إتهام الإخوان بمغازلة النظام لتراجعها عن المشاركة
قوى سياسية مصرية تدعو لإضراب عام يوم الأحد

كتب ـ نبيل شرف الدين: quot; يللا يا محمد يللا يا مينا، مصر مش هتتغير إلا بإيدينا quot;.. بهذا الشعار واصل نشطاء ينتمون إلى قوى سياسية شتى دعواتهم إلى العصيان المدني ، الذي يبدأ بإضراب سلمي عام يوم غد الأحد السادس من نيسان ( أبريل ) المقبل، بأن يمتنع الناس عن الذهاب إلى أعمالهم، والبقاء في المنازل من دون صدام مع السلطات، ورفع رايات سوداء على الشرفات، كما يقول الداعون إلى هذا الإضراب في معرض خطابهم الموجه للمصريين quot; إنها البداية لمعركة وطنية تدافع فيها عن أهلك وشعبك وبلدك ومستقبل أولادك وخيرات وطنك، فالدعوة ليست ملكا لجهة أو حزب أو جماعة أو أيديولوجية معينة أو طائفة أو مذهب quot;، كما ورد في إحدى الرسائل الإلكترونية التي يجري تداولها على نحو واسع عبر الإنترنت، وهو الأمر الذي لقي تشجيعاً من قبل تيارات سياسية من مشارب شتى، لفكرة تواصل هذه الأجيال الجديدة مع الشأن العام .

أما الداعون إلى هذا الإضراب فهم قوى وأحزاب متباينة التوجهات، منها حزب العمل (الإسلامي) المجمد، والحركة المصرية من أجل التغيير المعروفة باسم (كفاية) وحزبا الكرامة (ناصري) والوسط (إسلامي) وكلاهما تحت التأسيس، وحركة quot;موظفي الضرائب العقاريquot;، وعمال غزل المحلة ونقابة المحامين وحركة أساتذة الجامعات، و جماعة quot;الإخوان المسلمين، إلا أن الأخيرة هذه عدلت عن موقفها وأعلنت فجأة عدم المشاركة في هذا الإضراب، وساقت عدة مبررات لموقفها، قائلة إنها لا تعرف أهداف هذا الإضراب ولا وسائله، وأنهم ضد الفوضى، وهو ما أثار ضد الجماعة انتقادات حادة بأنها تغازل النظام .

وانتقلت المعركة إلى شبكة الـ (face book) الشهيرة، فمقابل عدة مجموعات مؤيدة لفكرة الإضراب، ظهرت مجموعة رافضة باسم quot;هنشتغل وهنبني مصر، مفيش إضرابquot;، واحتدمت المواجهات بين الجانبين، دعاة الإضراب ومن يرفضونه ووصل الأمر إلى حد تبادل الملاسنات والسباب، والمثير في الأمر أن هذه المجموعة الرافضة للإضراب تتصدّرها صورة لنجل الرئيس المصري جمال مبارك، أمين لجنة السياسات في الحزب الوطني (الحاكم)، ولديها رابط يؤدي إلى مجموعة أخرى تحمل اسم quot;نعم لجمال مباركquot;.

الإخوان والإضراب
وعزا محمود عزت، أمين عام مكتب الإرشاد، في تصريح نشر في موقع quot;إخوان أون لاينquot; أسباب عدم مشاركة الجماعة في الاعتصام إلى عدم تنسيق قوى المعارضة الأخرى معهم بشأن الاعتصام الذي يقام للتنديد بسياسات الحكومة الاقتصادية وموجة ارتفاع الأسعار الأخيرة .

وفي محاولة لفهم خلفيات ما يجري على الساحة يقول مراقبون للشأن الداخلي في مصر إن هذا الموقف من قبل جماعة الإخوان المسلمين برفض المشاركة في الإضراب ليس جديداً عليها، فهي جماعة مركزية القرار، ولا تسمح لأعضائها إلا بالتصعيد المحسوب، وأنها في هذه المرحلة التي تخوض فيها مواجهة شرسة مع النظام على خلفية انتخابات المجالس المحلية، فإنها تريد أن تبعث برسالة إلى النظام مفادها quot;كفى، لن نشارك في التصعيد ضد السلطة، لكن عليكم أن توقفوا الاعتقالات والملاحقاتquot;، خاصة بعد أن كادت تصل هذه المواجهة لمداها الأقصى، ربما تطال الصف الأول من قادة الجماعة، الذين يتحاشى النظام عادة ملاحقتهم أو القبض عليهم .

وأصدر مهدي عاكف المرشد العام لجماعة الإخوان بياناً بشأن موقفها من إضراب السادس من أبريل انتقادات حادة، وبرزت داخل أوساط الجماعة أصوات أبدت استياءها لعدم تأييد الإضراب، كما اتهم نشطاء آخرون من اليساريين والقوميين جماعة الإخوان بأنها quot;بموقفها هذا تسهم في إجهاضِ حركة الشارع بتواطئها مع السلطة في منعطفات حاسمة من تاريخ البلادquot; .

ومضى منتقدو الإخوان قائلين إن quot;الجماعة تغازل النظام قبل الحكم في القضية العسكرية المتهم فيها 40 من قيادات الإخوان على رأسهم خيرت الشاطر النائب الثاني للمرشد العامquot; .

أما اللافت في هذا السياق فهو ما أبرزته صحيفة (الأهرام) الحكومية يوم السبت من تصريحات للمستشار خليل مصطفى في محكمة الاستئناف أن عقوبة الحبس تواجه المحرضين على الإضراب ومن يشاركون فيه بالامتناع عن أداء عملهمrlm;، إذ تنص المادة rlm;124rlm; من قانون العقوبات على معاقبة كل من امتنع عمدا عن تأدية واجب من واجبات وظيفته بالحبس مدة لاتقل عنrlm;3rlm; أشهر ولا تجاوز عاما ويضاعف الحد الأقصى للعقوبة إذا كان ترك العمل من شأنه أن يعرض حياة المواطنين أو أمنهم للخطر،rlm; كما ينص القانون على معاقبة من اشترك بطريق التحريض على الإضراب بضعف العقوبة السابقةquot;، والرسالة بالطبع واضحة .

كما تلقى عمال شركة غزل المحلة البالغ عددهم أكثر من 27 الف عامل بياناً يحمل عنوان (نداء من القلب إلى أولي الألباب) يحث العاملين على عدم المشاركة في هذا الإضراب المنتظر حتى لا تتكبد الشركة خسائر كبيرة، تمس مصالح العاملين وأرزاقهم .

رسائل ووسائل
وتلتقي حالة السخط والتذمر السائدة في أوساط الجيل الجديد من المصريين مع احتجاجات الطبقات الموسومة بالصمت تاريخياً في مصر، كالموظفين مثلاً، الذين ظلوا طوال قرون quot;أدواتquot; ممعنة في الطاعة لا تعرف التذمر ولا العصيان أبداً ، غير أن مياهاً ودماء كثيرة جرت في النيل، تبدلت معه أحوال وأوضاع كثيرة، ودخلت على المشهد وسائل جديدة أهمها الإنترنت التي لا يمكن أن تطالها اليد القوية للأمن.
ثمة رسائل ومعلقات ومنشورات تروج في أماكن شتى، تدعو إلى quot;إضراب عام سلمي في مصرquot;، وتطالب المتعاطفين معها باتخاذ وسائل بسيطة منها على سبيل المثال quot;أبعت رسائل لخمسة من أصحابك، ولو كل واحد بعت لخمسة أشخاص، في ظرف يومين البلد كلها حتعرف

بالموبايل .. بالإيميل، أو حتى الرسائل على الشات في قنوات التليفزيون، انسخوا رسالتنا وابعتوها تعليق على كل المقالات إللي بتقروهquot; .

أما الرسالة الأكثر تداولاً فتقول quot;اتفقت كل القوى الوطنية في مصر على أن يكون السادس من أبريل يوم إضراب عام في مصر، وفي هذا اليوم يطالب الداعون للإضراب باتخاذ التالي :
quot;خليك قاعد في البيت أو شاركنا في الميادين العامة
أوعى تنزل لكن شاركنا
ماتروحشي الشغل
ماتروحشي الجامعة
ماتروحشي المدرسة
ماتفتحشي المحل
ماتفتحشي الصيدلية
ماتروحشي القسمquot; .
وتبرز الرسالة المطالب المتوخاة من هذا الإضراب أو العصيان المدني قائلة :
quot;عايزين مرتبات تعيشنا
عايزين نشتغل
عايزين تعليم لأولادنا
عايزين مواصلات أدمية
عايزين مستشفيات تعالجنا
عايزين دواء لأطفالنا
عايزين قضاء منصف
عايزين أمن وأمان
عايزين حرية وكرامة
عايزين شقق للعرسانquot;
أما ما لا يريدونه من أوضاع وأحوال، فربما لا يقل في عدده وأهميته عما يريدونه :
quot;مش عايزين رفع أسعار
مش عايزين محسوبية
مش عايزين تعذيب في أقسام الشرطة
مش عايزين أتاوات
مش عايزين فساد
مش عايزين رشاوي
مش عايزين اعتقالات عشوائية
مش عايزين تلفيق قضاياquot;