إيلاف من القاهرة: مفارقة لا يمكن وصفها من فرط التناقضات التي تحملها، هل يحتفل المصور الصحافي الفلسطيني محمود الهمص بأرفع وأعرق جائزة تصوير في العالم؟ أم يشعر بالحزن لأنه رصد المشهد بفلاشات الموت التي تطارد أهل غزة منذ تشرين الأول (أكتوبر) الماضي؟.

فقد فاز المصور الصحافي الفلسطيني في وكالة فرانس برس محمود الهمص السبت بالجائزة الذهبية (فيزا دور نيوز) للأخبار في مهرجان "فيزا بور ليماج" في بربينيان في فرنسا، وهي أعرق جائزة للمصورين الصحافيين في العالم، عن عمله في قطاع غزة.

وقال الهمص (44 عاما) الذي يعمل مع فرانس برس منذ 2003 "آمل في أن تقول الصور التي نلتقطها للعالم إن على هذه الحرب وهذه المعاناة لابد أن تتوقف"، وذلك في حوار عبر الفيديو مع المدير المؤسس للمهرجان جان-فرانسوا لوروا، تم بثه خلال تقديم الجائزة.

لم يتمكن من الحضور بسبب "الفيزا"
ولم يتمكن الهمص من الحضور الى بربينيان لتسلم جائزته بسبب تأخر إصدار تأشيرة الدخول. لكنه من المفترض أن يزور فرنسا خلال الأسابيع المقبلة، وفق ما أكد المعاون في رئاسة تحرير وكالة فرانس برس ستيفان آرنو الذي تسلم الجائزة نيابة عنه.

مرشح إسرائيلي للجائزة
وتضمنت قائمة المرشحين للجائزة الذهبية زيف كورين عن تغطيته لهجوم حماس على جنوب إسرائيل في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) الذي شكّل شرارة اندلاع الحرب، وكورونتان فوهلن لريبورتاج عن سطوة العصابات في هايتي، وجون مور لتغطيته الحرب على تجارة المخدرات في الإكوادور.

لم يتوقف محمود الهمص الذي يعمل في الأراضي الفلسطينية لصالح وكالة فرانس برس منذ 21 عاما، عن توثيق الحرب التي اندلعت إثر هجوم حركة حماس على إسرائيل في السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، رغم القصف وخطر الاستهداف والموت.

23 عاماً مصوراً
وقال الهمص "أمضيت طفولتي في غزة. وخلال 23 عاما من التصوير الصحافي، عايشت كل الحروب وكل النزاعات". وأضاف "لكن هذه الحرب مختلفة وغير مسبوقة منذ اليوم الأول".

وتابع "واجهت مع زملائي موقفا معقدا للغاية، من دون أي خطوط حمراء أو حماية لأحد. استهدفت مكاتب صحافيين يفترض أن يحيدوا في زمن الحرب".

وقال الهمص "قتل العديد من الصحافيين وأصيب آخرون. فقدت شخصيا العديد من الأصدقاء والأحباء. ولكننا كافحنا للحفاظ على سلامة عائلاتنا. وعلى الرغم من الخطر الدائم، واصلت تغطية النزاع لأنها رسالتي، الرسالة التي اخترتها عندما اخترت الصحافة كمهنة".

هذه الحرب يجب أن تتوقف
وأضاف الصحافي الفلسطيني الذي غادر قطاع غزة مع عائلته في شباط (فبراير) :"حافظت على هدوئي من أجل عائلتي ومن أجل إنجاز مهمتي حتى اللحظة الأخيرة. وآمل أن تنقل الصور التي نلتقطها رسالة الى العالم مفادها أن هذه الحرب والمعاناة الناتجة عنها يجب أن تنتهي".

وقال نائب مدير الأخبار في وكالة فرانس برس إيريك بَرادا، المسؤول عن قسم التصوير، "قام محمود وزملاؤه الصحافيون والمصوّرون في وكالة فرانس برس في قطاع غزة بعمل استثنائي على جميع الأصعدة رغم الظروف التي عاشوها مع عائلاتهم وأحبائهم. إنه عمل مذهل من كل النواحي، ويصعب تصديقه. وستبقى شهاداتهم للتاريخ".