خلف خلف من رام الله: تواصل إسرائيل استعداداتها العسكرية على الأرض وفي الفضاء، فبعد أن أجرت قبل نحو أسبوعين مناورة عسكرية هي الأكبر في تاريخها، فحصت خلاله جبهتها الداخلية أمام هجمات كيماوية ونووية. ستطلق يوم غد الخميس قمرها الصناعي الجديد من قاعدة كازخستان الجوية، وهو quot;عاموس 3quot; ليحل مكان quot;عاموس1quot; الذي أنهى مهمة دامت 12 سنة. وبداية العام الحالي أطلقت إسرائيل قمرًا اصطناعيًا تجسسيًا من الهند، سمي quot;تيكسارquot; أو quot;بولاريسquot;، وأبرز مهماته تتبع الأنشطة العسكرية الإيرانية، وهو قادر أيضا على بث صور من جميع أنحاء العالم، وفي ظروف جوية سيئة للغاية.

ويستشف من العديد من التقارير الإسرائيلية أن العمليات الإستراتيجية الأكثر نجاحًا للجيش الإسرائيلي في الفترة الماضية نفذت وفقًا لمعلومات جمعتها الأقمار الصناعية التجسسية، وأخرها قصف ما وصف بالمنشاة النووية السورية. كما تحدثت صحيفة يديعوت في تقرير لها نشر بتاريخ 7/مارس (آذار)/2008 عن تلقي رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت صوراً من أقمار التجسس حول كل مرحلة تطور في المفاعل النووي الإيراني في بوشهر.

وتعطي تل أبيب اهتمامًا كبيرًا للمجال الفضائي، وتنكب صناعتها الجوية منذ عقود بالتعاون مع العديد من الشركات المختصة على إجراء الدراسات والأبحاث في محاولة لتحقيق إنجازات خارقة في المجال التجسسي الفضائي، كون إرسال طائرة تجسس خارج حدودها يعتبر مسًا بسيادة الدول الأخرى ومغامرة كبيرة فيما إذا تم اكتشافها، في حين أن القمر الصناعي يمكنه القيام بالمهمة دون الإخلال بأي وثيقة دولة.
ومهمة الأقمار الصناعية التجسسية الإسرائيلية، عديدة، منها: مراقبة دائمة ومتصلة لجميع دول المنطقة، وجمع المعلومات الاستخباراتية عن أهداف تنتشر في منطقة الشرق الأوسط، وتوجيه الإنذارات حول أي إعادة انتشار أو تحريك للقوات العسكرية لدول المنطقة، وبخاصة سوريا وإيران.
ويعتبر الباحث الإسرائيلي إيتان بن -الياهو في دراسة إستراتيجية له عنوانها quot;أهمية الفضاء في ضوء وضع إسرائيل الاستراتيجي الجديدquot; أن ضرورات الوضع الأمني الإسرائيلي في ضوء الأخطار التي تحيق بإسرائيل واحتياجات الحرب الجديدة، وكثرة الأعداء الذين يناصبون إسرائيل العداء، كل أولئك يقتضي أن تستعمل إسرائيل القضاء من اجل صد جميع هذه الأخطار وتلبية الاحتياجات الأمنية الكثيرة. ويرى الباحث أن الدولة التي ليس لها اليوم حضور في الفضاء، لا تستطيع أن تسلك نفسها في سلك الدول المتقدمة.
وتل أبيب التي أعلنت عن نيتها دخول مجال الفضاء في الثالث عشر من أيلول 1988، أطلقت قمرها الصناعي الأول بعد ثلاثين سنة من إطلاق روسيا قمرها الصناعي الأول، quot;سبوتنيك الأولquot;. وهو ما مكنها من اكتساب الخبرة من تجارب الآخرين، واستغلت التقنية التي تطورت منذ ذلك الحين، وجهدت ألا نكرر الأخطاء التي ارتكبت سابقًا.
ولكن طموح الدولة العبرية في المجال الفضائي يعود لبداية الستينات، عندما نشط العديد من علمائها وأساتذتها الجامعين لجمع المعلومات وإجراء البحوث، وأسسوا عام 1963 اللجنة القومية لبحوث الفضاء، والتي تبعت آنذاك للأكاديمية الإسرائيلية للعلوم والإنسانيات، ومع نهاية الثمانيات، نضج المناخ العملي الخاص بتجهيز إطلاق أول قمر صناعي إسرائيلي، بعدما تم الإطلاع على تجارب الدول المتقدمة في هذا السياق كروسيا والولايات المتحدة
ويعدد آفي هار ndash; إيفن العقيد (احتياط) وترأس سابقًا إدارة وكالة الفضاء الإسرائيلية، المنتجات الفضائية الإسرائيلية، مشيرًا إلى أن أولها، قاعدة شبيط، ثم القمر الصناعي الأول أوفيك 1 أطلق عام 1988، وبعده بنصف سنة، أطلق أوفيك 2، ثم أوفيك 3 الذي مكث في الفضاء نحوا من خمس سنين ونصف سنة، وهو قمر صناعي للتصوير مطور، ويشبهه القمر الصناعي التجاري إيروس، الذي بني بعد ذلك.
وللمنتجات السابقة يضاف كذلك، أوفيك 5 هو القمر الصناعي العملياتي لجهاز الأمن الإسرائيلي وأطلق عام 2002، ومهمته جمع المعلومات الاستخباراتية، بالإضافة لقمر quot;تكساتquot; الخاص بالتعليم، وأطلق بمساعدة الروس عام 1998. أما الأقمار الصناعية الإسرائيلية المخصصة للتجسس، فهي خمسة، أولها: (إيروس 1) أطلق عام 2000، و(أيروس 2) وأطلق عام 2006، وأوفيك (5) أطلق عام 1995، وأوفيك 7 أطلق عام 2007، وأخبرًا القمر الذي أطلق بداية يناير/كانون الثاني 2008، والذي يسمى quot;تيسكارquot;.