القصف يقترب خطوة أخرى من بيروت
أعمال الإنقاذ تتواصل في الشياح

سمير عيتاني من ضاحية بيروت الجنوبية: من جنوب نهر الليطاني تأتي اخبار منع التجول الذي فرضه الجيش الاسرائيلي، ضرب الطرق واصطياد السابلة والعابرين، وضرب كل ما يتحرك على الارض، عبر الطائرات الاستطلاعية، ومن الضاحية لا يمكن فهم ما الذي ارتكبه سلاح الجو الاسرائيلي ليل الاثنين الثلاثاء، حين اغار على طرف الضاحية الجنوبية في منطقة الشياح.

ثلاثة مباني ضربت ليل امس، كانت مجموعة من الشبان تسهر ليلا بمواجهة المبنى الذي انهار بكامله، اي في وسط ضربة الطيران، وككل يوم يتواجد مئات الاشخاص في الحي الذي لم يخله اهله في الضاحية كما كل منطقة الشياح التي لم تصبها اية غارة سابقة، ولا القت الطائرات سابقا منشورات تحذر السكان بضرورة اخلاء المنطقة.

في هذا الشارع من حي الشياح وقبيل الساعة الثامنة والربع ليلا كان المئات يتحولون بشكل طبيعي، لم تسبقه غارات قريبة، وعلى العكس شكل الحي ملاذا لمئات العائلات النازحة من مناطق اخرى في الضاحية الجنوبية لمدينة بيروت، ومن الجنوب اللبناني، واحتشد قرابة 500 عائلة في الطوابق السفلية من مبنى تجاري ضخم علىبعد مئة متر من مكان ضرب الطيران، وبحال احتساب العائلة (كمعدل ادنى) من خمسة اشخاص يمكن اعتبار ان quot;بيروت مولquot; التجاري ضم 2500 شخص عند الساعة الثامنة والربع من ليل الاثنين الثلاثاء.

الثامنة والربع، ينفجر اول صاروخ من الطائرات الحربية، اول القتلى هم مجموعة من الشبان يجلسون مقابل المبنى المستهدف، وسكان ثلاثة مبانى.اوسط هذه المباني انهار على من فيه، والى يمين المبنى انقصف مبنى اخر بالنصف تماما، جزء انهار باكمله، وجزء اخر تصدع وينتظر لحظة انهياره. ومبنى خلفي انهار فوق المبنيين.

عدد القتلى غير دقيق، تلتقي بمتطوعين من الدفاع المدني، يحدثونك عن استمرارهم بالعمل في رفع الانقاض منذ ليل امس، لم يغمض جفن لهؤلاء، الذين لا بد من الاشارة الى جرأتهم حيث تراكضوا بعد لحظات من الضربة الثانية للطائرات، وقبل ان يختفي صوت الطائرات الحربية من الجو، شرعوا يزيلون الانقاض ويبحثون عن الجرحى اولا.

الا ان المعلومات الميدانية تتضارب، يؤكد احد المتطوعيون انه تم الوصول الى ملجأ المبنى، حيث بعض الافراد من عائلات دهيني ورميتي وعبدالله والراعي ونجير، وانه تم الكشف على الملجأ ووجد خاليا، بينما يؤكد اخر وهو يقف قرب ما يفترض انه مدخل الملجأ، وقد غطى المكان الردم الاسمنتي، ويقول لـquot;ايلافquot; لم نتمكن بعد من تفحص الملجأ، هنا كان ثمة عائلات لاجئة، ولا يمكننا معرفة مصيرهم بعدquot;. وقرب هذا المتطوع تعمل اليات كاتبريلر لتزيل الاعمدة والاسقف الاسمنتية عن المكان.

بين حين واخر يعلو الصراخ بالمكان فتظهر اطراف جثة، يتوقف عمل الاليات الثقيلة، ويتم استخراج جسد طفل وامرأة على التوالي، ويستكمل العمل. ميدانيا لا يمكن احصاء عدد القتلى تحت الركام او الذين نقلوا الى المستشفيات. تختلط المعلومات، كل شخص يقدم لائحة نتردد في الاخذ بها لتضاربها مع اللواح التي يقدمها اخرون.

نبحث في محيط المكان، لا اهداف تابعة لحزب الله، لا اشارة الى اسلحة ثقيلة او غيره، المنطقة لا تحتسب ضمن المناطق التي يتواجد فيها الحزب، لا على المستوى القيادي ولا الامني ولا حتى بتأييد السكان، الولاء هنا لحركة امل الشيعية، التي لم تشارك فعليا في المعارك ولم تستهدف من قبل الجيش الاسرائيلي. ومحيط المنطقة ليس فقط مدنيا انما يعج باللاجئين من مناطق اخرى تعرضت لقصف مدمر.

في مبنى quot;بيروت مولquot; القريب وفي الطابقين الثالث والرابع تحت الارض المخصصين اصلا كمرآب للسيارات يجلس مئات من اللاجئين. quot;الاغلبية هجروا المكان نحو اماكن اخرىاكثر امناquot; تقول شابة قادمة من quot;حارة حريكquot; (المربع الامني لحزب الله) ترفض الكشف عن اسمها. الاغلبية تسعى الى اماكن اكثر امنا مثل حديقة الصنائع في بيروت التي بدأت تنتشر فيها امراض معدية وخاصة بين الاطفال، بينما تنتظر بيروت بشوراعها الخالية من السيارات دورها في القصف بعد طول تحليق طائرات التجسس الاسرائيلية فوق مبانيها.