يو اس اس كول تقرع طبول الحرب
لبنان يعود ربع قرن إلى الوراء

وسط خلافات داخلية وعربية... موسى في دمشق اليوم:
مشهد من الثمانينات... المدمرة كول قبالة السواحل اللبنانية
بلال خبيز: تتزاحم التطورات في لبنان وحوله، عشية حلول موعد القمة العربية المقرر عقدها، حتى الآن في دمشق. الولايات المتحدة الأميركية تبدي قلقها البالغ حيال استمرار التأزم في لبنان، وترسل المدمرة يو اس اس كول إلى الشواطئ اللبنانية، ومن المقرر ان تلحق بها المدمرة الهجومية يو اس اس ناسو التي ابحرت من الأطلسي في اتجاه الشواطئ اللبنانية ndash; السورية. الرسالة الرسمية الاميركية تقول ان مرابطة المدمرة على خط الأفق اللبناني ndash; السوري هو مثابة رسالة قوية لدعم الاستقرار.

لكن الطريقة الي يمكن من خلالها دعم الاستقرار، من خلال مرابطة البوارج الحربية على الشواطئ اللبنانية، ما تزال غامضة. خصوصاً وان فريق الموالاة اللبنانية الذي ستطاوله سهام المعارضة بسبب من القرار الأميركي، اعلن ان لا علم مسبقاً له بطبيعة التحرك الاميركي وخلفياته. اما حزب الله فأعلن بعد ساعات على الإعلان الاميركي، ان اهذا القرار يثبت ان المواجهة الفعلية، التي يخوضها الحزب، انما هي المواجهة مع اصحاب القرار في واشنطن.

وذهبت الصحف الموالية للمعارضة في لبنان إلى تذكير الأميركيين بتاريخ تدخلاتهم الفاشلة في لبنان في العام 1958 إثر قيام حلف بغداد واعلان الرئيس كميل شمعون يومها انحيازه لهذا الحلف في مواجهة مصر الناصرية، ومرة ثانية في العام 1982 اثر الاجتياح الإسرائيلي لبيروت في عهد الرئيس رونالد ريغان، حيث تعرض مقر المارينز في بيروت يومها للتفجير بشاحنة مفخخة ادت إلى مقتل اكثر من 240 جندياً وضابطاً، وقد اتهم عماد مغنية بالتخطيط لهذه العملية. وعلى الأثر انسحبت القوات الاميركية من لبنان، ليدخل مجدداً في طور من اطوار الحرب الأهلية امتد طوال عقد الثمانينات من القرن الماضي.

اليوم يتكرر المشهد على واجهة بيروت البحرية، وهو مرشح للتكرار على حدوده الجنوبية ايضاً، اما في الداخل فالحرب الاهلية الباردة باتت معلنة وواضحة المعالم لكل من يريد ان يدقق في الاوضاع الداخلية اللبنانية.

على الجبهة الجنوبية، يؤكد حزب الله ان الحرب الإسرائيلية على لبنان واقعة لا محالة، وثمة سيناريوهات باتت تنشر يومياً في الصحف العربية والعالمية حول شكل الحرب الإسرائيلية وميدانها. فمن معلومات تفيد ان الجيش الإسرائيلي سيلجأ إلى احتلال الشريط الذي ترابط اليوم فيه القوات الدولية في الجنوب، إلى معلومات اخرى تفيد ان ميدان الحرب الإسرائيلية هذه المرة سيكون بقاعياً، وعلى الحدود السورية ndash; اللبنانية مما يجبر سوريا على التدخل المباشر ويعرضها لضربة قاسية لا قبل لها بردها او تحمل تبعاتها.

اما على الصعيد الداخلي، فقد اجمع الفريقان المتخاصمان في لبنان على نعي المبادرة العربية وموتها السريري، واعاد الجنرال ميشال عون، في حديث تلفزيوني مع الزميل مارسيل غانم، الامور إلى ما قبل اعلان المبادرة العربية. فرفض تسهيل انتخاب الرئيس ميشال سليمان، واعتبره مرشح الموالاة، وعاد ليطالب بتمثيل المعارضة في اي حكومة مقبلة بحسب نسبة تمثيلها في البرلمان اللبناني، اي 45 بالمئة من المقاعد الوزارية. وفي الوضع العربي والإقليمي المحيط بلبنان، ثمة مرة اخرى غسل يد عربية واقليمية والأرجح دولية جامعة من سلوك دمشق وايران حيال الملفات الساخنة والملتهبة في المنطقة.

طبول الحرب تقرع مرة اخرى من كافة الاتجاهات في لبنان وعلى لبنان. ومرة اخرى يبدو البلد فاقداً لحصاناته الشرعية والدستورية والسيادية، مثلما كانت عليه الحال في العام 1982، ومرة اخرى ايضاً تواجه القوى المقاومة لإسرائيل والمشروع الاميركي عزلة دولية وعربية وانقساماَ لبنانياً حاداً حيال دورها واهدافها. كأن الزمن لم يمر على البلد، وكما لو ان التضحيات الجسيمة التي بذلها اللبنانيون ذهبت كلها ادراج الرياح.