أعادت شركة مايكروسوفت حسابات البريد الإلكتروني وخدمة سكايب للفلسطينيين الذين تم حظرهم دون تفسير، بعد أن قاموا بالاتصال بأقاربهم في غزة.

وتحدثت هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي إلى ما لا يقل عن 20 فلسطينياً تعرضوا للحظر من خدمات شركة التكنولوجيا العملاقة، التي أخبرتهم أن القرار نهائي.

ويُعتقد أن العدد الإجمالي للمتضررين أعلى من ذلك بكثير.

وقال الفلسطينيون، الذين كانوا يتصلون بذويهم وأقاربهم في غزة عبر خدمة سكايب، إنهم تعرضوا إلى ما وصفوه بـ"تدمير حياتهم الرقمية"، بعد أن أغلقت شركة مايكروسوفت حسابات بريدهم الإلكتروني دون سابق إنذار.

وقالت شركة مايكروسوفت إنهم انتهكوا جميعاً شرطاً لم تحدده، لكنها تراجعت الآن عن القرار بعد تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية عن الحالات.

وقال متحدث باسم مايكروسوفت لبي بي سي إن تحقيقاً داخلياً أكد أن تعليق الحسابات كان بسبب أنظمة الكشف عن الاحتيال، لكن "المراجعة اللاحقة كشفت أنها نتائج إيجابية زائفة".

والنتيجة الإيجابية الزائفة هي عدم مطابقة شيء ما عن طريق الخطأ لمعايير معينة.

ولم تعتذر الشركة، لكنها قالت إنها تعمل على تحسين نظامها الذي حظر بشكل غير مفهوم من اتصلوا بغزة فقط باستخدام سكايب.

ولم تكشف مايكروسوفت عما إذا كانت المشكلة قد أثرت على آخرين خارج إطار الفلسطينيين الذين اشتكوا.

وحُظر بعض المستخدمين المتضررين من الوصول إلى حساب البريد الإلكتروني الرئيسي الذي استخدموه لأكثر من عقد من الزمان.

وقال إياد حمدتو، الذي يعيش في المملكة العربية السعودية: "لقد قتلوا حياتي على الإنترنت!".

وأضاف لبي بي سي: "لقد أوقفوا حسابي الإلكتروني الذي كنت أستخدمه منذ نحو عشرين عاماً، وكان مرتبطاً بكل أعمالي".

وقال أيضاً إن قطع خدمة سكايب كان ضربة كبيرة لعائلته.

تأثرت الاتصالات بشكل كبير في غزة منذ السابع من أكتوبر
BBC
تأثرت الاتصالات بشكل كبير في غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول

والآن يشعر حمدتو وآخرون بالسعادة باستعادة حساباتهم، لكنهم يقولون إن عملاق التكنولوجيا يجب أن يعتذر ويقدم تعويضات.

كان صلاح السعدي، وهو مستشار بيئي، عالقاً في الولايات المتحدة عندما بدأت الحرب، وخسر مقابلتين لوظيفة، وغاب عن حفل توزيع جوائز بسبب التعطيل المفاجئ لحسابه.

وقال إنه سعيد باستعادة حساباته ولكن "كنت أتحقق من بريدي الإلكتروني واكتشفت أنني فقدت فرصة للحصول على جائزة دولية لأنهم كانوا ينتظرون ردي".

وأضاف السعدي: "لقد فقدت فرصتين لوظيفة لأنهم أرسلوا لي دعوات لإجراء مقابلات، هل هناك ضمانات بأن الحساب لن يغلق مرة أخرى؟ إنه تجاهل لحياة الناس".

قبل تقرير بي بي سي، حاول المستخدمون استعادة حساباتهم من خلال جميع القنوات المتاحة ولكن دون جدوى.

وقال السعدي: "لقد ملأت نحو 50 نموذجاً واتصلت بهم مرات عديدة".

وكان الرد الذي تلقوه من مايكروسوفت عبارة عن بريد إلكتروني عام يفيد بأن حسابهم "أغلق بشكل صحيح بسبب انتهاك خطير لاتفاق خدمات مايكروسوفت".

وكان القاسم المشترك بين جميع الفلسطينيين المحظورين الذين تحدثت إليهم بي بي سي هو أنهم كانوا يستخدمون خدمة الاتصال عبر سكايب للتحدث إلى أقارب في غزة من الخارج.

وشنت إسرائيل هجومها على غزة، بعد هجوم عناصر من حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول على بلدات أسرائيلية، أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص بحسب السلطات الإسرائيلية. وتقول وزارة الصحة في غزة إن أكثر من 38 ألف فلسطيني قتلوا في الحرب المستمرة منذ عشرة أشهر.

وكثيراً ما يتم تعطيل أو إغلاق الإنترنت في غزة بسبب الحملة العسكرية الإسرائيلية، فيما تعتبر المكالمات الدولية العادية باهظة الثمن.

وقد أصبح الاشتراك المدفوع في سكايب أحد السبل للاتصال بالهواتف المحمولة في غزة بتكلفة أقل، لاسيما في ظل انقطاع الإنترنت، وأصبح بمثابة شريان حياة للعديد من الفلسطينيين.

وقال بعض من تحدثت إليهم هيئة الإذاعة البريطانية إنهم يشتبهون في أن عملاق التكنولوجيا كان يعتقد خطأً أنهم على صلة بحماس، التي تقاتلها إسرائيل، والتي صنفتها العديد من البلدان على أنها منظمة إرهابية.

وقال مصدر مطلع على التحقيق الداخلي لشركة مايكروسوفت، فضل عدم ذكر اسمه، إن الحظر لم يكن له علاقة بحماس، بل يبدو أنه جزء من مبادرة أوسع نطاقاً لمكافحة الاحتيال.

وكان خالد عبيد، أحد الحالات التي تحدث إليها بي بي سي، قد أعرب عن أنه فقد الثقة بشركة مايكروسوفت، بعد حظر اتصالاته من بلجيكا بزوجته وطفله في غزة.

وقال لبي بي سي: "لقد دفعت مقابل حزمة لإجراء مكالمات هاتفية، وبعد 10 أيام قاموا بحظري دون سبب"، مضيفاً أن "هذا يعني أن السبب الوحيد هو أنني فلسطيني، واتصل بغزة".