي 11 مليار دولار، لكن إيران تخضع للعقوبات، مما يعني أن التاجر لا يمكنه إرسال أموال إلى إيران مقابل سلع لأن ذلك محظور لذلك يذهب التاجر إلى السوق السوداء الموازية".
ويعمل البنك المركزي العراقي مع نظيره الإيراني لمعالجة هذه المسألة، منوها الى ان"جزءا مهما من السيطرة على سعر العملة يعتمد على تنظيم تجارتنا مع إيران".. مضيفًا أنه كانت هناك أيضًا مشكلات تتعلق بالتحويلات غير الرسمية إلى تركيا للتجارة، لكن الحكومة العراقية قررت الآن استكمال التحويلات من خلال النظام المصرفي".
الحراك الشعبي والمعتقلين وقتل المتظاهرين
وعلى الرغم من الخلافات الواسعة بين الأحزاب السياسية المختلفة والمشاحنات الداخلية بين بغداد وأربيل قال السوداني "هذا أمر طبيعي، حتى بعد الانتخابات، كانت هناك منافسة ضمن الحدود الدستورية". وسارع إلى رفض الأسئلة المتعلقة بالخلافات السياسية ووجود مشاكل داخلية كبيرة مثل المعتقلين في البلاد كما نفى شائعات عن إمكانية إجراء انتخابات مبكرة على المستوى الوطني.
وأوضح السوداني "لقد سجل أكثر من 300 حزب لخوض الانتخابات المحلية... وهذا مؤشر صحي آخر على استقرار النظام السياسي" أما بالنسبة لاحتجاجات أكتوبر 2019 المعروفة باسم حركة تشرين، فقال السوداني: "إننا ننظر إليها باحترام، ونحترم جميع عناصر الاحتجاجات السلمية ضمن إطار قانوني".
ومع اقتراب الذكرى السنوية لتلك الاحتجاجات وعد السوداني "قبل نهاية العام سنكشف عن نتائج التحقيقات حول المسؤول عن قتل المتظاهرين"..
وشدد على أن النظام السياسي العراقي "يقوم على الالتزامات الدستورية".. نافيا وجود أي معتقلين دون محاكمة رغم أنباء عن وجود عدد غير معروف من المعتقلين في العراق من قبل جماعات حقوقية.
واضاف "لايوجد أي معتقل في أي سجن دون أمر قضائي.. وحتى تمديد فترات الاعتقال يجب أن يعرض على القضاء كما قمنا بتوفير كافة الضمانات اللازمة للمعتقلين" رافضاً الاتهامات حول سماح سجون العراق أو عناصر القضاء بتوجيه اتهامات تتعلق بحقوق الإنسان.
التعليقات