شملت الدفعات الست من صفقة تبادل الرهائن والسجناء بين إسرائيل وحماس ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، الإفراج عن العديد من السجناء والمعتقلين الفلسطينيين، الذين تحدث بعضهم عن تفاصيل معاناة و انتهاكات وظروف صعبة عاشوها خلال فترة وجودهم في السجون الإسرائيلية.

وشملت الدفعة الرابعة من الصفقة، التي تم الإفراج عنها يوم السبت 1 فبراير/ شباط 2025، 18 سجيناً محكومين بالمؤبد، و 54 آخرين من ذوي الأحكام العالية، بالإضافة إلى 111 شخصاً من قطاع غزة تم اعتقالهم بعد 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

أحد هؤلاء المفرج عنهم، الذي اختار عدم الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، يروي لبي بي سي قصة اعتقاله من داخل مدرسة للنازحين في غزة، مروراً بتفاصيل احتجازه، وحتى لحظة الإفراج عنه عندما تم نقله في سيارة الصليب الأحمر.

وقال في بداية حديثه: "منذ لحظة اعتقالنا وحتى لحظة الإفراج عنا، كانت حياتنا مليئة بالإذلال والإهانة، دون أي احترام لكرامتنا".

معاناة خلف القضبان

فلسطينيون يتفقدون موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تابعة للأونروا تؤوي النازحين، وغزة، 6 يونيو، 2024.
Reuters

ويصف الفلسطيني المفرج عنه، لحظات اعتقاله الأولى مع أشخاص آخرين، قائلاً: "أخرجنا الجيش الإسرائيلي من المدرسة ونحن نرتدي ملابسنا الداخلية، بعد أن قاموا بتطويق المكان وأبقونا محاصرين داخل المدرسة التي كانت تؤوي النازحين ولم يكن بها أي مسلحين".

ويضيف: "أدخلونا إلى غرف أشبه بالزنازين وبدأ الضرب والتعذيب منذ دخولي، وانهال عناصر الجيش بالضرب على رأسي بالسلاح، وبأحذيتهم، بهدف انتزاع اعتراف بانتمائي لجماعات مسلحة".

ويشير إلى أنه بالرغم من تأكيده على أنه مجرد موظف حكومي، هدده أحد الجنود بأنه لن يخرج من السجن إلا بعد خمسة عشر عاماً حسبما قال لبي بي سي.

ويؤكد الفلسطيني المفرج عنه تعرضه المستمر "للضرب والإهانات والشتائم"، ويشير إلى أنه عند وصولهم إلى معبر إيريز، "تم تكبيل المعتقلين وإجبارهم على الركوع على ركبهم، مع تكبيل أيديهم وتغطية أعينهم، كما أجبروهم على وضع رؤوسهم على الأرض، ليبقوا في هذه الوضعية طوال الليل".

ويضيف أنه كان يصعب عليه الحصول على إذن للذهاب إلى دورة المياه رغم معاناته من مشكلة صحية في البروستاتا، وعندما يُسمح له، كان يُجبر على "التعري أمام الجنود"، كما يروي لبي بي سي.

وبحسب أرقام نادي الأسير الفلسطيني، يبلغ عدد السجناء والمعتقلين الفلسطينيين، أكثر من 10 آلاف شخص حتى مطلع 2025، يقبعون في ثلاثة وعشرين سجن ومركز توقيف وتحقيق.

وقال نادي الأسير الفلسطيني إنه "تم تهديد العائلات بعدم الاحتفال بخروج أبنائهم أو رفع أي راية، مع التهديد بقصف أماكن التجمعات"، موضحاً أنه تابع "التهديدات منذ بدء صفقة التبادل"، ومؤكداً أن إسرائيل "تستهدف ضرب رمزية الأسير الفلسطيني في الوعي الجمعي الفلسطيني".

وقال مدير مكتب إعلام الأسرى التابع لحركة حماس، أحمد القدرة إن "حالة الأسرى تكشف حجم الانتهاكات التي تعرضوا لها"، داعياً المجتمع الدولي إلى الاعتراف بحقهم في الحرية والكرامة" بحسب بيان للمكتب.

"أساليب التعذيب"

أشخاص ينقلون مريضًا أثناء استقبال السجناء الفلسطينيين بعد إطلاق سراحهم من سجن إسرائيلي، في خان يونس بجنوب قطاع غزة، 8 فبراير، 2025.
Reuters
أثناء استقبال الأسرى الفلسطينيين المحررين من سجون إسرائيل في خان يونس، جنوب غزة، 8 فبراير/شباط 2025.

وأوضح الفلسطيني المفرج عنه ضمن صفقة التبادل لبي بي سي، أن "كل مرحلة من مراحل الاحتجاز تتضمن نوعاً خاصاً من التعذيب"، مشيراً إلى أن الوجهة التالية له بعد احتجازه، كانت داخل ما وصفها بـ"البركسات"، حيث تعرّض لـ"الصعق بالكهرباء في وجهه ومناطق حساسة"، ويضيف إنه "عند وصوله، قام الجنود بتسجيل معلوماته وسألوه عن حالته الصحية"، إلا أن ذلك كان مجرد إجراء شكلي، إذ لم يتم مراعاة وضعه الصحي ومعاناته من أمراض مزمنة، على حد وصفه.

وأشار إلى أنه تعرض للتعذيب عن طريق "الشبح"، إذ قال إنه تعرض لتعليق يديه في السياج لمدة ساعتين، وتمّ ضربه ما أدى إلى تمزقات في يديه، ويضيف أنه حالياً لا يستطيع رفع يديه بالكامل نتيجة التعذيب الذي تعرض له.

وأضاف أنه في غرفة التحقيق، تم إجبارهم على "ارتداء حفاظات لمنعهم من طلب الذهاب إلى دورة المياه"، وأوضح: "تعرضت للإغماء نتيجة الضرب المبرح على منطقة حساسة، ما جعلني غير قادر على الذهاب إلى دورة المياه لمدة 20 يوماً".

ويقول المفرج عنه إن المياه كانت متوفرة لمدة ساعة واحدة فقط يومياً، بينما كانت الغرفة التي احتجز فيها تضم ما لا يقل عن خمسة عشر شخصاً، يتقاسمون ثلاث وجبات فقط، تتكون من "الأرز والعدس والفاصوليا النيئة".

"خرجنا بإعاقات"

إطلاق سراح سجناء فلسطينيين وسط هدنة بين إسرائيل وحماس، غزة – 01 فبراير /شباط 2025
EPA
إطلاق سراح سجناء فلسطينيين وسط هدنة بين إسرائيل وحماس، غزة – 01 فبراير /شباط 2025

ويستدرك: "كنا نعد أنفسنا للموت، متوقعين أن يُلقوا بنا داخل الأكياس السوداء، لأن حياتنا كانت مليئة بالعذاب والإهانة".

ويضيف: "كل ما كنا نفكر فيه هو كيف ننجو ونخرج أحياء. وبعد الإفراج عنا، خرجنا بإعاقات".

وأشار المفرج عنه الذي تحدث إلى بي بي سي أنه تلقى خبر مقتل 25 شخصاً من أفراد عائلته فور خروجه، كما تم تدمير منزله في غزة.

ويختتم حديثه مع بي بي سي بقوله: "لا أحد يستهين بسجين، سواء كان ليوم أو 20 عاماً".