نصر جميل شعث من غزة: ما تزال المشاهد والصور الواردة من معبر رفح تجسّد معاناة إضافية
غزة يقتلها الحصار
إلى جانب ما يعانيه فلسطينيو قطاع غزة في الداخل. ويعد معبر رفح المنفذ البري الوحيد الذي يربط قطاع غزة بالعالم الخارجي. وهو بمثابة نقطة مرور للفلسطينيين الوافدين إلى القطاع أو المسافرين منه لأغراض إما تعليمية أو صحية أو تجارية، ونادرًا ما تكون ترفيهية. ويعجّ المعبر بآلاف المنتظرين على جانبيه المصري والفلسطيني. ولا توجد أي إهتمامات تذكر من الجانب المصري لتخفيف المعاناة.
في أثناء إغلاق المعبر، تصبح مدينة العريش المصرية مصيدة سياحية. إذ يضطر القادمون إلى القطاع أفرادًا وعائلات لإستئجار الشاليهات المقامة على شاطئ العريش بأسعار سياحية؛ ريثما يتم فتح المعبركل أسبوع أو أسبوعين لساعات تبدأ من الثامنة صباحًا وتنتهي عند الخامسة مساء، وغالبًا ما يكون ذلك يوم الخميس. وكان الأمن المصري منع تجمهر المنتظرين قرب بوابة المعبر خوفا من احتجاج آلاف الفلسطينيين على الأمن المصري ، وقد حدثت في السنوات الأخيرة إحتجاجات إستدعت تدخل الأمن المركزي وقمع المحتجين. وبعدها إتخذ الجانب المصري قرارًا بمكوث الفلسطينيين في مدينة العريش بعيدًا عن النقطة الحدودية. وأصدر أوامره لجهات السياحة في العريش بإستيعاب الفلسطينيين في الشاليهات والفنادق، وأمر أرباب السياحة بتحمل المسؤوليات الأمنية التي تقتضي حصول إدارة الفندق أو الشاليه على جوازات النزلاء أو صور عنها، خوفًا من نزوح بعضهم بإتجاه القاهرة.
عند المعبر ذاته، لا تقدّم مصر أي نوع من الخدمات الأساسية، لا توجد مرافق صحية ، مثل quot;الحمامات quot; لقضاء الحاجة، وذلك أبسط المطلوب! فضلاً عن الإهانات التي يتعرض لها الفلسطينيون والإبتزازات المادية، وهذا يشكل أحد الطباع التي باتت معروفة لدى العساكر المصريين.
ويحظر الأمن المصري وجود أي وسيلة إعلامية أو أي مظهر صحفي خوفًا من نقل الصورة وتشكيل رأي عام ضاغط وفاضح للممارسات والإهانات التي يتعرض لها الفلسطينيون. فالمنطقة - لولا كروم الخوخ التي زرعتها إسرائيل إبان وجودها في سيناء ndash; أشبه بثكنة عسكرية عاجة بأفراد الأمن المركزي المصري.
ولكل يوم يعيشه العالقون قصص لا تنتهي. ساعة الإخبار عن فتح المعبر يهرع الجميع بإتجاهه. وهنا تجعل اللحظة الحرجة من سيارات الأجرة المصرية مصائد للفارّين المفلسين من غلاء الفنادق والشاليهات الفاحش. عند بوابة المرور تعود الحياة موقتًا إلى المنطقة الحدودية، حيث يهرع الباعة الجوالون للمكان، وغالبيتهم من بدو سيناء ومن عشائر تنحدر من أصول فلسطينية تقيم في مدينة بئر السبع، ( البدو الذين إتهمهم السادات بالخيانة )، وبعضهم من مدن مصرية. فتلاحظ العديد من الصبية والرجال والنساء باعة المياه المعدنية والمشروبات والعصائر وعجوة التمر والحناء والفلافل وquot; كروت quot; المحمول والشرائح الفلسطينية والمصرية ، والملابس الداخلية النسائية والرجالية، والسجائر... كما تنشط سوق المال على المعبر نظرًا لحاجة بعضهم إلى تبديل الدولار الأميركي بالجنية المصري أو الشيكل الإسرائيلي.
وعلى الجانب الفلسطيني نجد، أيضًا، مئات بل آلاف المنتظرين يتدفقون ويتزاحمون ، لحظة إستلام سماعهم القرار العسكري أو الإداري الأسبوعي الذي تعلنه الجهات الفلسطينية المتنسقة بين الطرفين المصري والإسرائيلي لفتح المعبرلساعات محدودة، حيث الحالات الصحية المزمنة التي يتطلب تحويلها فورًا إلى مستشفيات مصر، مثلاً لمصابينبأمراض القلب والكلي والسرطانوغير ذلك. وقد شهد المعبر منذ إختطاف الجندي الإسرائيلي quot; جلعاد شاليط quot; من قبل حماس، العديد من حالات الوفاة لبعض المسنين والأطفال. وإعتبرتهم المنظمات والسلطة الفلسطينية شهداء الحصار.
إن ما يحدث على جانبي المعبر يظل هو القضية التي يشبعها الفلسطينيونبالوصف المأسوي؛ فيتحدثون عن رحلة العذاب وحالات الإنتظار والأوقات العصيبة. ويلعنون العرب والديمقراطية ومؤسسات حقوق الإنسان والمجتمع الدولي، ويرددون: quot; إن أصعب شيء rlm;في الدنيا هو الإنتظارquot;. rlm;