أسامة مهدي من لندن: حل بمدينة الموصل الشمالية العراقية اليوم وفد وزاري كبير برئاسة نائب رئيس الحكومة رافع العيساوي لمعالجة اوضاع المسيحيين في المدينة الذين يتعرضون لحملة تهجير كبيرة اضافة الى مناقشة الاوضاع الخدمية هناك .. بينما اعتبرت اللجنة العربية للدفاع عن حقوق الانسان الاعتداء على المسيحيين والأقليات في العراق اعتداءا على هوية وتاريخ وأصالة شعب العراق .. في وقت اكد برلمان كردستان الوقوف ضد الاعمال اللا انسانية التي يتعرض لها المسيحيون وطالب الحكومة الاتحادية بالقيام بواجبها لحماية ارواحهم وممتلكاتهم.

وبدأ العيساوي يرافقه وزيرا الدفاع والكهرباء ووكيلا وزارتي الصحة والاعمار ومسؤولين امنيين اجتماعات مع المسؤولين المدنيين والعسكريين في المدينة لبحث الاوضاع الامنية والخدمية وما تشهده المدينة من اعمال عنف استهدفت العائلات المسيحية فيها على الخصوص وادت الى هجرة اكثر من 1400 منها خلال الايام القليلة الماضية.

وكان مجلس الوزراء العراقي قرر إرسال وفد وزاري عالي المستوى الى الموصل للوقوف على الوضع العام واتخاذ الاجراءات اللازمة لوقف عمليات التهجير التي يتعرض لها المسيحيون والبدء بعمليات إغاثة فورية من خلال معونات ومساعدات للعوائل النازحة . وقال الناطق الرسمي بإسم الحكومة العراقية علي الدباغ أن مجلس الوزراء قد إستعرض في جلسته الإعتيادية هذا اليوم الأوضاع المؤلمة في مدينة الموصل وما يتعرض له المواطنون المسيحيون من تهديد وتهجير لدفعهم للنزوح من مناطقهم من خلال أعمال إجرامية وإرهابية.

وأضاف الدباغ أن مجلس الوزراء قد شدد على التحرك الفوري والسريع لدعم الجهد الأمني من خلال عمليات عسكرية وأمنية مكثفة تفرض القانون والأمن في مدينة الموصل وتطمئن المواطنين وكذلك إجراء تحقيق شامل وفوري للظروف التي أدت الى هذا الوضع المؤلم من خلال هيئة التنسيق الإستخباري والبدء بعمليات إغاثة فورية للعوائل النازحة من مساعدات ومعونات مالية لكل عائلة. وأكد الدباغ في بيان صحافي الى quot;ايلافquot; أن مجلس الوزراء قد قرر إرسال وفد وزاري عالي المستوى الى مدينة الموصل للوقوف على الوضع العام هناك وتم تخويله كل الصلاحيات المطلوبة.

وكان رئيس الوزراء نوري المالكي اعلن امس الاول اتخاذ الاجراءات quot;الفورية اللازمةquot; لاعادة المسيحيين الى الموصل بعد حركة نزوح جماعية شملت حوالى الف عائلة اثر تلقي تهديدات بوجوب المغادرة. وامر المالكي باجراء quot;تحقيق فوري حول اسباب هجرة عدد من العائلات المسيحية في الموصل واوعز باتخاذ الاجراءات الفورية واللازمة لاعادة العائلات المسيحية التي تم تهجيرها خلال الايام الماضيةquot;. وقال مسؤل أمني في مدينة الموصل أن العائلات المهجرة للطائفة المسيحية من داخل المدينة قد بلغ 1493 عائلة مسجلة رسميا لدى لجنة الهجرة والمهجرين.

وقد تعرض المسيحيون في الموصل لسلسلة من الاعتداءات ابرزها خطف اسقف الكلدان المطران بولس فرج رحو في شباط (فبراير) الماضي والعثور عليه مقتولا بعد اسبوعين في شمال الموصل. وتتعرض كنائس المسيحيين في العراق باستمرار الى اعتداءات ما ارغم عشرات الالاف منهم على الفرار الى الخارج او اللجوء الى سهل نينوى ومناطق اقليم كردستان العراق.

برلمان كردستان يؤكد وقوفه مع المسيحيين في مواجهة اضطهادهم

ناقش برلمان كردستان العراق في جلسة خاصة عقدها في مدينة اربيل عاصمة الاقليم اليوم الهجمة الارهابية التي يتعرض لها المسيحيون حيث اكد رئيسه عدنان المفتي الوقوف صفا واحدا وصوتا واحدا لادانة هذه الافعال اللا انسانية وطالب الحكومة الاتحادية بالقيام بواجبها وحماية ارواح وممتلكات المسيحيين. وشدد باسم برلمان اقليم كردستان على ادانة الهجمات الشرسة التي يتعرض لها المسيحيون . واوضح ان سلطات الاقليم ستبذل قصارى جهودها المادية والمعنوية quot;لحماية ارواح الاخوة المسيحيين في مناطق الموصل واعادة العوائل المهجرة الى اماكنها لتعيش حياتها بأمان واستقرارquot; .

وقال ان مثل هذه الافعال الارهابية والعنصرية قد ارتكبت في البصرة وبغداد ومناطق اخرى وكان اقليم كردستان دوما ملاذا آمنا للنارحين جراء التهديدات الارهابية على عكس ما يدعيه البعض. ومن جانبه اشاد رافائيل بنيامين رئيس اساقفة عنكاوة بدور برلمان كردستان لمواجهة الهجمات التي يتعرض لها المسيحيون في الموصل. كما اشار جورج منصور وزير الاقليم لشؤون المجتمع المدني الى حقوق المسيحيين والمكونات الاخرى في العراق واهمية تثبيتها في الدستور العراقي ودستور اقليم كردستان.

لجنة حقوقية عربية تدعو لموقف صارم ضد اضطهاد الاقليات

وعلى الصعيد نفسه قالت لجنة حقوق الانسان العربية ومقرها فرنسا انه quot;منذ بداية احتلال العراق لم يتمتع المسيحيون العراقيون بالأمن أو الحماية .. صحيح أن هذا وضع كل أبناء العراق وصحيح أيضا أن أقليات الأزيدية والشبك قد تعرضت لاعتداءات آثمة ومجرمة إلا أن الإستنزاف الذي تعانيه الأقلية المسيحية في العراق أصبح مستمرا وشبه منتظمquot;.

وبعد ان قدمت استعراضا للعمليات المسلحة ضد المسيحيين خلال السنوات الخمس الماضية اشارت اللجنة في بيان ارسلت نسخة منه الى quot;ايلافquot; اليوم ان ما يلفت النظر في هذه الأحداث الأخيرة أن القاعدة أدانتها كذلك فعلت عدة منظمات إسلامية مسلحة. بحيث وجهت أصابع الإتهام لأطراف أخرى تقوم بذلك لغايات سياسية رخيصة. واضافت quot;هناك عدد آخر من عمليات الاغتيال طالت مسيحيين رصدتها اللجنة العربية ضمن عمليات الاغتيال السياسي غير الديني واستهداف العلماء في العراق. أدت كل هذه الأحداث إلى هجرة واسعة لمسيحيي العراق الذين يعتبرون أقدم جالية مسيحية في العالم. كان عددهم قد قدر في 1990 بمليون وربع المليون ي حوالي 3% من مجموع السكان. أما نسبة من هاجر منهم فتتجاوز 50%.

واعبرت اللجنة الاعتداء على المسيحيين والأقليات في العراق اعتداءا على هوية وتاريخ وأصالة شعب العراق quot;فهو الذي جمع في غناه الثقافي والديني والبشري واحدة من أغنى وأعرق الثقافات والحضارات الإنسانيةquot;. وقالت quot;نعتبر الإجراءات الحكومية ذر للرماد في العيون وتصريحات قوات الاحتلال جزء من الأزمة لا من الحل. وعليهquot; . وناشدت القيادات الروحية والسياسية اتخاذ موقف صارم من كل من يتعرض للمواطن العراقي أكان بسبب انتمائه الديني أو القومي أو المذهبي. واكدت ان اعتبار حق المواطنة دون أي تمييز هو الأساس الحقيقي لإعادة بناء العراق المدمر وللتخلص من الإحتلال وعقابيله ومن الفوضى العارمة. وشددت بالقول quot;لا بد في معركة المواطنة من وضع الميليشيات كافة تحت طائلة المحاسبة القانونية إنقاذا لوحدة العراق وتماسك مختلف مكوناته البشرية وإحقاقا للعدالةquot;.